"الحج المسيحي".. هل ينعش السياحة المصرية؟

FILE PHOTO: An armed policeman secures the Coptic church that was bombed in Tanta, Egypt April 10, 2017. To match Special Report EGYPT-POLITICS/SINAI REUTERS/Mohamed Abd El Ghany/File Photo
خبراء أكدوا أن "الحج المسيحي" لن ينجح نظرا لفشل النظام في توفير مقومات السياحة وبمقدمتها الأمن (رويترز)
عبد الرحمن رمضان-القاهرة

اعتماد أول رحلة "للحج المسيحي" بمصر، ذلك ما أعلنه وزير السياحة المصري يحيى راشد خلال زيارته مؤخرا دولة الفاتيكان، وذلك بعد مباركة بابا الفاتيكان فرانشيسكو للمرة الأولى "الأيقونة" الخاصة برحلة العائلة المقدسة في مصر، بحضور وفد مصري رسمي وعدد من المواطنين، معتبرا ذلك خطوة مهمة تمثل تشجيعا قويا للسياحة الدينية بمصر.

وهذه الأيقونة عبارة عن صورة رمزية أثرية تُستخدم كرمز رسولي للترويج لرحلة العائلة المقدسة، على غرار الرموز المعتمدة للحج من الفاتيكان مثل شجرة الزيتون للحج بمدينة القدس المحتلة.

الوزير المصري أكد في تصريحاته أن مباركة بابا الفاتيكان للأيقونة خطوة مهمة وأساسية لتضمين مصر في برنامج الحج الفاتيكاني لعام 2018، وتمثل دعوة منه للحجاج الكاثوليك حول العالم، البالغ عددهم أكثر من ملياري نسمة، لاعتماد مصر كأحد مقاصد شعائرهم الدينية، كما أعلن التخطيط لأول رحلة مطلع مايو/أيار المقبل.

وحسب مصادر مسيحية، فقد خرجت "العائلة المقدسة" من فلسطين إلى مصر هربا من الرومان عبر طريق العريش، وصولا إلى منطقة "بابليون" وسط القاهرة، ثم إلى منطقة الصعيد جنوبا، ثم عاودت الرجوع إلى الشمال مرورا بمنطقة وادي النطرون، لتواصل طريق العودة إلى فلسطين، وعُرف خط سير هذه الرحلة بـ"رحلة العائلة المقدسة".

وقال رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية سعيد حلمي إنه تم الانتهاء من تجهيز ثمانية مواقع أثرية لمسار العائلة المقدسة في مصر، تضم الكنيسة المعلقة بمصر القديمة، وكنيسة العذراء بالمعادي، ودير المحرق بمحافظة أسيوط، وكنيسة جبل الطير بالمنيا، وأديرة وادي النطرون، وذلك بالتعاون مع وزارتي السياحة والداخلية.

انتعاش مستبعد
واستبعد الناشط القبطي هاني سوريال أن تنتعش السياحة بمصر على خلفية اعتماد رحلات الحج المسيحي، حيث يرى أنها بحاجة إلى وضع مستقر ترتفع فيه نسبة الأمان بشكل يشجع الراغبين في السياحة على الإقدام على هذه الخطوة، وهو الأمر الذي تفتقده مصر في ظل حكم العسكر، على حد تعبيره.

وذهب في حديثه للجزيرة نت إلى أن هذه المباركة من قبل بابا الفاتيكان لن تترك أثرا كبيرا، حيث يرى أن نسبة كبيرة من المسيحيين لا تؤمن بقدسية الأماكن، وأن المقدس حسب تعاليم المسيح هو "الإنسان" وليس "المكان"، لكن قيادات بالكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية تروج لقدسية المكان للتربح المالي.

واتهم سوريال النظام المصري باستغلال أي فرصة لصناعة إنجاز وهمي يسعى من خلاله لتحسين صورته والتغطية على فشله الاقتصادي والأمني، متسائلا "كيف يمكن أن يطمئن السائح الغربي للأوضاع بمصر وهو لا يزال يرى ترسانة الجيش المصري بمختلف أسلحتها موجودة مع أي حشد كما الحال مع احتفالات المصريين بالتأهل لكأس العالم؟".

لغط مؤثر
ويرى خبير علم المصريات بسام الشماع أن السياحة في مصر بمختلف أشكالها تفتقد إلى الكثير من الاهتمام، مما يقلل من أثر مثل هذا الإعلان الذي لن يجد صدى واسعا في الخارج، حيث لا تزال معوقات عودة السياحة بمصر موجودة ولم يتم حلها حتى الآن.

ويشير الشماع في حديثه للجزيرة نت إلى أن هناك لغطا كبيرا حول حقيقة المواقع التي قيل إن العائلة المقدسة مرت بها في رحلتها، وهو ما يفقد هذه الدعوة أثرها المنتظر، ويَتطلب معه جهدا بحثيا عميقا لتوثيق هذه المعلومات، وتنقيتها مما قد يشوبها، وبعد ذلك يتم إطلاق مثل هذه الدعوات.

ويشدد على أن النظام مطالب ببث الطمأنينة ابتداء بين مواطنيه، وإزالة أي تخوفات طائفية وليس تعزيزها، لينتقل ذلك بشكل تلقائي لغير المصريين، الأمر الذي سيساعد على الترويج الفعال للسياحة وتجاوز أزمتها، مبديا تخوفه من أن تترك رحلات الحج المسيحي الأولى أثرا سلبيا لدى المشاركين فيها إذا لم تتم مراعاة ذلك.

وعلى خلاف الرأيين السابقين، فإن المرشد السياحي محمد نبيل يرى أن وجود المزارات المسيحية المختلفة بمصر كدير سانت كاترين، وطريق العائلة المقدسة والكنيسة المعلقة وغيرها، يمثل عنصرا جاذبا للسياحة الدينية بشقها المسيحي، إلا أن الفشل المستمر في الترويج المحترف والدعاية الحقيقية لها بالخارج يقلل من قيمتها.

وتوقع في حديثه للجزيرة نت "الفشل التام" لهذه الدعوة كونها صادرة من نظام لا يزال يعتمد في استمداد شرعيته على الترويج لمحاربة الإرهاب مع فشله في تأمين الكنائس للمواطنين المسيحيين في أعيادهم السنوية، مما يثير مخاوف حقيقية على أرواح السائح الأجنبي في حال زيارته لتلك الأماكن.

المصدر : الجزيرة