الملايين من مقترضي الائتمان الأصغر معرضون لخطر الإفراط في المديونية

الإقراض الأصغر يعرف بمنح الائتمان بكميات صغيرة إلى الفقراء الذين يستبعدون عادة من الخدمات المصرفية التقليدية، نظرا لافتقارهم إلى الضمانات أو الوظائف.

ديون الفقراء
المقترضون المحرومون من الدخل يغرقون في الديون المفرطة بمستويات تنذر بالخطر (شترستوك)

أضعفت الأزمة التي تسببت بها جائحة كورونا حوالي 140 مليون من صغار المقترضين حول العالم، 80% منهم من النساء.

ويشير الإقراض الأصغر إلى منح الائتمان بكميات صغيرة إلى الفقراء الذين يستبعدون عادة من الخدمات المصرفية التقليدية، نظرا لافتقارهم إلى الضمانات أو الوظائف.

يقول الكاتب جوليان بواسو -في تقرير نشرته صحيفة "لوموند" (Le Monde) الفرنسية- إن الغضب، من آسيا إلى أميركا الجنوبية، يتصاعد ضد مؤسسات الائتمان الأصغر.

ففي تلال آسام، شمال شرق الهند، تظاهرت آلاف النساء أواسط يونيو/حزيران احتجاجا على الضغوط التي تُمارس ضد هياكل الإقراض الأصغر، ووصل الأمر ببعضهن إلى المطالبة بشكل رمزي من السلطات الإذن بقتل أنفسهن للهروب من دائنيهن بما أن الانتحار غير قانوني في البلاد.

وعلى بعد آلاف الكيلومترات، شمال قيرغيزستان، تحصنت عشرات النساء في أبريل /نيسان الماضي، بمبنى إداري ومعهن علب البنزين وهددهن بإضرام النار في أنفسهن، إذا لم يقدم لهن دائنوهن مهلة. وفي سريلانكا، نزلت أخريات الشوارع في مايو/أيار للمطالبة بمساعدة الحكومة ضد "عبودية القروض الصغيرة".

زادت الأزمة المرتبطة بوباء "كوفيد-19" من مخاطر الإفراط في المديونية التي تهدد 140 مليون مقترض صغير حول العالم، 80% منهم من النساء، ويقدر حجم الديون المستحقة بحوالي 124 مليار دولار.

تقول مارثا تشين، المؤسسة المشاركة لشبكة وييجو للعمال غير الرسميين "يعمل معظم مستخدمي الإقراض الأصغر في القطاع غير الرسمي، والذي كان الأكثر تضررا من الأزمة، فالمقترضون المحرومون من الدخل يغرقون في الديون المفرطة بمستويات تنذر بالخطر".

ضغوط على المقترضين

يضيف الكاتب أن ما يقرب من ثلث هؤلاء العمال أُجبروا على اقتراض الأموال من الأقارب أو مرابي القروض، أو حتى بيع الأراضي أو الأصول الأخرى لسداد ديونهم، حتى أن 43% منهم اعترفوا بأنهم خففوا من مصاريف استهلاكهم الغذائي.

تؤكد أنتونيك كونينغ، المتخصصة في الشمول المالي داخل المجموعة الاستشارية لمساعدة الفقراء في البنك الدولي، أن النساء هن الأكثر تضررا، لأنهن يعملن في قطاعات مثل الخدمات الشخصية أو البيع بالتجزئة، والتي أوقفت عمليات الإغلاق نشاطها، وقد أغلقت 43% من المشاريع الصغيرة التي تملكها نساء في أفريقيا جنوب الصحراء بشكل مؤقت، مقارنة بـ 34% من تلك التي يملكها رجال.

وحسب غونزاغ مونريال، المسؤول عن برامج الشمول المالي لآسيا وأميركا اللاتينية في بروباركو، وهي شركة تابعة للوكالة الفرنسية للتنمية "يختلف وضع المقترضين من بلد إلى آخر حسب التدابير التي تتخذها الحكومات، وتزداد الأمور صعوبة لأولئك الذين يعيشون في المراكز الحضرية التي أوقفت النشاطات فيها بسبب عمليات الإغلاق".

وتم الإعلان عن تأجيل سداد الديون في أكثر من 115 دولة، في ذروة الأزمة، عام 2020، لفترات تتراوح بين 6 و12 شهرا، تقول إيزابيل غيران، الباحثة في معهد البحث من أجل التنمية إنه "مع ذلك، لم يتم احترام هذه الآجال".

في الهند، تعرض العديد من المقترضين للمضايقة، رغم استفادتهم نظريا من تأجيل سداد الديون، وتؤكد كونينغ أن العديد من العملاء لم يستفيدوا من تأجيل سداد ديونهم لأنه لم يتم إبلاغهم بذلك.

ديون الفقراء
الأزمة المرتبطة بوباء كورونا زادت من مخاطر الإفراط بالمديونية مهددة 140 مليون مقترض صغير (غيتي)

لا وجود لإطار قانوني

يتناقض حال المقترضين مع وضع مؤسسات التمويل الأصغر، وبحلول نهاية عام 2020، استعادت هذه المؤسسات معدلات سداد تعادل تلك التي كانت قبل الوباء، حسب تصنيف نشرته المجموعة الاستشارية لمساعدة الفقراء وشركة الاستثمار "سيمبيوتيك" في أبريل/نيسان، ويمكن تفسير الصحة المالية الجيدة بالضغوط القوية التي تُفرض على المقترضين من أجل سداد ديونهم.

وفي حالة القروض الممنوحة لمجموعات التضامن، يأتي الضغط أيضا من الأقارب، وتكشف الأزمة كيف أن الصحة المالية لمؤسسات التمويل الأصغر أكثر أهمية من صحة المقترضين، ولا يوجد إطار قانوني لحماية المقترضين المثقلين بالديون، كما يلاحظ سوهيني كار، الأستاذ في كلية لندن للاقتصاد.

ويضم القطاع حصة متزايدة من الشركات الربحية، والتي تمثل 80% من السوق الهندية، وبعضها مدرج في البورصة، وتضيف الباحثة بمعهد البحث من أجل التنمية أن الإقراض الأصغر لم يعد مجرد أداة للخروج من الفقر، بل يستخدم للتعويض عن تدني الأجور ونقص الحماية الاجتماعية في البلدان الفقيرة.

ومنذ عام ونصف العام، تلقى السكان ذوو الوضع الهش القليل من الإغاثة أو لم يتلقوها على الإطلاق، وعام 2020، ارتفع إجمالي الديون المستحقة لمؤسسات التمويل الأصغر بشكل طفيف، وانخفض عدد المقترضين.

يتساءل الكاتب عما إذا كانت الجهات الفاعلة بالقطاع قد حادت عن مهمتها الأصلية المتمثلة في المساعدة المالية للفئات الأشد فقرا فـ "ينبغي عدم التعميم، لأن العديد من المؤسسات الكبرى، مثل لجنة بنغلاديش للنهوض بالريف، أو جمعية النساء العاملات لحسابهن بالهند، تواصل مهمتها ودعم عملائها خلال الأزمة" حسب تشين.

المصدر : لوموند