فورين بوليسي: قروض صندوق النقد الدولي ترسخ الفساد أكثر في مصر

Central Bank of Egypt's headquarter is seen in downtown Cairo, Egypt September 18, 2018. REUTERS/Mohamed Abd El Ghany
قروض مصر من صندوق النقد الدولي ستساهم في تعزيز نظام السيسي وفقا لمجلة فورين بوليسي (رويترز)

لن تساهم القروض الأخيرة التي حصلت عليها مصر من صندوق النقد الدولي سوى في تدعيم ركائز نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي وترسيخ حكمه وفقا لمجلة فورين بوليسي الأميركية، وكان المجلس التنفيذي لصندوق النقد صوّت في 26 يونيو/حزيران الماضي بصرف 5.2 مليارات دولار إضافية من القروض لمصر.

وتؤكد المجلة أن هذه الأموال -التي تهدف رسميا إلى معالجة معضلات مصر الاقتصادية- ستستخدم أيضا لمكافأة من لا يزالون موالين للرئيس السيسي الذي أشرف نظامه على تعذيب آلاف السجناء السياسيين، من ضمنهم أميركيون، بحسب المجلة.

وتضيف أنه من الصعب جدا على الثورة المضادة والمستمرة ضد نظام السيسي أن تنجح، فيما يستمر "تواطؤ" الفاعلين الدوليين الذين يقدمون المليارات من المساعدات المالية لنظام ما بعد انقلاب يوليو/تموز 2013.

فبدلا من تعزيز الإصلاح الهيكلي للاقتصاد المصري سيزيد قرض صندوق النقد الدولي ترسيخ وحماية اقتصاد تهيمن عليه الأجهزة الأمنية والجيش والشركات المملوكة للدولة، فبعد وصول السيسي للحكم وانقلابه على محمد مرسي أول رئيس مصري منتخب ديمقراطيا دعمت دولتان خليجيتان -هما الإمارات والسعودية اللتان لا ترغبان في ظهور أي نفَس ديمقراطي بالمنطقة- ماليا نظام الانقلاب، وفق المجلة.

وأدى هذا الدعم حينها إلى إنقاذ اقتصاد مصر المتداعي وضمان بقاء نظام ما بعد الانقلاب، لتأتي قروض صندوق النقد الدولي حاليا -التي يبلغ مجموعها حوالي 20 مليار دولار منذ عام 2016- لتأدية الغرض نفسه.

Kristalina Georgieva, World Bank CEO and European candidate to become the new head of the IMF, attend a meeting with French Finance Minister Bruno Le Maire (not seen) at the Bercy Finance Ministry in Paris, France, August 23, 2019. REUTERS/Gonzalo Fuentes
يتوجب على كريستالينا جورجيفا فرض ضوابط جديدة أكثر شفافية فيما يتعلق بقروض مصر (رويترز)

اقتصاد فاسد

وتقول المجلة إن حازم الببلاوي -وهو شخصية مدنية رئيسية في النظام العسكري بمصر- يتبوأ الآن مقعدا في المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، مما يمنحه نفوذا "غير ملائم" لتحويل أموال الصندوق إلى حلفاء الأمس في الحكومة المصرية.

وتؤكد أنه بعد قرار إقالة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينة في مارس/آذار 2016 إثر كشفه عن فقدان مصر حوالي 76 مليار دولار بسبب الفساد ثم الحكم عليه بالسجن 5 سنوات لم تعد هناك عمليا أي وكالات إشراف مستقلة في مصر، ويعني هذا أنه لا يوجد أي ضمان تقريبا بأن مساعدات صندوق النقد الدولي لن تنتهي مجددا في أيدي "أباطرة الفساد".

وتضيف المجلة أنه لم يفت الأوان لتغيير المسار، حيث قدمت 8 منظمات حقوقية التماسا إلى صندوق النقد تطلب منه العمل على إنشاء آليات تضمن ألا ينتهي المطاف بقرض 5.2 مليارات دولار لمكافأة الموالين للسيسي، وأن يستخدم للأغراض المرسومة له بدعم النمو وتحسين الشفافية المالية وزيادة الإنفاق الاجتماعي.

كما أن المديرة العامة الجديدة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا المهتمة على ما يبدو بمحاربة الفساد يتوجب عليها -إن كانت فعلا جادة- أن تفرض ضوابط جديدة تتعلق بالحكامة والشفافية على القروض المتتالية الممنوحة لمصر.

وينبغي أن يترافق ذلك مع قرار استحداث وكالة مستقلة فعليا لمراقبة استخدام أموال صندوق النقد الدولي، ويمكن تحقيق هذا الهدف من خلال استعادة استقلالية الجهاز المركزي للمحاسبات، وإلغاء المرسوم التنفيذي الذي يسمح حاليا للسيسي بتعيين وعزل مديره.

وقد يشكل هذا القرار -بحسب المجلة- تغييرا جوهريا في قواعد اللعبة، ويرسل إشارة قوية إلى أنه لم يعد مقبولا أن تستخدم أموال صندوق النقد لدعم المستبدين.

كما يفترض أيضا أن تعيد مؤسسة بحجم صندوق النقد الدولي النظر -في الإطار ذاته- بشأن وجود حازم الببلاوي -الذي أشرفت حكومته على "مجزرة رابعة" والمتهم بالتورط في تعذيب سجناء، بينهم أميركي- في صفوف مجلسها التنفيذي.

المصدر : فورين بوليسي