غيرة من نجاحه أم خشية عليه؟ دوافع غامضة وراء إقالة رئيس البنك التجاري الدولي بمصر

البنك حقق أرباحا بواقع 5 مليارات جنيه في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري (رويترز)

شهد القطاع المصرفي في مصر هزة اقتصادية عقب قرار إقالة رئيس البنك التجاري الدولي هشام عز العرب، وتسريب خطاب من البنك المركزي بشأن مخالفات في البنك.

وأحدث القرار صدى في البورصات العالمية، حيث انخفضت شهادات الإيداع الدولية للبنك بنسبة 17% في بورصة لندن أمس، قبل أن تعاود الارتفاع ظهيرة اليوم الجمعة.

وشكك مراقبون في دوافع القرار معتبرين أنه يدخل في إطار الصراع الدائر بين أجنحة في الحكم ومراكز قوى وتأثير، إذ يعد عز العرب من أنجح الشخصيات المصرفية، وقد أحدث نقلة في أداء البنك ونجح في اقتناص العديد من الجوائز الدولية.

وأرسل البنك المركزي المصري -أمس الخميس- خطابا إلى مجلس إدارة البنك التجاري الدولي (CIB) -أكبر بنك مدرج في البورصة بمصر- يطالب فيه بتنحية هشام عز العزب من منصبه رئيسا للبنك، وذلك وفقا لمجموعة من الملاحظات التي أوردها الخطاب.

وتداول مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي خطابا منسوبا للبنك المركزي، يتضمن الإشارة إلى "مخالفات جسيمة لأحكام قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي، إضافة إلى الضعف الشديد في إجراءات الرقابة على عمليات منح ومتابعة الائتمان ومصداقيتها وإهدارها جميع الأسس المصرفية".

ولفت الخطاب إلى وجود "قصور حاد في بيئة الرقابة الداخلية مما نتج عنه خسائر مالية ضخمة في البنك، الأمر الذي يشكل خطورة على البنك من تلك الممارسات والجرائم المالية والانحرافات عن العمل المصرفي الأمين".

وصباح أمس الخميس، أوقفت البورصة المصرية التداول على سهم البنك التجاري الدولي خلال التعاملات الصباحية للسوق، وانتظر المتعاملون بيان إفصاح من البنك على مدى الجلسة، إلا أن التعاملات انتهت دون صدور بيان توضيحي.

هبوط عنيف

ومع استمرار التعامل على شهادات الإيداع الدولية بالدولار في البورصات الأجنبية، هوت بشكل كبير شهادة إيداع البنك التجاري الدولي بنحو 17% دفعة واحدة خلال جلسة أمس الخميس ببورصة لندن، ليصل سعرها إلى 3.50 دولارات مقارنة بـ4.30 دولارات لسعر الفتح، قبل أن تعاود شهادة إيداع التجاري الدولي الصعود بنسبة 14% في منتصف تعاملات جلسة اليوم الجمعة، مرتفعة من هبوط قُدّر بنسبة 41% في مستهل تعاملات اليوم.

ومن بين المُقالين -بحسب مصادر مصرفية- عضو مجلس إدارة البنك عمرو الجنايني، وهو أيضا عضو اتحاد الكرة. وجرت إحالته مع رئيس البنك وآخرين للرقابة الإدارية، عقب تداول تسريب صوتي له ينتقد فيه عدم إلمام الرئيس عبد الفتاح السيسي بأوضاع كرة القدم، غير أن تقارير صحفية نفت صحة خبر إقالته.

ويحق لرئيس البنك المركزي إقالة رؤساء البنوك العامة والخاصة وأعضاء مجالس الإدارة، بموجب قانون جرى التصديق عليه مؤخرا.

وقال البنك التجاري الدولي في مصر -اليوم الجمعة- إن رئيس مجلس إدارته هشام عز العرب قرر ترك منصبه بشكل فوري، وذلك بعد تلقي البنك خطابا من المصرف المركزي لتنحيته.

رئيس مجلس إدارة البنك التجاري الدولي CIB المقال هشام عز العرب
مغردون انتقدوا إقالة هشام عز العرب (مواقع التواصل)

ومع الصدمة التي أحدثها قرار البنك التجاري الدولي، انتشرت على مواقع التواصل منشورات تشكك في وجود دوافع أخرى وراء القرار بخلاف المعلنة والمتضمنة وجود مخالفات مالية، في إشارة إلى أن عز العرب من الشخصيات "غير المرضي عنها من دوائر السلطة لأسباب غامضة"، كما أن الجنايني بات مغضوبا عليه عقب التسريب الصوتي.

وانتقد مغردون توقيت القرار وطريقة صدوره بما "أضر بصورة القطاع المصرفي دوليا كما أحدث زلزالا بالسوق المحلي، مما يسبب مخاوف للمستثمرين من مناخ الاستثمار بمصر ويدفعهم للإحجام بسبب مثل هذه القرارات الغامضة".

قرارات أخرى

ورأى مراقبون أن القرار يمهد لقرارات أخطر أفصحت عنها الحكومة من قبل، كالرغبة في دمج المصارف وتقليل أعدادها إلى أقل من 20 مصرفا، وإفراغ السوق المصرفي من البنوك الخاصة الناجحة لإفساح الساحة للمصارف الحكومية.

ويعد "التجاري الدولي" من أكبر البنوك في مصر، ويصفه محللون اقتصاديون بأنه واحد من أنجح البنوك منافسة للبنك الأهلي المملوك للدولة والمدعوم منها.

وحصل التجاري الدولي على جوائز عدة خلال السنوات القليلة الماضية، ومنها جائزة أفضل بنك في الأسواق الناشئة على مستوى العالم.

واعتبر مغردون أن إقالة رئيس البنك بهذه الطريقة المفاجئة ودون خطوات إجرائية حددتها القوانين، يناقض دور البنك المركزي الرامي للحفاظ على استقرار القطاع المصرفي لا التسبب في هزات فيه.

واعتبرت الأستاذة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية عالية المهدي "سبب الغيرة الشديدة من هشام عز العرب، أنه من أفضل قيادات البنوك في مصر، ولولاه لما أصبح البنك التجاري الدولي من أفضل بنوك مصر وحصل على جائزة أفضل بنك في الاقتصادات النامية".

 

وحقق البنك أرباحا بلغت 4.997 مليارات جنيه (الدولار يعادل 16 جنيها) خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، مقابل أرباح بلغت 5.35 مليارات جنيه في الفترة المقارنة من العام الماضي.

وخلال النصف الأول من العام الجاري، ارتفع صافي الدخل من العائد إلى 12.47 مليار جنيه، مقابل 10 مليارات جنيه في النصف الأول من العام الماضي.

ولدى البنك التجاري الدولي حيازات أجنبية كبيرة، وهو صاحب أكبر رأسمال سوقي في البورصة المصرية بفارق كبير عن أقرب ملاحقيه، بحسب ما أفادت به رويترز اليوم.

وقال تقرير البنك السنوي في 2019 إنه يشكل أكثر من 43% من مؤشر الأسهم القيادية "إي جي إكس 30".

المصدر : الجزيرة + رويترز + مواقع إلكترونية