خبراء: القطاع المصرفي الجزائري بحاجة للإصلاح

البنك المركزي الجزائري

ياسين بودهان-الجزائر

أكد خبراء اقتصاد وسياسيون جزائريون صحة ما ذهب إليه تقرير للخارجية الأميركية بخصوص وضع البنوك الجزائرية، حينما اعتبر التقرير أن القطاع المصرفي الجزائري تطبعه الفوضى، ولا يزال يعتمد على الورق في تعاملاته.  

وكان التقرير الذي نشرته الخارجية الأميركية الأسبوع الماضي عبر موقعها الإلكتروني عن "تبييض الأموال والجرائم المالية" أكد أن "القطاع المصرفي الجزائري تهيمن عليه المؤسسات الحكومية".

وذكر أن "عمليات تبييض الأموال على مستوى البنوك الجزائرية قليلة جدا"، وعزا ذلك إلى "نظام المراقبة الصارم لحركة رؤوس الأموال على مستوى هذه البنوك"، التي قال إنها "مؤسسات تغرق في الفوضى، وإنها متخلفة وما تزال تعتمد على الورق في تعاملاتها".

فاروق طيفور: المنظومة البنكية الجزائرية  قديمة في الموارد والوسائل (الجزيرة نت)
فاروق طيفور: المنظومة البنكية الجزائرية  قديمة في الموارد والوسائل (الجزيرة نت)

وذكر التقرير أن مسؤولي البنوك العمومية (الحكومية) الجزائرية غير مؤهلين ومستواهم محدود.

وأبرز التقرير أن جرائم تبييض الأموال في الجزائر تجري خارج النظام المصرفي، من خلال عمليات تحويل الصرف غير الخاضعة للتنظيم ولاقتصاد مالي قوي وصارم، من خلال تضخيم الفواتير، أو التهرب الضريبي، أو الإفراط في الصفقات العقارية.

وأدرج التقرير الجزائر في لائحة المجموعة الدولية للمعاملات المالية التي تفتقر للأدوات اللازمة لمكافحة تمويل الجماعات الإرهابية، واستحداث قانون لمحاربة أصول الجماعات الإرهابية.

نوافذ مصرفية
ويأتي هذا التقرير ليؤكد مخاوف خبراء اقتصاد وسياسيين جزائريين من تداعيات تخلف وثقل المنظومة البنكية الجزائرية على اقتصاد البلاد، كون هذه المنظومة -تفتقد حسب هؤلاء- لكل المقاييس المعتمدة في المعاملات المصرفية الحديثة.

في السياق يؤكد المكلف بالإعلام في وزارة التجارة سابقا، والأمين الوطني للشؤون السياسية والاقتصادية لـحركة مجتمع السلم (حزب إسلامي معارض) فاروق طيفور أن المنظومة البنكية الجزائرية ليست متخلفة فقط، بل قديمة في الموارد والوسائل، وهي عبارة عن "شبابيك"، أو نوافذ أكثر من كونها بنوكا.

ويضيف للجزيرة نت قائلا "لا يمكن للاقتصاد الجزائري أن ينهض بدون إصلاح المنظومة البنكية والمالية"، واعتبر أن ما سجله التقرير الأميركي له دلالتين: الأولى أن السلطات المالية الأميركية مهتمة اهتمام كبيرا بالوضع المالي الجزائري، وتملك من المعلومات ما لا تملكه بعض مؤسسات الدولة الجزائرية.

ويعتقد أن دقة التقرير تتضح من خلال محاوره الدقيقة جدا. وفي ذلك يقول "حينما يقول إن البنوك العمومية تهيمن على القطاع المصرفي الجزائري، وإن هذه البنوك فوضوية، فذلك أمر طبيعي جدا، لأن الذي كتب التقرير شخص رأسمالي، وبنوكنا قديمة أي اشتراكية".

من جانبه قال عضو لجنة الدفاع في البرلمان الجزائري حسن عريبي أن البنوك الجزائرية تتعامل مع المستثمرين ورجال الأعمال بأساليب قديمة لا تتماشى مع متطلبات العصر الحديث.

وأضاف للجزيرة نت قائلا "هذه البنوك في تعاملاتها وفي أوراقها وفي تصرفاتها مع الزبائن لا تزال غير مؤهلة، وبعيدة عن ما يطمح إليه الجزائريون من عصرنة وحداثة".

بنوك تقليدية
والدليل على ذلك برأيه أن "البنوك الجزائرية في ذيل الترتيب الدولي من حيث عصرنة وتطور المنظومة المصرفية".

‪‬ فارس مسدور: تقنيات التمويل بالبنوك الجزائرية لا تزال تقليدية(الجزيرة نت)
‪‬ فارس مسدور: تقنيات التمويل بالبنوك الجزائرية لا تزال تقليدية(الجزيرة نت)

ويؤكد الخبير المالي فارس مسدور أن ما نقله التقرير حقيقة تفرض نفسها بقوة. ويتابع قائلا للجزيرة نت "التكنولوجيات التي تحوزها المنظومة المصرفية الغربية بعيدة جدا عن المنظومة التي نمتلكها، والسبب في ذلك أن البنك المركزي الجزائري دفع أموالا باهظة، وأقدم على شراء منظومة إلكترونية دون شراء البرمجيات التي تسير تلك المنظومة".

ولفت إلى أن بطاقات الدفع الإلكتروني التي تم طرحها قليلة جدا، ولم تصل إلى الإشباع الكلي على الأقل لفئة الموظفين في القطاعين العمومي والخاص.

ومن مظاهر تخلف البنوك الجزائرية -حسب مسدور- أن تقنيات التمويل لا تزال كلاسيكية، وتزيد من سوئها "انتشار البيروقراطية القاتلة، ما حول مؤسساتنا المالية إلى بنوك جد متخلفة إداريا وتقنيا وتشريعيا، ولا ترقى إلى مستوى مواجهة التحديات التي يواجهها الاقتصاد الجزائري".

وإذا كان كل من طيفور وعريبي يؤكدان أن عمليات تبييض وتهريب الأموال لا تتم في الجزائر عبر المؤسسات المصرفية، وإنما عبر السوق الموازية، فإن مسدور يؤكد أن العمليات التي تتم في البنوك تكون بواسطة المستوردين والمصدرين، الذين يضخمون فواتير السلع، ويهربون أموالا ضخمة نحو الخارج.

وقدر قيمة الأموال التي هربت في تسعة أشهر خلال 2014 بأكثر من ثلاثين مليار دولار.

المصدر : الجزيرة