حل المشاكل العميقة لأميركا بعيد المنال.. أقوى اقتصاد بالعالم لن يتعافى سريعا حتى بالعثور على لقاح لكورونا

Coronavirus one dollar bill with picture of G. Washington president with surgical mask
الاقتصاد الأميركي يحتاج إلى فترة للتعافي ترتبط مدتها بنسبة تحصين السكان ضد الفيروس (غيتي)

يرى الخبراء أن العثور على لقاح فعال للعلاج من فيروس كورونا ليس كافيا ليتعافى الاقتصاد وتعود الحياة إلى طبيعتها، فذلك يتطلب المزيد من الوقت.

في تقرير نشره موقع "فايف ثيرتي أيت" (Five Thirty Eight) الأميركي، قال الكاتبان أميليا تومسون ديفو ونيل بين إن الخبراء يعتقدون أن اقتصاد الولايات المتحدة قد يحتاج إلى 6 أشهر على أقل تقدير حتى يبلغ مستويات ما قبل الجائحة إذا أصبح غالبية السكان محصنين ضد الفيروس، أما إذا كانت نسبة السكان المحصنين أقل من ذلك، فإن الاقتصاد يحتاج إلى أكثر من عام من أجل أن يتعافى ويستعيد وضعه الطبيعي.

وفي استطلاع أعده الموقع ذاته بالشراكة مع مبادرة الأسواق العالمية في كلية بوث لإدارة الأعمال بجامعة شيكاغو، طُلب من 32 خبيرا تقديم توقعاتهم بشأن الفترة التي يحتاجها الاقتصاد الأميركي للتعافي من آثار جائحة كورونا إذا أصبحت نسبة من الأميركيين تتمتع بمناعة ضد الفيروس.

وحسب الاستطلاع، يتوقع الخبراء أنه إذا أصبح 25% من السكان محصنين ضد الفيروس، سيبلغ احتمال عودة إجمالي الناتج المحلي إلى مستويات ما قبل الوباء بنهاية يونيو/حزيران 2021 بنسبة 30%.

أما إذا شملت الحصانة 75% من السكان، فيعتقد الخبراء أن فرص عودة إجمالي الناتج المحلي إلى مستوى ما قبل انتشار الوباء في منتصف العام المقبل ترتفع إلى 65%.

وعلى أكثر الفرضيات تفاؤلا، أي أن يتمتع 75% من الأميركيين بحصانة كاملة ضد فيروس كورونا المستجد، فإن فرص عودة الناتج المحلي الإجمالي إلى مستوى ما قبل الجائحة بحلول نهاية عام 2020 لا تتجاوز 15% حسب الخبراء، وترتفع النسبة إلى 35% إذا مددنا الفترة إلى نهاية الربع الأول من عام 2021، وكل ذلك يعني ببساطة أن اكتشاف اللقاح لن يؤدي إلى حل المشاكل الاقتصادية العميقة التي تسبب فيها الوباء بشكل فوري.

حرب لقاحات كورونا الكبرى.. تعرف على أطرافها
العثور على لقاح فعال لعلاج كوفيد-19 ليس كافيا لتعود الحياة إلى طبيعتها (شترستوك)

تباطؤ التعافي

وفقا لتارا سينكلير الخبيرة الاقتصادية في جامعة جورج واشنطن، فإنه من المهم أن نأخذ بعين الاعتبار حقيقة أنه على الرغم من أن الجائحة كانت العامل الذي تسبب في الركود، فإن التعافي الاقتصادي سيستغرق بعض الوقت حتى في حال اكتساب الحصانة الجماعية، مضيفة أن الناس لن يعودوا مباشرة إلى الحياة الاقتصادية العادية.

وترى سينكلير أن المشكلة الحقيقية تكمن في الأضرار الاقتصادية التي خلفتها الجائحة لدرجة أنه من غير المحتمل أن يحدث انتعاش اقتصادي سريع، وذلك حتى بعد أن يبدأ خطر الفيروس في الانحسار.

لكن جوناثان رايت الخبير الاقتصادي في جامعة جونز هوبكنز، يعتقد أنه في حين أن بعض المستهلكين قد يكونون متحمسين للإنفاق، فإن الاقتصاد سيستغرق وقتا طويلا حتى يعود إلى حالته الطبيعية بعد فترات الركود.

فعلى سبيل المثال، قد يستغرق العاطلون عن العمل بعض الوقت للعثور على وظائف جديدة، إذا كانت الشركات التي تمكنت من تجاوز الأزمة غير راغبة أو غير قادرة على العودة إلى التوسع بسرعة مثل ما كانت قبل الركود.

تفاؤل بالانتعاش

أصبح خبراء الاقتصاد بمرور الوقت أكثر تفاؤلا بشأن انتعاش الاقتصاد، ومنذ آخر مرة سئل فيها الخبراء عن هذا الموضوع يوم 10 أغسطس/آب الجاري، ارتفع متوسط توقعاتهم لنمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي للربع الثالث من العام من 12.2% إلى 15.4%.

ويعتقد آلان تيمرمان الخبير الاقتصادي في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، أن الارتفاع الطفيف في توقعات خبراء الاقتصاد للناتج المحلي الإجمالي، وإن كان ضئيلا، كان جديرا بالملاحظة، ويشير ذلك إما إلى أن الاقتصاديين يعتقدون أن أسوأ ما في الأزمة قد انتهى، وإما أن الحكومة ستتدخل إذا بدأ الاقتصاد في التباطؤ من جديد.

 

WASHINGTON, D.C. - APRIL 22, 2018: An American flag flies over the south facade of the White House in Washington, D.C. Additional security fences and barriers were added along the south perimeter to prevent people from jumping the fence and entering the restricted White House grounds. The Secret Service tightened the security on the south side in 2017 by closing access to the entire fence line on the South Lawn. (Photo by Robert Alexander/Getty Images)
تأثير الانتخابات الأميركية على تعافي الاقتصاد يعتبر ضئيلا نسبيا مقارنة بالعوامل المحتملة الأخرى (غيتي)

الانتخابات والاقتصاد

لم تؤد معظم السيناريوهات المقدمة التي تتعلق بالانتخابات إلى تغير تصورات العديد من الخبراء، وقد كانوا أكثر ميلا للاعتقاد بأن نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأخير سيكون أقل بكثير إذا فاز ترامب بولاية ثانية ولم تتغير الأغلبية المهيمنة في الكونغرس مقارنة بفوز بايدن أو الديمقراطيين بالأغلبية في مجلس الشيوخ وبالرئاسة، كما اعتقدوا أنه إذا اعتبرت نتيجة الانتخابات غير شرعية من قبل غالبية البلاد ربما سيؤدي ذلك إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي.

ويعتبر تأثير الانتخابات ضئيلا نسبيا مقارنة بالعوامل المحتملة الأخرى. وعلى الجانب السلبي، لا يزال خبراء الاقتصاد يعتقدون وبشدة أن الافتقار المستمر لأموال التحفيز الإضافية من الحكومة الفدرالية سوف يتسبب في أضرار جسيمة للاقتصاد.

أما على الجانب الإيجابي، فهم يعتقدون أنه إذا تم الاكتفاء بالتعليم عن بعد إلى غاية أكتوبر/تشرين الأول  القادم، سيكون ذلك علامة على إمكانية احتواء الفيروس بما يكفي لتحسين مجالات الاقتصاد الأخرى أيضا.

وفي الوقت ذاته، إذا تمت الموافقة على لقاح كورونا من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية بحلول يوم الانتخابات، فهم يعتقدون أن هناك فرصة بنسبة 50% بأن يكون نمو الناتج المحلي الإجمالي أفضل بكثير من توقعاتهم الحالية.

وقد يبدو من المدهش أن حدثا بالغ الأهمية مثل الانتخابات الرئاسية سيكون له تأثير أقل بكثير على الاقتصاد من إعادة فتح المدارس أو تمرير الكونغرس لتحفيز مالي إضافي.

وقالت سينكلير إن خبراء الاقتصاد لا يعتقدون أن الرئيس يمتلك سلطة كبيرة على النمو الاقتصادي بشكل مباشر لأن الكونغرس هو من يقرر كيفية إنفاق أموال البلاد، وعلى الرغم من أن ذلك قد يكون مختلفا إلى حد ما في حالة الركود الناجم عن الوباء، فإنه من الصعب التنبؤ بالرئاسة التي ستنتج أرقام نمو أفضل.

وتقدم بعض هذه السيناريوهات لمحة عما قد يبدو عليه الوضع الاقتصادي في أواخر الصيف وأوائل الخريف بشكل أفضل من المتوقع، لكنها تخبرنا أيضا أن خبراء الاقتصاد أعطوا فرصة بنسبة 50% فقط لتحسن الاقتصاد بشكل كبير، وذلك في حال الموافقة على اللقاح في أسرع وقت ممكن.

المصدر : مواقع إلكترونية