أزمة ندرة الوقود تتفاعل في الجزائر

احدى محطات الوقود خالية من الزبائن بسبب عدم وجود الوقود بمحافظة سطيف شرق الجزائر
undefined

ياسين بودهان-الجزائر

تدخل أزمة ندرة الوقود في الجزائر أسبوعها الثالث، وبعد أن كانت مقتصرة على محافظات الغرب الجزائري، فإنها توسعت لتشمل محافظات أخرى من الشرق الجزائري، ورغم طمأنة مسؤولي شركة نافطال (المؤسسة الوطنية لتوزيع المنتجات النفطية) بأن الأزمة عابرة وستنتهي قريبا، فإن أصحاب المركبات متخوفون من استمرارها على مدار الأسابيع القادمة.

ويشكل التهريب عبر الحدود المغربية أحد أهم أسباب الأزمة في المحافظات الغربية على غرار تلمسان ووهران ومستغانم وغيرها. وفي حوار نشرته يومية (الخبر) في عددها الصادر الخميس أفاد محافظ ولاية تلمسان بأن "الخزينة الجزائرية تكبدت خلال 2012 خسائر كبيرة متعلقة بتهريب الوقود، وصلت إلى أكثر من 265 مليون لتر، بقيمة فاقت أربعة مليارات دينار (50 مليون دولار)، فيما تجاوزت الكمية المصرح بها والتي دخلت النطاق الجمركي بـ1.4 مليار لتر من الوقود، لصالح المحطات الموجودة بمدن الشريط الحدودي".

وذكرت نافطال في بيان نشرته وكالة الأنباء الجزائرية الأربعاء أن "المؤسسة تتحكم في الأزمة من خلال تكثيف عمليات تموين محطات الوقود"، وأن "الأوضاع ستعود قريبا إلى ما كانت عليه"، وبررت الشركة حسب تصريح مديرها العام سعيد كراتش للوكالة نفسها هذه الأزمة بـ"ارتفاع نسبة الاستهلاك بحدود 20% بفعل ارتفاع الحظيرة المحلية (أعداد) للسيارات وبسبب تنقل العائلات لقضاء عطلهم الصيفية".

شركة نافطال:
أزمة الوقود ناتجة عن ارتفاع نسبة الاستهلاك بحدود 20% بفعل زيادة أعداد السيارات وبسبب تنقل العائلات لقضاء عطلهم الصيفية

حاجيات السوق
وتذهب بعض الأطراف إلى القول إن الأمر أكثر تعقيدا، لأن شركة نافطال لا يمكنها ضمان احتياجات السوق الجزائرية من الوقود، وإن الشركة تجد صعوبات كبيرة في إيجاد ممون خارجي، يعوض الكميات التي كانت تستوردها الجزائر من ليبيا.

وتفيد إحصائيات شركة نافطال بأن مجمعي التكرير في منطقتي أرزيو وسكيكدة في الشرق الجزائري، واللذين كانا يضمنان في بداية الألفية الماضية أكثر من 80% من حاجة السوق الجزائرية، تراجع دورهما وصارت الجزائر مضطرة لاستيراد ما قيمته ملياري دولار من الوقود بمختلف أنواعه, علما أن الجزائر استوردت سنة 2012 أكثر من مليونين ونصف المليون طن من الوقود، بسبب تنامي أعداد السيارات والشاحنات وغيرهما من العربات.

ويقول الاقتصادي الجزائري عبد المالك سراي في حديثه للجزيرة نت إن "التهريب الذي تعرفه الحدود الشرقية والغربية للجزائر هو أحد الأسباب المباشرة لهذه الأزمة"، ويضيف "رغم الجهود التي تبذلها الدولة الجزائرية لاحتواء هذه الظاهرة، إلا أنها لم تتمكن من ذلك"، ويرى أن التهريب في الحدود مع المغرب "مقلق للغاية"، معتبرا أن الدولة تتغاضى نوعا ما على التهريب الذي يجري في الحدود الشرقية "بسبب الظروف الاقتصادية التي تعيشها تونس".

مشكلة المصافي
وبرر سراي ارتفاع كمية الاستهلاك خلال الفترة الأخيرة بسبب بداية الموسم الفلاحي، وانطلاق الموسم السياحي بالإضافة إلى ارتفاع عدد المركبات بمختلف أنواعها، والتي زادت بنحو 500 ألف مركبة. ويرى الاقتصادي الجزائري أن شركة نافطال لم تتخذ إجراءات استباقية لمواجهة الأزمة"،

‪سراي: لا يعقل أن بلدا منتجا للنفط مثل الجزائر لا يتوفر على مصافي حديثة‬ (الجزيرة)
‪سراي: لا يعقل أن بلدا منتجا للنفط مثل الجزائر لا يتوفر على مصافي حديثة‬ (الجزيرة)

وذكر المتحدث نفسه بأنه نبه مسؤولي الشركة بضرورة تجديد المصافي التي تمتلكها الشركة، وهي مصاف قديمة وبقدرات ضعيفة، "فلا يعقل أن بلداً مثل الجزائر منتجا للنفط لا يمتلك مصافي حديثة". وحسب إحصائيات منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) للعام 2012 فإن الجزائر تنتج يومياً مليون و162 ألف برميل من النفط وتتوفر على طاقة تكرير بحدود 652 ألف برميل يوميا، وتستهلك البلاد 329 ألف برميل يوميا، وتصدر 698 ألف برميل من النفط الخام.

ودعا سراي إلى "ضرورة تخصيص أموال استيراد المواد البترولية إلى إنشاء مصاف واستغلال المادة الخام الموجودة بدل استيرادها بمبالغ كبيرة"، ويشير إلى أن الأزمة قد تخف بعد إنجاز الخزانات الجديدة في مشروع التوسعة الذي أشرف عليه وزير الطاقة والمناجم يوسف يوسفي منتصف الشهر الماضي، وكذا تحديث حاويات التخزين للرفع من طاقتها وربطها بمجمع سكيكدة شرقي الجزائر.

المصدر : الجزيرة