أزمة روسيا وأوكرانيا.. أين تتجه أسعار النفط وما توقعات الخبراء وماذا عن العقوبات؟

أزمة روسيا وأوكرانيا.. أين تتجه أسعار النفط؟ وماهي توقعات الخبراء؟
أسعار النفط قفزت إلى مستوى قياسي جديد في 7 سنوات، بعدما أمرت روسيا بنشر قواتها في منطقتين انفصاليتين بشرقي أوكرانيا (الجزيرة)

توقع خبراء الطاقة والنفط أن ترتفع أسعار النفط إلى ما فوق 100 دولار للبرميل في وقت قريب، بدعم من عدة عوامل أبرزها التوتر الروسي الأوكراني، واحتمال فرض مزيد من العقوبات على موسكو، وزيادة الطلب العالمي على الطاقة بعد عودة النشاط الاقتصادي للدوران مع الرفع التدريجي للقيود المفروضة لمواجهة تفشي فيروس كورونا.

وقفزت أسعار النفط أكثر من دولارين الثلاثاء مسجلة مستوى قياسيا جديدا في 7 سنوات، بعدما أمرت روسيا بنشر قواتها في منطقتين انفصاليتين بشرقي أوكرانيا، في تصعيد لأزمة حذر زعماء غربيون من أنها يمكن أن تشعل حربا.

وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مساء الاثنين اعتراف بلاده باستقلال المنطقتين الانفصاليتين دونيتسك ولوغانسك.

وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت القياسي إلى 97.66 دولارا، وهو أعلى مستوى منذ سبتمبر/أيلول 2014، قبل أن تقلص بعضا من مكاسبها خلال تداولات اليوم.

ويأتي تأثير الأزمة الروسية الأوكرانية على أسعار النفط، من كون روسيا من أكبر منتجي النفط في العالم، وتهدد هذه التوترات إمدادات الخام. فروسيا تنتج أكثر من 10 ملايين برميل يوميا.

عوامل ارتفاع أسعار النفط

يقول الخبير النفطي الكويتي الدكتور أحمد بدر الكوح إن ما يحدث من توتر بين روسيا وأوكرانيا سيدفع بشكل كبير أسعار النفط إلى الاستمرار في الصعود، معتبرا أن روسيا تبقى مستفيدة من ارتفاع هذه الأسعار.

ويرى بدر الكوح في حديث للجزيرة نت أن ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية يرتبط أيضا بزيادة الطلب من جانب الاقتصادات العالمية تزامنا مع الرفع التدريجي للقيود بشأن مواجهة كورونا، وعودة النشاط الاقتصادي العالمي للدوران من جديد.

وقال أيضا إن إصرار منظمة أوبك وحلفائها على عدم زيادة الإنتاج في هذه المرحلة وقصور الاستثمارات وتمويل المشاريع النفطية سيؤديان بدورهما إلى ارتفاع الأسعار.

لكنه رأى أن من مصلحة مجموعة أوبك بلس أن تستمر عند هذا المستوى من الإنتاج، مع إعطاء السوق إشارات مطمئنة بأن المنظمة وحلفاءها مستمرون في نهجهم لتوفير النفط للعملاء.

عودة النفط الإيراني

وتوقع الكوح في ضوء هذه العوامل أن ترتفع أسعار النفط إلى أعلى من 100 دولار للبرميل، برغم الحديث عن احتمال عودة تدفق النفط الإيراني مع بوادر قرب التوصل إلى حل للملف النووي.

واعتبر الكوح أن عودة تدفق النفط الإيراني سيؤثر نفسيا على المتعاملين في الأسواق أكثر مما يؤثر فعليا على أرض الواقع، لأن النفط الإيراني سيتدفق بشكل تدريجي وليس دفعة واحدة في حال إيجاد حل للملف النووي وما يرافقه من رفع للعقوبات.

وأكد وزير الدولة النيجيري للبترول تيميبري سيلفا الثلاثاء أنه لا حاجة لقيام مجموعة أوبك بلس بزيادة إنتاج النفط الآن، في وقت تترقب فيه المجموعة اتفاقا محتملا بين إيران والقوى العالمية من شأنه إتاحة المزيد من الإمدادات.

وقال سيلفا -على هامش مؤتمر للدول المصدرة للغاز في العاصمة الدوحة- "ليس لدينا شيء استثنائي هذه المرة، لأننا نتوقع الكثير من الإنتاج".

وأضاف الوزير النيجيري "نتوقع مزيدا من الإنتاج إذا تم التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران".

ونقلت رويترز عن مصادر قولها، إن المحادثات غير المباشرة على مدى أشهر بين إيران والولايات المتحدة لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015، دخلت مراحلها الأخيرة.

وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب سحب بلاده من الاتفاق في 2018.

ومن شأن التوصل لاتفاق أن يمهد الطريق أمام إيران العضوة في منظمة أوبك لزيادة صادراتها النفطية، ما سيسهم في تخفيف ما يراه كثير من المحللين شحا شديدا في سوق النفط.

من جهته، توقع الخبير النفطي القطري محمد يعقوب السيد أن "ترتفع أسعار النفط فوق 100 دولار خلال فترة وجيزة، ربما خلال أسبوع أو أكثر من ذلك قليلا".

وقال للجزيرة نت إن الأسابيع المقبلة ستشهد اشتعالا لأسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية مع اشتداد التوترات الروسية الأوكرانية.

لكن الخبير القطري عبر عن أمله بأن تحل هذه المشاكل سريعا حتى تستقر الأسواق، لأن أي ارتفاع للأسعار سيؤثر سلبا على الاقتصاد العالمي الذي بدأ يتلمس طريق التعافي من تداعيات جائحة كورونا.

عقوبات على روسيا

ولم يستبعد السيد أن تؤثر العقوبات التي سيفرضها الغرب على روسيا على أسواق الطاقة العالمية، باعتبار روسيا أحد أكبر المنتجين والمصدرين للنفط والغاز في العالم.

وفرضت بريطانيا الثلاثاء عقوبات على 5 بنوك روسية و3 أفراد من ذوي الثروات المرتفعة بعد أن أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمرا بنشر قوات في منطقتين انفصاليتين بشرق أوكرانيا.

وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في خطاب أمام البرلمان "هذه هي الشريحة الأولى مما نحن مستعدون لفرضه".

من جهتها، قالت وزارة الخارجية البريطانية في بيان إن بريطانيا ستصدر تشريعا لمنع روسيا من إصدار ديون سيادية في أسواق لندن إذا لم تخفض تصعيدها في أوكرانيا، فاتحة الباب أمام فرض عقوبات في المستقبل.

وجاء في البيان "إذا لم تخفض روسيا التصعيد فإن المملكة المتحدة ستصدر تشريعا في القريب يمنع روسيا، ضمن خطوات أخرى، من إصدار ديون سيادية في الأسواق البريطانية".

من جانبها، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك الثلاثاء إن الدول الأعضاء في مجموعة السبع متحدون فيما يتعلق بفرض عقوبات على روسيا لاعترافها بمنطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا.

كما أعلن المستشار الألماني أولاف شولتز الثلاثاء أنه قرر تعليق المصادقة على تشغيل خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" مع روسيا ردا على اعتراف موسكو بالمنطقتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا، محذّرا من عقوبات إضافية محتملة.

وبشأن ما إذا كنا سنشهد ارتفاعا سريعا لأسعار النفط بالأسواق في ظل بدء تنفيذ الغرب لسلسلة عقوبات على روسيا، قال الخبير في شؤون النفط والطاقة عامر الشوبكي في حديث لشبكة الجزيرة "حتى مع تطمينات بقرب عودة الاتفاق النووي مع إيران فإنه بسهولة -وعند أي تطور أو انتظار لعقوبات قد تطال قطاع الطاقة- قد تصل أسعار النفط إلى 120 دولارا أو أكثر".

وتوقع بنك أوف أميركا ارتفاع خام برنت لمستوى 120 دولارا للبرميل منتصف هذا العام.

المصدر : الجزيرة + رويترز