كيف تكيف المصدرون الصينيون مع وباء كورونا؟

مصنع لأجهزة التنفس الصناعي بالصين يسابق الزمن لتلبية الاحتياجات المحلية والدولية
الصين تكيفت مع الطلب على المعدات الطبية ونجاح الصادرات يرجع إلى قوة النسيج الصناعي (الجزيرة)

بعد ربيع عام 2020 الكارثي شهدت شحنات المعدات الطبية والإلكترونية في الخارج ارتفاعا مذهلا.

يقول الكاتب سيمون لوبلاتر في تقرير نشرته صحيفة لوموند الفرنسية (lemonde) إن الهدوء يسود مدينة ييوو الصينية -وهي أكبر سوق في العالم للسلع الصغيرة- في نهاية عام 2020، وفي ظل عدم تمكن المشترين الأجانب من الذهاب إلى الصين أصبحت الطرق شبه خالية.

لكن يي جينجو البالغة من العمر 31 عاما وصاحبة شركة متخصصة في إنتاج البراغي تستقبل المزيد من الطلبات عبر الإنترنت، وفي فبراير/شباط الماضي انخرطت في سوق المعدات الطبية، وما زالت تنشط فيه إلى الآن.

تعاملت الصين -وهي أول دولة ظهر فيها فيروس كورونا- بصرامة مع الوباء من خلال فرض إجراءات مشددة للسيطرة عليه، وفي الوقت الحالي لا تسجل البلاد سوى عشرات أو مئات الحالات في اليوم.

وفي غضون ذلك، توقفت الصناعة في البلدان الناشئة المهمة في سلاسل التوريد، مثل الهند.

أما الصين فقد استرجعت نشاطها نتيجة لذلك، وبعد انخفاض الصادرات بنسبة 20.7% في فبراير/شباط 2020 تمكن النشاط الصناعي الصيني من الانتعاش مرة أخرى منذ بداية الصيف، لينهي العام مسجلا مستويات قياسية، خاصة مع ارتفاع الصادرات بنسبة 21% في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

A woman wearing a mask is seen at a main shopping area, in downtown Shanghai, China, as the country is hit by an outbreak of a new coronavirus, February 12, 2020. REUTERS/Aly Song
الصين تعاملت بصرامة مع الوباء من خلال فرض إجراءات مشددة للسيطرة عليه (رويترز)

قوة النسيج الصناعي

بينما لا تزال بقية دول العالم مضطربة بشدة بسبب الوباء تكيفت الصين مع الطلب على المعدات الطبية والأجهزة المنزلية ومعدات الحاسوب، وإلى جانب السيطرة الفعالة على الوباء فإن نجاح الصادرات يرجع إلى قوة النسيج الصناعي الصيني والبنية التحتية الصلبة.

وينقل الكاتب عن يي جينجو أنه "عندما ظهر الوباء سألني العديد من معارفي في الخارج عما إذا كان بإمكاني مساعدتهم في شراء أقنعة، فقلت لنفسي حينها: بدلا من مساعدتهم على شرائها يمكنني صنعها بنفسي".

حصلت هذه الطبيبة السابقة في الجيش الصيني على تراخيص بسهولة، وساعدها والدها الذي يعمل في مجال العقارات الصناعية على إيجاد مستودع، ثم اشترت آلات وحولت عشرات من عمالها في مصنع البراغي قبل أن تبدأ العمل، وتقول بفخر "إجمالا، استغرق الأمر حوالي 3 أسابيع".

ارتفعت صادرات المعدات الطبية صينية الصنع بنسبة 42.5% بين يناير/كانون الثاني ونوفمبر/تشرين الثاني 2020 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019، كما زادت صادرات المنتجات الإلكترونية بنسبة 25% خلال الفترة ذاتها.

ويقول يين شينغمين أستاذ الاقتصاد الصناعي في جامعة فودان في شنغهاي "إن الصين تمتلك سلسلة إمداد قوية للغاية، يمكنها إنتاج أي منتج أو مكون، ويسمح لنا ذلك بالتكيف، ولدى العديد من الشركات الخاصة القدرة على تغيير إنتاجها بسرعة كبيرة، وحتى على تصنيع منتجات مختلفة لتلبية الطلب الجديد، هذه هي ميزة الصين".

وبينما تم التشكيك في مكانة الصين في سلسلة التوريد العالمية في ربيع عام 2020 حيث انضاف وباء فيروس كورونا إلى الزيادة المسجلة في التكاليف بسبب الحرب الاقتصادية الصينية الأميركية قلبت الصين هذا الاتجاه، ففي نهاية عام 2020 حصلت الشركات الصينية على حصة في السوق.

A truck loaded with containers leaves a port in Qingdao in east China's Shandong province Sunday, June 8, 2014. China says its export growth accelerated in May but imports dipped in a mixed sign for the world's second-biggest economy. Data released by the General Administration of Customs on Sunday showed exports rose 7 percent in dollar terms, up from a 0.9 percent increase in April and rather large slump in February and March. (AP Photo) CHINA OUT
المصنعون الصينيون يواجهون نقصا في الحاويات لإرسال منتجاتهم إلى جميع أنحاء العالم (أسوشيتد برس)

نقص في المساحة

ومع ذلك، فإن الأفق ليس واضحا تماما بالنسبة للمصدرين الصينيين، فالدولة ضحية لنجاحها نوعا ما، فمنذ مايو/أيار الماضي ارتفعت قيمة اليوان بنسبة 10% مقابل الدولار، مما زاد تكلفة الصادرات.

والأهم من ذلك أن المصنعين الصينيين يواجهون نقصا في الحاويات لإرسال منتجاتهم إلى جميع أنحاء العالم، فبما أن الصين تصدر أكثر وتستورد أقل تكاد الحاويات تنفد في الموانئ الصينية.

وفي مواجهة نقص المساحة المخصصة للنقل زادت تكلفة شحن الحاوية من شنغهاي إلى روتردام بنسبة 300% منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي وفقا لمؤشر الحاويات العالمي الصادر عن شركة دروري (drury) للدراسات، وقد أشار العديد من البائعين في سوق ييوو إلى هذه المشكلة، وبالإضافة إلى ذلك ليست جميع القطاعات معنية بهذا الازدهار.

وفي هذا الموقع الواسع -حيث تصطف المتاجر على مد البصر- سجل بائعو الألعاب والمقصات والأقلام والمناظير والأحذية والأشياء اليدوية مبيعات منخفضة أو معادلة لأرقام عام 2019، وتؤكد بائعة حقائب بعجلات على ذلك قائلة "بتنا نبيع 70% أقل من العام الماضي، اضطررنا لتسريح نصف موظفينا".

ولا يمتلك الجميع حظا أو جرأة يي جينجو منتجة البراغي التي تحولت إلى الاستثمار في المجال الطبي، وبفضل ذلك بدأ مصنع إنتاج البراغي انتداب عاملين جدد مرة أخرى، لتنهي العام بأكثر من 200 موظف، أي أكثر من العام السابق، في الوقت الذي يشغل فيه نشاطها الطبي أكثر من 100 شخص بعد 8 أشهر من إطلاقه.

المصدر : لوموند