خدعة الحد الأدنى للأجور.. هل تبخرت وعود السيسي؟

An employee counts Egyptian pounds at a foreign exchange office in central Cairo, Egypt, March 20, 2019. REUTERS/Mohamed Abd El Ghany
السيسي كان وعد برفع الحد الأدنى للأجور إلى ألفي جنيه (رويترز)

عبد الله حامد-القاهرة

أكد موظفون بجهات حكومية عدة بمصر -وعلى رأسها التعليم والصحة- أنهم لم يحصلوا حتى الآن على الحد الأدنى للأجور الذي جاء في وعد رئاسي بالتزامن مع الإعلان عن التعديلات الدستورية.

وقال معلمون بوزارة التعليم للجزيرة نت، إن رواتبهم لم تزد إلا بالعلاوة الاعتيادية السنوية، مع عشرات من الجنيهات تتفاوت من موظف لآخر، وبحسب موظفين بوزارة الصحة أكدوا بدورهم عدم حصولهم أيضا على الحد الأدنى للأجور.

وحدث الأمر نفسه في وزارات النقل والشباب والرياضة والثقافة، بحسب ما أفاد موظفون بهذه الوزارات.

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أعلن في أحد خطاباته قبل التصويت على التعديلات الدستورية في مارس/آذار الماضي، عن رفع الحد الأدنى للأجور إلى ألفي جنيه (الدولار بنحو 16 جنيها)، مضيفا في الخطاب نفسه "لا تفهموني خطأ" ثم ضحك ما أوحى بأنه يريد أن يقول إنها ليست "رشوة" مقابل التصويت إيجابا على تعديلات دستورية تمدد بقاءه في السلطة حتى عام 2030.

وعقب الإعلان عن الموافقة على التعديلات الدستورية قال السيسي إن المصوتين "جبروا بخاطره"، في إشارة لامتنانه لهم.

وكان من المفترض -حسب تصريحات المسؤولين- أن يحصل أقل الموظفين درجة بالدولة على الحد الأدنى للأجور بداية من السنة المالية الجديدة التي تبدأ في يوليو/تموز الماضي، وحينما حل الموعد المقرر وفوجئ الموظفون بالزيادة الاعتيادية السنوية وهي العلاوة المقررة سنويا بقيمة تتراوح ما بين 7% و10% من قيمة أساسي الراتب، قيل لهم من مديريهم إنه سيتم صرفها في سبتمبر/أيلول الماضي.

عجز الدولة
وجاءت الصدمة مع حصول الموظفين على رواتب الشهر الماضي قبل أيام دون زيادة، بحسب موظفين بعدة وزارات تحدثوا للجزيرة نت، ما أكد تكهنات سابقة بعجز الدولة عن تدبير المبالغ المعلن عنها.

وعزز من استبعاد حصول الزيادات أن الدولة عجزت عن تدبير الموارد المالية لمنح موظفي المعاشات الزيادات التي قررتها لهم المحاكم المصرية.

وعمّت البلاد خلال الأسابيع القليلة الماضية موجة احتجاج في ميدان التحرير بوسط القاهرة وعدد من المحافظات ضد ارتفاع تكاليف المعيشة، مع رفع الدعم الذي كان مقررا لمحدودي الدخل، ما دفع السيسي للإعلان عن إعادة ملايين المصريين لمنظومة الدعم التمويني، وخفض أسعار البنزين بقيمة ضئيلة أثارت السخرية.

وقالت تقارير رسمية إن نسب الفقر ارتفعت ليقع نحو ثلث السكان بالبلاد تحت خط الفقر، الذي حدّدته تقارير دولية قبل عامين بنحو 780 جنيها شهريا للفرد، ما يعني أن أسرة مكونة من أربعة أفراد تحتاج لنحو ثلاثة آلاف جنيه (أقل من مئتي دولار) شهريا، وهو ما لا يتم مع معظم موظفي مصر.

منشور لامتصاص الغضب
عمّمت وزارة المالية منشورا لجميع الجهات التي تدخل في الموازنة العامة للدولة والهيئات الاقتصادية والخدمية يشدد على أهمية الالتزام بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1627 لسنة 2019 الذي رفع الحد الأدنى لمجمل أجور الدرجات الوظيفية بالدولة من أول يوليو/تموز 2019 إلى ألفي جنيه شهريا انتهاء بمبلغ سبعة آلاف جنيه للدرجات العليا.

وحذرت تعليمات وزير المالية بالمنشور الجديد من تعرض المخالفين والمتقاعسين عن التنفيذ لهذا القرار وتحويلهم فورا للمساءلة القانونية حال عدم التطبيق أو التقاعس في التنفيذ أو عدم التطبيق السليم، بعد تلقي الوزارة العديد من الشكاوى من بعض العاملين والموظفين بجهات إدارية بالجهاز الإداري للدولة، تتعلق بعدم استفادتهم من قرار رئيس مجلس الوزراء برفع الحد الأدنى للدرجات الوظيفية وهي شكاوى أيدتها طلبات تقدم بها عدد من أعضاء مجلس النواب.

ورأى متابعون في خطوة وزارة المالية اتجاها لمحاولة امتصاص غضب الموظفين، وذلك ضمن إجراءات أخرى اتخذتها الحكومة لتخفيف الاحتقان الذي أدى لانفجار الغضب أخيرا، عقب فيديوهات للمقاول والفنان محمد علي كشف فيها عن تباين بين ما يعانيه المواطنون من تقشف نتيجة السياسات الاقتصادية، والبذخ بالتوسع في تشييد القصور الرئاسية الذي أكد السيسي الاستمرار فيه.

وقال وزير المالية محمد معيط في تصريحات صحفية أخيرا إنه أصدر تعليمات مشددة لجميع المراقبين الماليين والمديرين الماليين بالجهاز الإداري للدولة والهيئات الاقتصادية والخدمية استجابة لهذه الشكاوى وطلبات النواب.

وأمر معيط جميع المراقبين والمراجعين الماليين في الجهات الحكومية المختلفة بالتأكد من تطبيق قرار رئيس مجلس الوزراء بتحريك الحد الأدنى للدرجات الوظيفية.

وطالب الوزير جميع الجهات التي تدخل ضمن الموازنة العامة للدولة في حالة عدم كفاية مخصصاتها المالية للالتزام بهذه الزيادة، طالبها بالتقدم لوزارة المالية بطلبات لتعزيز مخصصاتها المالية لضمان سرعة تنفيذ هذا القرار.

ولفت إلى أنه سبق أن أصدر منشورا عاما رقم 8 لسنة 2019- وأرسل لجميع الجهات الحكومية في أول أغسطس/ آب الماضي- بقواعد الصرف وطريقة حساب الزيادات المستحقة للعاملين بالجهاز الإداري للدولة والهيئات الاقتصادية، مطالبا الالتزام بهذه القواعد والأحكام المنظمة لحساب قيمة الزيادة في الأجور.

المصدر : الجزيرة