المعادن النادرة.. سلاح الصين الجديد بالحرب التجارية

 شيماء جو إي إي-بكين

في خضم معركة الرسوم الجمركية المتبادلة بين الصين والولايات المتحدة، لوحت وسائل إعلام صينية بتقييد مبيعات المعادن الأرضية النادرة للولايات المتحدة في حال استمرت إدارة ترامب بفرض رسوم على سلع صينية.

فقد صرح المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية قاو فنغ في مؤتمر صحفي بأن الدول التي تقف في طريق تنمية الصين يجب ألا تتوقع الاستفادة من معادنها.

وقال "باعتبارنا أكبر مورد للمعادن النادرة في العالم التزمت الصين دائما بمبدأ الانفتاح والتعاون، لكن من غير المعقول وغير المقبول أن ترغب أي دولة في استخدام منتجاتنا من المعادن النادرة وتعمل في الوقت ذاته على قمع تنمية الصين".
 
أهميتها
المعادن الأرضية النادرة هي مجموعة من 17 عنصرا كيميائيا تستخرج من قشرة الأرض.

وتكمن ندرتها في محدودية الأماكن التي تستخرج منها، وقد تم اكتشافها لأول مرة في أواخر القرن الـ18 بالسويد.

وتدخل المعادن الأرضية النادرة في صناعات متعددة، من المنتجات الطبية كعقاقير علاج مرض السرطان إلى منتجات التكنولوجيا الفائقة والعتاد العسكري.

وتمتلك الصين أكبر مصانع لمعالجة المعادن الأرضية النادرة في العالم، وتأتي في مقدمة الدول القليلة المنتجة لهذا النوع من المعادن، حيث تحتكر قرابة نصف الاحتياطي العالمي للمعادن الأرضية النادرة، تليها البرازيل ثم فيتنام وروسيا مقابل 12% فقط في الولايات المتحدة.

ولا تملك هذه الأخيرة سوى منجم واحد في كاليفورنيا يصدر مستخلصات المعادن النادرة إلى الصين لتتم معالجتها هناك، ويعود ذلك للأضرار البيئية الناجمة عن عملية المعالجة والتي تحاول الولايات المتحدة تجنبها.

 
أداة ردع
يطلق على المعادن الأرضية النادرة اسم "فيتامين الكيمياء"، فبفضل خصائصها الكيميائية الفريدة تصبح الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية كالحواسيب والتلفاز والهواتف الذكية أخف وأصغر حجما وأكثر كفاءة، كما تعد السر في تطوير شاشات التلفاز وجعل الصورة أكثر صفاء ووضوحا.

وتعتمد شركة آبل الأميركية -شأنها شأن باقي شركات الإلكترونيات الأخرى- على المعادن الأرضية النادرة في تصنيع وتطوير الكاميرات والسماعات.

وقد صرحت الشركة بأنه من الصعب استعادة هذه المعادن من خلال إعادة التدوير بسبب وجودها بكميات صغيرة في المنتجات الأصلية.

وقال الباحث الصيني بالتكنولوجيا الفائقة جاو زي شون في لقائه مع الجزيرة نت "إن نقطة قوة الصين تكمن في منافستها بأرخص الأسعار في الأسواق العالمية وتتحمل الانبعاثات السامة لاستخراج المعادن الأرضية النادرة ومعالجتها".

وأضاف "ما تستورده الولايات المتحدة من المعادن النادرة لا يمثل سوى 10% من إجمالي صادرات الصين لهذه المعادن".

ويبدو أن بكين تدرك نقاط قوتها في الحرب التي تخوضها ضد واشنطن، فاحتمال أن تقيد الصين صادراتها من المعادن الأرضية النادرة يمثل ضغطا على الاقتصادين الأميركي والعالمي، لأهميتها في الصناعات التكنولوجية والعسكرية.

وقد أدى احتمال ارتفاع قيمة المعادن الأرضية النادرة بسبب الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم إلى ارتفاع ملحوظ في أسهم الشركات الصينية المعالجة لهذه المعادن، خاصة الشركة التي قام الرئيس الصيني شي جين بينغ بزيارة تفقدية إليها مؤخرا، حيث دعا إلى مزيد من الابتكار وتعزيز التطور التقني لزيادة القدرة التنافسية للشركات الصينية.

يشار إلى أن هيمنة الصين على كل من إنتاج المعادن الأرضية النادرة والاحتياطيات تسببت في مشاكل عدة بالماضي، حيث ارتفعت الأسعار العالمية عندما خفضت البلاد صادراتها في عام 2010 إلى 30 ألف طن، في حين بلغ مجمل الإنتاج 120 ألف طن.

المصدر : الجزيرة