سوريا تعود لسياسات اقتصادية اشتراكية
عادت المتاجر الحكومية في سوريا للانتعاش في الفترة الماضية مع اضطرار دمشق للتراجع عن خطوات سابقة باتجاه التحول لاقتصاد السوق، وذلك في محاولة النظام لتخفيف المصاعب على الفقراء واحتواء الاضطرابات الناتجة عن الأزمة التي تعيشها البلاد.
وكانت المتاجر المذكورة، وهي نتاج سياسات التأميم في ستينيات القرن الماضي، قد فقدت بريقها بعد ما قام به الرئيس السوري بشار الأسد في 2005 من سياسات لتحقيق تحرير محدود للاقتصاد، والذي زاد من تنوع المنتجات المعروضة بالمتاجر الخاص وبرز الإنفاق الاستهلاكي.
ويقول نذير خطيب، وهو بائع خضر بضواحي دمشق، إنه لم يكن معتادا الذهاب إلى الجمعيات التعاونية الحكومية، ولكنه بحاجة الآن للحصول على منتجات منخفضة السعر بما يزيد على 30% على أسعار الاحتياجات الأساسية، بما فيها حصته التموينية من الأرز والسكر.
وبالنسبة إلى أغلب محدودي الدخل بسوريا فإن الأسعار الرخيصة في المتاجر الحكومية تبعث بعض الارتياح من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها سوريا منذ اندلاع الثورة على نظام الأسد، ومن ملامح هذه الأزمة تعطلت مصادر الاحتياطي من العملات الأجنبية من صادرات نفطية وسياحة ونزيف العملة المحلية.
مصرفي بدمشق، طلب عدم نشر اسمه، قال إن "السلطات تدرك أن انهيار الاقتصاد سيسرع بسقوط النظام لذلك فهي تقوم بكل شيء ممكن لمنع ذلك حتى إن جاء على حساب زيادة عجز الميزانية |
أولويات سياسية
ويرى رجل أعمال سوري عضو بمجالس إدارات عدد من الهيئات شبه الحكومية أن السياسة الاقتصادية الآن متعلقة بالأولويات السياسية، وبالنسبة لنظام الأسد فهي تتمثل الإبقاء على السلطة.
وصرح مصرفي بدمشق، طلب عدم نشر اسمه، بأن "السلطات تدرك بأن انهيار الاقتصاد سيسرع بسقوط النظام لذلك فهي تقوم بكل شيء ممكن لمنع ذلك حتى إن جاء على حساب زيادة العجز، والذي لا يعرف أحد حقيقة حجمه سوى الدائرة المقربة من النظام".
ويقول اقتصاديون مستقلون إن الانكماش الاقتصادي بسوريا تفاقم وانقطعت مناطق كبيرة من البلاد عن مراكز الإنتاج الصناعية الكبرى بسبب القتال والقصف المستمر منذ أشهر، كما زادت نسبة التضخم لتناهز حاليا 30%.
وصرح مدير جمعية تعاونية حكومية في منطقة ريف الشام القريبة العاصمة، أحمد إسماعيل الكشك، بأنه تم خفض الأسعار في منافذ التعاونية بما بين 15 و25% بغرض توفير الحاجيات الأساسية لا سيما الغذائية منها.
وسيلتهم الدعم الحكومي لأسعار المواد الأساسية قرابة 30% على الأقل من نحو 27 مليار دولار تعتزم دمشق إنفاقها هذا العام حسب بيانات الموازنة العامة، ويوضح اقتصاديون ومصرفيون أن الحكومة تسحب من الاحتياطي من النقد الأجنبي وتطبع نقودا جديدة لتمويل العجز، والذي يتوقع أن يرتفع رسميا بشدة ليبلغ 6.7% في 2012، نتيجة تقلص إيرادات الضرائب والجمارك وارتفاع فاتورة دعم الطاقة.