نمو قياسي لاحتجاجات العمال بالأردن

من اعتصام عمالي حول هيكلة الرواتب - ارشيف

ملف الرواتب يتصدر أسباب تنظيم الاحتجاجات العمالية بالأردن (الجزيرة-أرشيف)

محمد النجار-عمّان

سجلت احتجاجات العمال بالأردن رقما قياسيا خلال 2011 مدفوعة بثورات الربيع العربي، حيث شهد العام الماضي ارتفاع عدد الإضرابات ستة أضعاف مقارنة باحتجاجات عام 2010.

وكشف تقرير أنجزه المرصد العمالي الأردني -التابع لمركز الفينيق للدراسات بالتعاون مع مؤسسة فريدريش آيبرت الألمانية- أن عام 2011 عرف تنظيم 829 احتجاجا مقارنة بنحو 139 احتجاجا في 2010.

ووفق التقرير السنوي الذي صدر الاثنين، فإن غالبية الاحتجاجات العمالية تركزت في القطاع العام بنسبة 58.5% من إجمالي الاحتجاجات، فيما بلغت نسبة احتجاجات القطاع الخاص 37.3%، وسجل التقرير تنظيم 35 احتجاجا من لدن عاطلين أي بنسبة 4.2% من إجمالي الاحتجاجات.

واللافت في التقرير إشارته إلى أن غالبية النقابات العمالية المعترف بها رسميا منعزلة بالكامل عن الحراك العمالي في الميدان ومواقع العمل، حيث كشف عن أن 98% من الاحتجاجات نفذتها مجموعات عمالية ونقابية ليس لها علاقة بالنقابات العمالية القائمة البالغ عددها 17 نقابة إضافة لاتحادها العام، وهي نقابات واجهت احتجاجات في السنة الماضية تطالب بنزع الشرعية عنها.

"
نحو نصف الاحتجاجات العمالية في الأردن كانت تطالب بزيادة الأجور، تلاها الاحتجاج على القوانين والأنظمة، ثم التثبيت في العمل فالاحتجاج على عمليات التسريح والمطالبة بوظائف
"

لماذا الاحتجاج
وتوصل التقرير إلى أن ما يقارب نصف الاحتجاجات العمالية (46%) كانت تطالب بزيادة الأجور، تلتها الاحتجاجات على القوانين والأنظمة، ثم التثبيت في العمل، ثم الاحتجاج على عمليات التسريح والمطالبة بالحصول على وظائف.

وكشف عن أن مدة الاحتجاجات تراوحت ما بين يوم واحد و69 يوما، وشكلت احتجاجات العاملين في قطاع الخدمات النسبة الكبرى من الاحتجاجات العمالية، تلاه قطاع النقل ثم التعليم فالصناعة والبلديات والصحة.

من جهته اعتبر مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية أحمد عوض أن الأسباب الرئيسة للاحتجاجات العمالية غير المسبوقة في الأردن يعود إلى التراجع الملموس في شروط العمل لغالبية العاملين، من حيث تقليص الأجور والحد الأدنى لها.

ومن أسباب احتجاجات العمال أيضا عدم تمتع قطاعات واسعة منهم بالحقوق الأساسية التي نصت عليها تشريعات العمل الأردنية، إلى جانب حرمان غالبية العاملين من حق التنظيم النقابي بفعل تشريعات تحول بين فئات واسعة منهم وبين هذا الحق.

دافع سياسي
وقال المحلل الاقتصادي غسان معمر إن هذا التصاعد الكبير في الخط البياني للاحتجاجات العمالية بالأردن يعبر عن خط سياسي أكثر منه اقتصاديا.

وأضاف -في تصريح الجزيرة نت- أن الاحتجاجات وحجمها خلال العام الماضي تعبر عن تحرر جماهيري يسعى لإعادة صياغة نظام الحكم بما يلبي مصالح الطبقة العاملة، وفرض شروط إنتاج جديدة على أصحاب رأس المال، وغالبيتهم من أصحاب السلطة السياسية النافذة في المملكة.

واعتبر معمر أن حجم الاحتجاجات ونوعيتها ودخول العمال في إضرابات غير مسبوقة يعبر عن إدراك اقتصادي للعامل بحقوقه، "وهو إدراك سياسي لأنها -أي الاحتجاجات- انتقلت من رؤية اجتماعية بسيطة إلى وعي للعمال بحقوقهم السياسية".

من تضامن مع المعلمين في اعتصام أقيم الجمعة الماضية في عمّان (الجزيرة)
من تضامن مع المعلمين في اعتصام أقيم الجمعة الماضية في عمّان (الجزيرة)

فرض شروط
وتابع الاقتصادي القول إنه لا يمكن النظر لتحركات العمال والموظفين على أنها اقتصادية ومطلبية فقط، بل هي تسعى لفرض شروط ومعادلات جديدة على سلطة الحكم السياسي في الأردن.

وبرأي الخبير الاقتصادي فإن أحد الأسباب الرئيسة وراء تصاعد احتجاجات العمال هو الربيع العربي الذي شجع قطاعات عديدة على المطالبة بحقوق كانت مسكوتة عنها خوفا من قمع السلطة السياسية.

وعن كون الاحتجاجات جرت خارج إطار النقابات العمالية واتحادها، بل نُظمت احتجاجات انتقادا لهذه النقابات، قال معمر إنه لا يوجد في أنظمة حكم الفرد الواحد هيئات نقابية قادرة على الدفاع عن حقوق العمال وحمايتهم، بل إنها تعمل على إضعاف أي تحرك أو نشاط سياسي للعمال.

وزاد معمر "الجسم النقابي غير فاعل بل إنه لا يقوم إلا بما يرضي السلطة التنفيذية التي تجهد في إبعاد أي قوى ضغط أو فاعلة عن قيادة النقابات".

ويشهد الأردن حاليا العديد من الإضرابات والاحتجاجات أبرزها إضراب المعلمين الذي دخل أسبوعه الثاني، وإضراب موظفين في شركة الفوسفات، إضافة لإضرابات واحتجاجات شبه يومية من موظفين وعمال ومتقاعدين للمطالبة بتحسين رواتبهم أو شروط عملهم.

المصدر : الجزيرة