تحذيرات من استخدام الفحم لتوليد الطاقة في مصر

لوحة تحكم كهربائية داخل إحدى محطات توليد الكهرباء
لوحة تحكم كهربائية داخل إحدى محطات توليد الكهرباء في مصر (الجزيرة نت)

عبد الرحمن أبو الغيط- القاهرة

وافق مجلس الوزراء المصري على استخدام الفحم في توليد الكهرباء بعد جدل شديد داخل الحكومة بشأن السماح باستخدام هذا الوقود الملوث للبيئة في صناعة الإسمنت كثيفة الاستهلاك للطاقة، لكن خبراء هندسيين وناشطين معنيين بالبيئة حذروا من أن استخدام الفحم كمصدر للطاقة ستكون له تداعيات كارثية على مصر التي يوجد بها بالفعل أحد أعلى مستويات التلوث في العالم.

وكان مجلس الوزراء قال في بيان "إنه وافق على استخدام الفحم ضمن منظومة الطاقة في مصر، مع الالتزام بوضع الضوابط والمعايير البيئية في كل مراحل استيراد وتداول وتخزين واستخدام الفحم، واتباع أحدث التكنولوجيات التي من شأنها تقليل الانبعاثات إلى أقل درجة ممكنة".

وكانت الحكومة خفضت إمدادات الغاز الطبيعي للمصانع، في مسعى لتجنب اندلاع احتجاجات شعبية على انقطاعات في الكهرباء، وهو ما دفع مصانع الإسمنت إلى تجديد مطالبتها باستخدام الفحم، لتعويض خسائرها نتيجة تقليص إمدادات الغاز الطبيعي منذ يناير/كانون الثاني الماضي.

الحكومة خفضت إمدادات الغاز الطبيعي للمصانع، في مسعى لتجنب اندلاع احتجاجات شعبية على انقطاعات في الكهرباء

معارضة شديدة
وأكدت أستاذة هندسة القوى الكهربائية دينا مراد معارضتها الشديدة لاستخدام الفحم في توليد الكهرباء لأنه مضر جدا بالبيئة، حيث يسبب انبعاثا للغازات المسببة للاحتباس الحراري والأمطار الحمضية.

وقالت في تصريح للجزيرة نت "إذا كانت الحكومة تعاني من أزمة في الحصول على الوقود الخاص بتوليد الطاقة وليس لديها مقدرة مالية لشرائه، فمن الممكن أن تلجأ إلى النفايات والدهون الحيوانية، فالانبعاثات الناتجة عنها أقل بكثير من تلك الصادرة عن الفحم".

ودعت الحكومة للاهتمام بإنشاء محطات كهربائية جديدة، لاستيعاب ارتفاع معدل الزيادة في الاستهلاك، لأن انهيار القطاع سيؤدي إلى مزيد من الانهيار في الاقتصاد المصري، حيث ستتضرر جميع القطاعات المعتمدة على الكهرباء.

وشددت على ضرورة اعتماد الشفافية، بحيث تقوم الوزارة بإرسال المشكلات التي تواجهها إلى الجامعات ومراكز الأبحاث لإيجاد حلول علمية ونهائية لها "بدلا من التكتم على تلك المشكلات والاستمرار في سياسة التخبط و"الفهلوة"".

كارثة بيئية
بدوره حذر خبير ‏الشؤون النووية والطاقة الدكتور إبراهيم علي العسيري من التلوث الناجم ‏عن استخدام الفحم لتوليد الكهرباء، لافتا إلى أن تشغيل محطة توليد كهرباء واحدة بالفحم -بقدرات كهربية متوسطة ‏‎)‎‏500 – 600 ميغاوات كهربائي)- سيتسبب في ‏إطلاق نحو 3.7 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون، المسبب الرئيسي للاحتباس الحراري.

وأضاف في تصريحات صحفية أن هذا القدر ‏من الانبعاثات يعادل قطع 161 مليون شجرة دائمة الخضرة، موضحا أن الانبعاثات الإشعاعية من محطات الفحم تزيد مائة مرة عن تلك الصادرة من المحطات ‏النووية، ذات نفس حجم القدرة الكهربية.‏

 الأحياء السكنية بالقاهرة تعاني من انقطاعات متكررة في الكهرباء (الجزيرة نت)
 الأحياء السكنية بالقاهرة تعاني من انقطاعات متكررة في الكهرباء (الجزيرة نت)

وشدد العسيري على أن تشغيل محطة فحم واحدة من القدرات الكهربية ‏المتوسطة يتسبب أيضا في انطلاق عشرة آلاف طن من ثاني أكسيد الكبريت الذي يسبب الأمطار ‏الحمضية التي تتلف الغابات والبحيرات والمباني، وينتج عنها جسيمات دقيقة جدا متطايرة، ‏ويمتصها الإنسان داخل رئتيه مما يسبب العديد من الأمراض التي قد تؤدي إلى الموت المبكر والعمى والتهيجات العصبية وغيرها.‏

لا بدائل
في المقابل، وصف عضو جمعية المهندسين الكهربائيين محمد عبد العزيز قرار مجلس الوزراء بالموافقة على استخدام الفحم ضمن منظومة الطاقة في مصر، بأنه "شر لا بد منه"، لأن الحكومة في موقف حرج، ولديها أزمة طاقة وعجز في الموازنة، وبالتالي اتخذت هذا القرار مجبرة.

وأكد عبد العزيز في تصريح للجزيرة نت أن الحكومة ليست لديها بدائل حاليا لحل أزمة الطاقة ولمدة خمس سنوات قادمة، إلا استيراد الفحم مع الالتزام بوضع الضوابط والمعايير البيئية، خاصة أن معظم الصناعات الكبيرة باتت مهددة بالانهيار في ظل الانقطاع المتكرر للكهرباء.

وشدد على ضرورة استخدام الفحم في أقل نطاق ممكن في الصناعة كصناعة الإسمنت، وعدم التوسع في الاستيراد المطلق، ووضع ضوابط صارمة لاستخدامه، مع البحث عن حلول دائمة لأزمة الطاقة في مصر، والاتجاه إلى الطاقة النووية السلمية، وتحرير سعر الطاقة ضمن خطة زمنية محددة.

المصدر : الجزيرة