ركود تجاري ومطاعم فارغة.. الحي الصيني في لندن ضحية شبح كورونا

الحي الصيني / لندن / بريطانيا / الجزيرة
الحي الصيني فقد 50% من رقم معاملاته خلال مدة لا تتعدى الشهر بعد تفشي كورونا (الجزيرة)

 الجزيرة نت-لندن

باتت بوابة الحي الصيني الشهيرة في العاصمة البريطانية لندن تفتقد لزوارها الذين كانوا يقفون بالطوابير لالتقاط صورة تذكارية أمام البوابة المنقوشة على الطراز الصيني وتعتبر المدخل الرئيسي للحي الذي تتركز فيه المحلات والمطاعم الصينية، هذه الأخيرة دخلت في حالة ركود منذ الإعلان عن تفشي فيروس كورونا المتجدد في الصين، وفرض قيود صارمة على العائدين من هناك إلى بريطانيا.

ولا تكاد تقترب من هذا الحي الواقع في قلب العاصمة لندن حتى تلاحظ أن الحركة الدؤوبة المعهودة في هذا المكان بالذات والرواج الذي لا يتوقف طوال أيام الأسبوع وفي كل الفصول قد تراجعا بشكل كبير، فلا السياح ينتظرون دورهم لالتقاط صورة في الحي، ولا وجود لطوابير من الزوار الراغبين في دخول أحد المطاعم الصينية.

في الأوضاع العادية، كانت عطلة نهاية الأسبوع تشكل فترة الذروة في هذا الحي الذي تعود على استقطاب 17 مليون سائح سنويا، ويضم بين شوارعه مئة مطعم تقدم مختلف أنواع الأكل الصيني.

ولم تفلح كل أعلام الزينة المعلقة في شوارع الحي والنقوش الصينية المرصعة بألوان مذهبة على واجهات المحلات في إخفاء حالة الترقب والأعصاب المشدودة التي تخيم على أصحاب المحلات وهم يشاهدون مداخيلهم في تراجع، ومنهم من يدفعون أكثر من 250 ألف دولار إيجارا سنويا على محلات غير كبيرة المساحة.

وتحول الحي الصيني -الذي من المفروض أن يعيش هذه الأيام أزهى فتراته على إيقاع الاحتفالات بالعام الصيني- إلى مكان يتحاشاه كثيرون باستثناء قلة قليلة ممن أظهروا تضامنا مع هذه المنطقة السياحية وتخطوا حاجز الخوف الذي بات يطوق الحي الصيني.

وعلى الرغم من أن بريطانيا أعلنت عن ثلاث إصابات فقط بفيروس كورونا -كلها خارج العاصمة لندن- فإن هذا لم يمنع من انتشار حالة من الخوف، ورغم تطمينات الهيئات الصحية البريطانية أنه لا خطر في زيارة الأماكن السياحية -ومنها الحي الصيني- فإنها لم تجد آذانا صاغية لدى سكان العاصمة الذين هجروا هذا المكان.

الحي الصيني تحول إلى مكان يتحاشاه الكثيرون خوفا من كورونا (الجزيرة)
الحي الصيني تحول إلى مكان يتحاشاه الكثيرون خوفا من كورونا (الجزيرة)

شبح كورونا
"إنه خوف من كورونا"، هكذا يرد لين تابي وهو يسير لأحد المطاعم في المنطقة، متحدثا للجزيرة نت بنبرة لا تخلو من حسرة عن افتقاد الحي نشاطه المعهود، وتراجع عدد الزبائن، موضحا أن الضربة القوية التي تلقاها الحي كانت بمناسبة الاحتفالات بالسنة الصينية خلال الشهر الماضي "كانت لدينا حجوزات كاملة لمدة ثلاثة أسابيع، تم إلغاء حوالي الثلثين منها مباشرة بعد انتشار الأخبار عن ظهور فيروس كورونا".

وتشير التقديرات الأولية الصادرة عن عدد من المؤسسات في الحي الصيني إلى أن الحي فقد 50% من رقم معاملاته خلال مدة لا تتعدى الشهر، خصوصا بعد أن هجر الجميع احتفالات العام الصيني رغم محاولات الكثير من الهيئات المدنية المناهضة للعنصرية المشاركة في الاحتفالات للتضامن مع أصحاب المحلات والعاملين فيها.

ولا يخفي مطعم "لي جي" -وهو أحد أكبر المطاعم في الحي- أن خسائره خلال الأيام القليلة الماضية قد فاقت 20 ألف دولار، بسبب إلغاء الحجوزات وتراجع عدد الزبائن.

ولا يعلم أصحاب المحلات كيف يمكن التعامل مع هذا الوضع غير المسبوق بالنسبة لهم باستثناء الانتظار "لا نملك سوى مراقبة الوضع والأمل في أن يتم علاج هذا الموضوع سريعا" يقول مين سو صاحب محل للمنتجات التجميلية الصينية، مضيفا أنه يتابع بحزن كيف أن عددا من المطاعم بدأت تفكر في تسريح عدد من العاملين ولو مؤقتا في انتظار عودة الأوضاع إلى طبيعتها.

المطاعم في الحي تراجعت مداخيلها نتيجة تراجع عدد الزبائن وإلغاء الحجوزات (الجزيرة)
المطاعم في الحي تراجعت مداخيلها نتيجة تراجع عدد الزبائن وإلغاء الحجوزات (الجزيرة)

حوادث عنصرية
رغم كل حملات التوعية التي تقوم بها السلطات البريطانية لعدم التهويل من فيروس كورونا فإن هذا لم يمنع من تسجيل العديد من حالات العنصرية في حق مواطنين آسيويين، خصوصا في القطارات.

وكتبت مييم آيي -وهي شابة آسيوية مقيمة في بريطانيا- على حسابها في تويتر ما حدث معها في القطار الذي كان مزدحما، فمع أن الكراسي عن يمينها وشمالها كانت فارغة إلا أن الركاب رفضوا الجلوس بجانبها بسبب ملامحها الآسيوية.

كما تم تسجيل حالة أخرى في القطار عندما سعلت سيدة بملامح صينية فصاح فيها شخص "لا تنقلي فيروسك اللعين إلى الناس، عودي إلى بلدك وانشري المرض".

هذه الحالات التي ما زالت فردية باتت مثيرة لقلق عدد من المؤسسات المناهضة للعنصرية، ومن بينها منظمة "تيل ماما" التي كتبت على صفحتها الرسمية في فيسبوك أن ما يحدث مع الآسيويين من ربطهم بفيروس كورونا هو أمر مستنكر، معربة عن تضامنها مع أصحاب المحلات الذين تضررت مصالحهم في الحي الصيني بسبب الخوف من الفيروس.

وجرى نفس الأمر على الصحفي البريطاني المخضرم جون سيبسون المعروف بأنه من قدماء الصحفيين في شبكة "بي بي سي" الإنجليزية، حيث كتب على حسابه في تويتر "الظاهر أن الناس يحاولون الابتعاد عن الحي الصيني خوفا من الإصابة بكورونا، يا لهم من حمقى، أنا في انتظار المساء لتناول وجبتي المفضلة في مطعمي الدائم داخل الحي".

ويبدو أن الحملة -التي يقودها عدد من المشاهير والإعلاميين البريطانيين لإعادة الحياة إلى الحي الصيني- لم تؤت ثمارها على الأقل خلال المدى القريب مع استمرار أخبار ارتفاع حالات الإصابات، في انتظار ما ستسفر عنه الأيام المقبلة. 

المصدر : الجزيرة