مخاوف من استمرار تدهور الدينار العراقي
علاء يوسف-بغداد
اتفق مسؤولون حكوميون وخبراء مال واقتصاد عراقيون على أن الأزمة السياسية والحصار المفروض على سوريا وإيران قد ألقيا بظلالهما على سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار، مما دفع مجلس الوزراء العراقي إلى الإعلان عن تشكيل لجنة لدراسة تذبذب سعر صرف الدينار العراقي وتقديم الحلول المناسبة لدرء الضرر عن الاقتصاد الوطني.
وشهد سعر صرف الدولار أعلى مستوى له أمام الدينار منذ نحو أربعة أعوام في الأسواق المحلية وهو 1320 دينارا لكل دولار، بعد أن كان مستقرا عند مستوى 1118 دينارا للدولار الواحد قبل أسبوع.
وقال محافظ المصرف المركزي العراقي سنان الشبيبي لوكالة الصحافة الفرنسية الأسبوع الماضي إن الأوضاع السياسية غير المستقرة نسبيا في العراق وفي المنطقة المحيطة أوجدت طلبا كبيرا على الدولار مما أدى إلى ارتفاع سعر صرفه مؤخرا، مضيفًا أن الحصار المالي الدولي المفروض على إيران وسوريا تحديدا هو السبب الرئيسي لهذا الارتفاع.
قرارات البنك المركزي
من جهته يعزو عبد العزيز حسون مدير المصارف الخاصة ومدير مصرف الرافدين سبب ارتفاع سعر صرف الدولار إلى القرارات التي اتخذها البنك المركزي العراقي. ويقول في حديثه للجزيرة نت إن الذي حدث هو أن هناك بعض القرارات التي اتخذها البنك المركزي لأغراض تنظيمية لم تتفهمها سوق المال وتعاملت معها بحساسية معينة.
ويضيف أن البنك المركزي شدد على وجوب تقديم مستندات بطريقة استصعبتها المصارف ولم تعمل بها بسهولة لأنها تطلبت تقديم شهادات ووثائق لم تكن المصارف مهيأة لتقديمها، وهذه الوثائق لا يمكن توفيرها بسهولة لدى المتعاملين في السوق. يضاف إلى ذلك الأزمات السياسية في العراق التي كان لها دور في تدهور قيمة صرف الدينار العراقي. وكذلك أدت تصريحات من جهات مختصة وأخرى غير مختصة تناولت الموضوع إلى اضطراب سوق صرف الدينار العراقي.
أكثر من سبب
ويقول محمد السامرائي الخبير المالي ومدير مصرف الوركاء سابقًا إن تراجع قيمة العملة العراقية أمام الدولار له أكثر من سبب. ويضيف في حديثه للجزيرة نت أن السبب الرئيس هو عدم وجود رؤيا وخطط اقتصادية واضحة لرصد السياسة الاقتصادية في البلد وتعدد آراء الجهات المسؤولة في إدارة الملف الاقتصادي والمالي في البلاد والبنك المركزي والضغوط التي واجهها.
ويشير السامرائي إلى أن وزارة المالية لديها تعليمات مختلفة كما أن هناك عدم تنسيق فيما يتعلق بكمية الدولارات التي يتم تحويلها إلى الخارج وما يدخل إلى البلاد منه. والسبب الآخر هو أن موقع العراق الجغرافي والاقتصادي يتأثر بالمتغيرات الدولية الخارجية المحيطة به والضغوط التي تمارس على إيران وسوريا وحاجة هاتين الدولتين إلى الدولار بسبب الحصار المفروض عليهما، مما يدفعهما إلى البحث عن بديل لتوفير العملة الصعبة. وقد أصبح العراق الأرض الرخوة المناسبة التي من الممكن استغلالها لعدم وجود انضباط في تطبيق القانون فيما يتعلق بالأمور الاقتصادية.
وطالب السامرائي الحكومة بأن تصدر تعليمات لحصر التعامل بالدولار فقط في التحويلات الخارجية المعززة بمستندات حقيقية عن طريق فتح الاعتمادات المستندية، أما التعاملات الداخلية فلابد أن تكون بالدينار العراقي لأن رواتب الموظفين بالدينار العراقي.
زيادة الطلب
ويرى الدكتور ناظم الشمري الخبير الاقتصادي العراقي أن السبب الرئيس في انخفاض قيمة الدينار هو زيادة الطلب عليه من خارج العراق لأسباب تتعلق بالدول المحيطة بالعراق وخصوصًا إيران وسوريا.
ويقول في حديثه للجزيرة نت لقد انتبه البنك المركزي لهذا الطلب المتزايد فترك تحديد السعر ليكون وفقًا لآلية السوق. لذلك حدث ارتفاع في سعر الدولار مقابل الدينار. ويضيف أن هذا لا يعني أن هناك تقصيرا من قبل البنك المركزي في استقرار سعر صرف الدولار مقابل الدينار لأن البنك المركزي اعتمد سياسة نجحت في ضمان استقرار سعر الصرف منذ عام 2003 إلى حد الآن.
ويؤكد الشمري أن هذا الأمر طارئ وسرعان ما يزول. وحذر البنك المركزي من طرح كميات إضافية في عرض الدولار لأن ذلك يستنزف جزءا من الموارد الاحتياطية بالعملة الأجنبية لمواجهة مثل هذا الطلب الطارئ.
يذكر أن سعر صرف الدينار العراقي وصل إلى 2000 دينار مقابل كل دولار بين عامي 1995 و2002 بعد أن وافق العراق على مذكرة النفط مقابل الغذاء، ووصل سعر صرفه قبل ذلك إلى أكثر من 3000 دينار لكل دولار.