أبعاد وحلول أزمة الإسكان في مصر
عبد الحافظ الصاوي-القاهرة
أنشأت مصر على مدار العقود الماضية العديد من المدن الجديدة لمواجهة مشكلة الإسكان، ومع ذلك لا تزال المشكلة قائمة، وتؤرق الشباب المقبل على تكوين أسرة، وحسب تصريح وزير الإسكان المهندس إبراهيم محلب لوسائل الإعلام في الفترة الأخيرة تحتاج مصر في الوقت الحالي 8 ملايين وحدة سكنية لحل مشكلة الإسكان.
وتتعدد أنواع السكن في مصر بين سكن الإيواء، وسكن القبور، وسكن الريف، وسكن المناطق الشعبية، وسكن المناطق العشوائية، وسكن المدن الجديدة الذي يضم الإسكان الاقتصادي، والمتوسط والفاخر، وكذلك توجد التجمعات السكنية الخاصة التي يعيش بها الأثرياء.
وكانت الحكومة المصرية قد أعلنت إبان الفترة الانتقالية الأولى للمجلس العسكري عن مشروع لبناء مليون وحدة سكنية، ويقول وزير الإسكان الحالي إن البلاد تحتاج 8 ملايين وحدة سكنية، وبالتالي فهناك فجوة قدرها 7 ملايين وحدة سكانية، على أساس أن الحكومة قد حسمت أمرها في البرنامج الزمني لإقامة المليون وحدة سكنية.
ويرى مختصون أن الأزمة مرتبطة بممارسات خاطئة في سياسات الإسكان في مصر منذ ستينيات القرن الماضي وما بعدها، ومنها ما يتعلق بإتاحة الأراضي والتمويل وثقافة السكن والمضاربة على العقارات في فترات مختلفة.
هناك فجوة في سوق السكن تناهز 7 ملايين وحدة، حيث تحتاج مصر 8 ملايين وحدة في حين تعهدت الحكومة ببناء مليون وحدة فقط |
حلول ممكنة
ويقول الخبير العقاري محمد سعد إنه إذا كانت مصر تحتاج نحو 400 ألف وحدة سنويا، ويتم بناء قرابة 250 ألف وحدة فقط فإن التوجه لاستغلال الوحدات السكنية المغلقة يساعد في إيجاد حل جذري لهذه المشكلة المؤرقة، حيث تقدر هذه الوحدات بنحو مليوني وحدة، وبالتالي يكون دور الحكومة ضمان علاقة إيجارية مناسبة بين ملاك هذه الوحدات والراغبين في السكن، وبما يضمن للملاك عدم صدور تشريعات من شأنها نزع الملكية كما حدث في الستينيات.
ويطالب سعد بضرورة تغيير ثقافة الجيل الجديد تجاه السكن، خاصة في السنوات الأولى لتكوين الأسر، فالإيجار يخفف من وطأة المشكلة، ويخفف أيضا من حدة الطلب على الوحدات السكنية، وبمعايير العرض والطلب سوف يساعد ذلك على تخفيض أسعار الوحدات السكنية المعروضة للتمليك، كما سيخلق سوقا للاستثمار طويل الأجل للقطاع العائلي كما كان من قبل بقصد بناء وحدات سكنية بغرض الإيجار لتكون مصدرا لإيراد ثابت يزيد بمعدلات تتفق والزيادة المتحقق في معدل التضخم.
ويرى مدحت السيد وهو مهندس يعمل في قطاع الاستثمار العقاري أن الدولة مارست على مدار السنوات الماضية سياسات متعارضة أدت إلى تعقد المشكلة، سواء من خلال تخصيص الأراضي أو الوحدات السكنية، أو المزادات التي أدت إلى ارتفاع أسعار الوحدات السكانية بشكل كبير.
التمويل والدولة
ويطالب السيد بانخراط مؤسسات التمويل طويلة الأجل مثل شركات التأمين في مشاريع الإسكان من خلال تولي بناء مدن كاملة بمساحات مختلفة وعرضها للإيجار، وهذا من شأنه أن يخفف من وطأة تكلفة تمليك وحدة سكنية من جهة، ويحقق مصلحة شركات التأمين في الحصول على عوائد طويلة الأجل من جهة أخرى.
مدحت السيد: الدولة مارست سياسات متعارضة أدت إلى تعقد مشكلة الإسكان، سواء من خلال تخصيص الأراضي أو الوحدات السكنية أو المزادات |
وهذه السياسة من وجهة نظر السيد تحتاج إلى أن تمنح الدولة هذه الشركات أسعارا مميزة للأراضي، بشرط عدم لجوء هذه الشركات لبيع الأراضي مستقبلا، ويضيف السيد أن دور الدولة يتجلى أيضا في تيسير وسائل الانتقال للمدن الجديدة لتشجيع الأفراد على الإقامة بها، إذ يعاني القائمون بها من أمرين، هما طول وقت الانتقال وارتفاع تكلفة النقل، ولا توجد مدينة جديدة واحدة ترتبط بخدمة مترو الأنفاق للوصول للقاهرة أو غيرها من المدن القريبة.
كما يطرح المهندس مجموعة من الأفكار التي تخص بعض المشروعات التي أقامتها الدولة في السنوات الأخيرة، ومنها مشروع "ابني بيتك"، بأن تنتهي الدولة من توصيل المرافق الأساسية بأسرع وقت ممكن، وأن يسمح لأصحاب المشروع بتعلية دور أو دورين عما هو مخصص له، بحيث يكون إجمالي الأدوار المسموح بها ثلاثة طوابق بخلاف الدور الأرضي، وبذلك تتاح وحدة سكنية دون اللجوء لإنشاء مدن جديدة أو تكلفة بنية أساسية.