استمرار الإضراب يربك الوضع الاقتصادي بالأردن وسط رفض رسمي لتخفيض المحروقات

أسطول شاحنات وصهاريج النقل البري بالأردن يبلغ نحو 21 ألفًا (الصحافة الأردنية)

عمّان- بدخول إضراب الشاحنات ووسائل النقل العام يومها العاشر وتوسعها بالمحافظات الأردنية، ترتفع خسائر القطاعات الاقتصادية المختلفة، وتتكدس الحاويات المستوردة بموانئ مدينة العقبة الساحلية (جنوب الأردن)، وسط حلول رسمية تلقى رفضا من قِبَل المضربين.

وتتكدس في ميناء الحاويات بمدينة العقبة الساحلية جنوب الأردن نحو 13 ألف حاوية محملة بالبضائع والسلع المختلفة، بحسب مختصين، في حين ارتفعت السعة التخزينية للحاويات بالميناء لـ80%، مما يهدد بتعطل سلاسل التزويد وارتفاع الكلف وشح المعروض في السوق المحلية، وسط حديث رسمي عن مخزون من المواد الغذائية المتنوعة يكفي لـ9 أشهر.

حلول رسمية لا تلقى قبولا

ويبدو أن الحلول الرسمية المقترحة لحل الأزمة بالتوافق مع النقابات العمالية المعنية بقطاعات النقل، لم تلق آذانا مصغية وقبولا لدى السائقين والعاملين بالنقل العام، ويتمثل المطلب الرئيسي للمضربين بـ"تخفيض أسعار المشتقات النفطية" خاصة مادة الديزل "السولار" الذي تعتمد الشاحنات وحافلات النقل العام عليه، والبنزين أوكتان 90 الذي تعتمد عليه سيارات النقل العام الداخلي.

وباستمرار الإضراب، تدخل الأطراف المختلفة مرحلة العض على الأصابع، وسط خسائر تتكبدها جميع الأطراف، سواء القطاعات المضربة بتوقف أعمالها، والجهات الرسمية بانخفاض العائدات الضريبية، ومالكي وسائل النقل والعاملين على خطوط النقل العام، وصولا لمستخدمي قطاع النقل العام من طلبة جامعات وموظفين وعاملين.

وتشكل المشتقات النفطية بحسب خبراء نحو 40% من كلف التشغيل لوسائل النقل العام المتنوعة، وشهدت أسعار مادة الديزل "السولار" ارتفاعا بنسبة 45% خلال العام الجاري، بعد ارتفاعها لـ8 ارتفاعات متتالية خلال 2022، بينما تم تثبيت الأسعار لـ4 أشهر مطلع العام، وارتفاع أسعار مادة البنزين أوكتان 90 بنسبة 12% خلال 2022.

بين إصرار المضربين والرفض الرسمي

إصرار المضربين على مطلبهم بتخفيض أسعار المشتقات النفطية، قابله رفض رسمي للتخفيض أو دعم المحروقات، لأن من شأن ذلك زيادة عجز الموازنة العامة ورفع المديونية، وقدمت الحكومة الأردنية دعما للمحروقات خلال العام الجاري بمبلغ 550 مليون دينار (774 مليون دولار)، ولا تملك القيام بذلك مجددا، بحسب تصريح لرئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة أمام النواب.

وتقترض السلطات الأردنية سنويا نحو ملياري دينار (2.8 مليار دولار) لتغطية الإنفاق الأساسي والنفقات الجارية، خاصة أن الفارق ما بين الإيراد العام، بالوعاء الضريبي المرتفع، وما بين الإنفاق العام الأساسي الذي تشكل فاتورة الأجور قرابة 70% منه، هو ملياران تستدينهما الحكومات لتغطية هذا العجز وذلك منذ سنوات، بحسب تصريحات الخصاونة.

ويزور وفد رسمي أردني يرأسه رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة السعودية لبحث سبل التعاون بين البلدين، ووعد الجانب السعودي بدراسة طلب الجانب الأردني باستثناء الشاحنات الأردنية المارة (ترانزيت) عبر الأراضي السعودية من شرط العمر التشغيلي المحدد بـ20 عاما.

تضرر القطاعات الاقتصادية

وبين مطلب المضربين ورفض السلطات، تدخل القطاعات الاقتصادية خاصة التجارية والصناعية منها دائرة خطر، بتكدس الحاويات في موانئ مدينة العقبة الساحلية المنفذ البحري الوحيد للأردن على البحر الأحمر، وتتعطل سلاسل التزويد ووصول المواد الخام والأولية والأساسية للقطاعات المختلفة.

وقال نقيب أصحاب شركات التخليص ضيف الله أبو عاقولة إن استمرار إضراب الشاحنات أدى لتكدس أكثر من 13 ألف حاوية محملة بالبضائع المختلفة، وارتفعت السعة التخزينية للميناء لـ80%، مما تسبب بخسائر اقتصادية للمستوردين، وتضرر قطاعات خدمية.

وأضاف أبو عاقولة للجزيرة نت أن من ضمن الحاويات المتكدسة بالميناء حاويات التبريد، ويصل عددها لـ536 حاوية مربوطة على التيار الكهربائي، تكلفة تبريدها وتخزينها بالميناء 75 ألف دينار يوميا (107 آلاف دولار)، مما يرفع من كلف التشغيل والنقل وتعرض مستورديها لخسائر إضافية.

وتنتظر الموانئ الأردنية قدوم نحو 20 باخرة محملة بـ13 ألف حاوية خلال الشهر الجاري، في حين تتسع ساحات الموانئ لنحو 25 ألف حاوية، مما يؤشر لخطر عدم وجود ساحات لتفريغ الحاويات الجديدة، بحسب أبو عاقولة.

خسائر القطاعات الصناعية

وتتحدث غرف الصناعة الأردنية عن خسائر بـ"الجملة" طالت قطاعات صناعية باستمرار الإضراب، خاصة أن توقف التخليص وشحن الحاويات المستوردة من المواد الأولية والخام يؤدي لـ:

  • تأخر العمليات التصنيعية، وبالتالي تأخر وصول المنتجات الأردنية للأسواق الخارجية، مما يفقدها العديد من عقودها الخارجية.
  • اضطراب سلاسل التوريد والإمداد.
  • إتلاف العديد من البضائع التي لا تتحمل طبيعتها العوامل الجوية، أو لها مدد صلاحية قصيرة على غرار المواد الغذائية والدوائية.
  • تحميل المصانع كلفا وخسائر إضافية، وتحميلها غرامات تأخير عن مواعيد تسليم الصادرات المحدد.
  • انعكاسها على أسعار السلع وتوافرها في الأيام المقبلة.
  • زيادة الكلف والخسائر على القطاع الصناعي جراء رسوم الأرضيات والغرامات في الميناء مع استمرار الإضرابات، إضافة لغرامات الاعتمادات البنكية والعطاءات.

ويرتبط القطاع الصناعي بشكل وثيق ومتكامل مع قطاع النقل بكافة أشكاله، البحري والجوي والبري، سواء من خلال نقل البضائع الوطنية للأسواق الخارجية، أو نقل البضائع الوطنية للسوق المحلية، ونقل المواد الخام المستوردة للمصانع المحلية، إضافة لنقل العمالة في المصانع من أماكن عملهم وإليها.

وبحسب أرقام وزارة الطاقة الأردنية فقد سجلت أسعار مشتقات نفطية انخفاضا بالأسواق العالمية في الأسبوع الأول من شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري، مقارنة مع معدلات أسعارها في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إذ انخفض سعر البنزين أوكتان 90 بنسبة 9.9%، وبنزين أوكتان 95 بنسبة 10.3%، والديزل "السولار" بنسبة 12.5%، والكاز بنسبة 11.9%.

وسجل سعر لتر الديزل في تسعيرة الشهر الجاري 89.5 قرشا (1.26 دولار)، وبلغت قيمة صفيحة الديزل الـ20 لترا 17.9 دينارا (25 دولارا) مسجلة ارتفاعا بنسبة 45% من بداية 2022، علاوة على فرض السلطات ضريبة مقطوعة على مادة الديزل (السولار) بواقع 3.3 دنانير (4.6 دولارات) للصفيحة الـ20 لترا.

ويبلغ أسطول شاحنات وصهاريج النقل البري بالأردن نحو 21 ألف شاحنة، بحسب أرقام وزارة النقل، منها نحو 60% عاملة بالنقل الداخلي والخارجي، ويقدر الفائض في أسطول النقل البري نحو 40%، مما يتسبب بزيادة المعروض وانخفاض أجور النقل بالمملكة.

المصدر : الجزيرة