تأمينات المصريين ومخاطر الاستثمار بالبورصة
عبد الحافظ الصاوي-القاهرة
فجر وزير التضامن الاجتماعي المصري أحمد البرعي مفاجأة بعدما صرح مؤخرا لوسائل الإعلام بأن أموال التأمينات المستثمرة في البورصة منذ عام 2006 منيت بخسارة تقدر بـ60% من قيمتها، وأنه طالب بتصفية المحفظة المالية، إلا أن الخبراء طالبوا الوزير بتأجيل هذه الخطوة لظروف السوق الحالية.
وسارعت هيئة الرقابة المالية فور صدور هذه التصريحات للقول إن أموال التأمينات المستثمرة في البورصة المصرية آمنة، وإنها تحقق أرباحا، وتدار من خلال مجموعة احترافية.
وفي وقت تشير فيه التقديرات إلى أن أموال التأمينات المستثمرة بالبورصة تبلغ نحو مليار جنيه (145 مليون دولار)، فإن رئيس الهيئة شريف سامي أكد عبر تصريحات لوسائل الإعلام أن المبلغ أكبر من ذلك بكثير.
الخبراء يرون أن قرار استثمار أموال التأمينات خاطئ لارتفاع المخاطر التي تتعرض لها الأموال المستثمرة بالبورصة، والواجب أن تعامل أموال البورصة نفس معاملة أموال الاحتياطيات الدولية، بحيث تكون المخاطرة في قرار استثماره منعدمة، أو في أضيق الحدود، بينما يرى البعض الآخر بأن العبرة بالعائد سواء في البورصة أو غيرها.
استثمار خاطئ
الخبير المصرفي أحمد آدم رأى في حديث للجزيرة نت أن أموال التأمينات كان مسارها الطبيعي أن تتجه لبنك الاستثمار القومي، ويدفع عليها فوائد سنوية تستفيد منها هيئة التأمينات والمعاشات، ولكن مع منتصف التسعينيات، عند بدء العمل بالبورصة المصرية، تم تبني توجه بضخ بعض أموال التأمينات في البورصة من أجل انعاشها، وإعطاء صورة إيجابية للاقتصاد المصري من خلال البورصة.
وأضاف آدم أنه تم بالفعل استثمار مبالغ صغيرة في البداية، عدة مليونات من الجنيهات المصرية، لصالح هيئة التأمينات في البورصة، ثم تزايدت هذه الأموال فيما بعد.
واعتبر أن أموال التأمينات كان لا بد أن يتم التعامل معها من خلال مسلمة مهمة، وهي: تجنيبها أية مخاطر عند اتخاذ أية قرارات بشأن استثمارها، مشيرا إلى أنه كان يفترض التعامل معها مثل التعامل مع أموال الاحتياطيات الأجنبية للدولة، بحيث يكون معدل المخاطرة في استثمارها صفرا، أو بنسبة قليلة من المخاطرة.
ومن هنا يرى آدم أن قرار توجيه أية أموال من التأمينات إلى البورصة المصرية للتعامل في محفظة الأسهم، قرار خاطئ، فالبورصة المصرية منذ نشأتها وحتى الآن تعرضت لانتكاسات عدة، مما يجعل متخذ القرار يبتعد عن التواجد في سوق الأسهم. واستدرك بالقول إنه لو أدرجت هذه التأمينات في البورصة من خلال السندات فذلك أقل خطرا من الاستثمار في الأسهم.
وطالب آدم بمحاسبة متخذ قرار توجيه أموال التأمينات للاستثمار في البورصة، وتسببها بخسارة 60% من قيمتها بحسب وزير التضامن الاجتماعي، لافتا إلى أن كل جنيه من هذه الأموال يمثل احتياجا حقيقيا لأصحاب المعاشات الحاليين من المتقاعدين، أو المنتظر أن يحالوا للمعاش خلال الفترات المقبلة.
العبرة بالعائد
أما الخبير الاقتصادي أحمد غنيم -أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة- فيرى الأمر بشكل مختلف، إذ اعتبر أن إدارة أية محافظ عامة أو خاصة يجب أن تراعي المصلحة النهائية وتحقيق أهدافها، فالميل للاحتفاظ بأموال التأمينات في استثمارات طويلة الأجل ومنعدمة المخاطر، بحجة عدم تعرضها للخسائر، يضيع فرصة استثمار قد تحقق عائدا أكبر في مجالات قصيرة الأجل، وقد تكون المخاطرة عالية كما هو الحال في استثمارات البورصة.
وأضاف غنيم للجزيرة نت أن إدارة الأموال العامة تحتاج إلى مزيد من التحوط، ولكن ينبغي ألا نقيد مدير الاستثمار، بحيث يتحول إلى مجرد موظف روتيني، فإذا كان القائم على أمر استثمار أموال التأمينات يستطيع أن يحدث هذا التوازن بين النوعين من الاستثمار الطويل والقصير الأجل، أو منعدم وعالي المخاطر، بحيث ينتهي الأمر بتحقيق هوامش مرضية، فما المانع؟
وذكر غنيم بأن البورصة بها بضاعة متنوعة بين الأسهم والسندات، وحتى السندات منها أنواع مختلفة من حيث العائد، فهناك السندات ذات العائد الثابت، وأخرى ذات عائد متنوع، وبالتالي فالمجال رحب ولا داعي للتخوفات غير المبررة.