اقتصاديون ينتقدون خصخصة الخطوط الجوية السودانية

مقر الخطوط الجوية السودانية (سوادانير) بالخرطوم - عماد عبد الهادي الخرطوم
لحقت الخطوط الجوية السودانية بنظيراتها من المؤسسات السودانية التي تخلصت الحكومة منها أو من الجزء الأكبر من أسهمها لصالح رأس المال الأجنبي، وفق برنامج خصخصة مؤسسات القطاع العام السودانية.
 
خصخصة (سودان أير) التي آلت نسبة 49% من أسهمها لمجموعة عارف الكويتية على أن يكون للحكومة السودانية نسبة 30% و21%  للقطاع الخاص السوداني، أثارت كثيرا من علامات الاستفهام حول برنامج الخصخصة كمبدأ يمكن أن يتوسع ليشمل الخطوط الجوية السودانية وبعض مؤسسات القطاع العام الأخرى.
 
ويعارض خبراء خصخصة كل الشركات العاملة في مجال النقل العام مثل السكك الحديد والنقل النهري والخطوط البحرية السودانية وغيرها، معتبرين أنها تلعب دورا اجتماعيا كبيرا.
 
وتمسكوا بما جاء في تقرير العرض الاقتصادي لوزارة المالية الذي اعتبر أن سودان أير هي الناقل الوطني الجوى الرئيسي وأحد رموز السيادة الوطنية وأنها ظلت طيلة العقود الماضية مؤسسة قومية تربط بين أطراف السودان المختلفة فضلا عن ربط السودان إقليميا وعالميا كما أنها تلعب دورا اجتماعيا.
 
وطالب التقرير بدعم الحكومة للشركة لتتمكن من مواجهة التحديات الشاخصة أمامها وذلك بالحصول على أسعار تفضيلية لوقود الطائرات وهو إنتاج محلى مع تخفيضات في رسوم الهبوط والملاحة الجوية والضرائب والجمارك للتعويض عن الدور الاجتماعي والاقتصادي الذي تقوم به الشركة لربط أجزاء السودان المختلفة مع دعم مشروعات الشركة لتحديث أسطولها وشبكتها داخليا وخارجيا.
 
انقلاب مفاجئ
وانتقد الخبير الاقتصادي محمد إبراهيم كبج ما سماه الانقلاب المفاجئ في مزاج وزارة المالية والاقتصاد الوطني الذي أدي إلى بيع الشركة، معتبرا أن ذلك يمثل انقلابا كاملا في التوجه نحو خصخصة المؤسسات القومية.
 
محمد إبراهيم كبج (الجزيرة نت)
محمد إبراهيم كبج (الجزيرة نت)

وذكر أنه تم تحديد جملة الاستثمار بمبلغ مليار دولار دفعت مجموعة عارف الكويتية 250 مليون دولار دون أن تتحدث الحكومة عن تقدير ممتلكات الشركة وهى كثيرة ومتعددة وذات قيمة ترتفع كل يوم ولا بد من التخوف من أن يتم تقييم هذه الممتلكات بقيمة منخفضة لا تساوى قيمتها الحقيقية في السوق.

ودعا إلى إبقاء مثل هذه المؤسسات والهيئات المملوكة للقطاع العام دون أن تشملها سياسات الخصخصة.
 
وقال للجزيرة نت إن المبلغ الذي ستدفعه مجموعة عارف الكويتية هو في أقصاه نحو490 مليون دولار كان يمكن تدبيره من الموارد الذاتية للحكومة الاتحادية ولا مانع أن تذهب بقية الـ21% إلى القطاع الخاص السوداني ليتم تغطيتها من نفس القطاع والجمهور مباشرة.

انهيار الموازنة

أما الخبير الاقتصادي حسن ساتى فقد حمل الحكومة السودانية مسؤولية بيع المؤسسات الوطنية لأجل ما سماه حل مشاكل وزارة المالية المتمثلة في انهيار الموازنة العامة للدولة, مشيرا إلى أن الخطوط الجوية السودانية هي من المؤسسات السيادية التي لا يمكن أن يتم بيعها إلا بطرح الأمر على المجتمع السوداني ليقرر بشأنها.
 
وتوقع أن تبيع الحكومة كل المؤسسات القومية طالما أنها تسير في برنامج الخصخصة الذي أعلنته من قبل.
 
وأعلن ساتى اعتراضه على بيع المؤسسات العامة ، مؤكدا أن الحكومة الحالية ستعيد مؤسسات الدولة إلى سيطرة رأس المال الأجنبي بعد التخلص من هذا الأمر في السابق واصفا سياسة الحكومية بالتناقض. وقال إنها تبيع المؤسسات العريقة، وفى نفس الوقت تعمل على إنشاء شركات طفيلية تنافس القطاع الخاص ما يكشف عن عدم قناعة الدولة ببرنامج الخصخصة الذي تطبقه في مؤسسات القطاع العام.
 
ولم يستبعد ساتى أن يكون برنامج الخصخصة وبيع المؤسسات القومية تنفيذا لتوجيهات بعض المؤسسات الدولية.
 
أما أستاذ الاقتصاد بجامعة النيلين الدكتور حسن بشير فقد اعتبر أن البيع غير مكتمل بل إنه جزئي مؤكدا أن شركة الخطوط الجوية السودانية من المؤسسات الخاسرة خاصة في الفترة الأخيرة من عمرها.
 
وقال للجزيرة نت إن القطاع الخاص السوداني غير قادر على توفير موارد ومتطلبات تشغيل الشركة، مشيرا إلى تراجع أرباح عدد من خطوط الطيران العالمية، وهو من الدوافع الرئيسية للتخلص من شركة الخطوط الجوية السودانية.
المصدر : الجزيرة