تحكي قصة اللجوء الفلسطيني.. "العشب الأسود" أوراق تنتظر الشاشات أو خشبة المسرح

الكاتب حلمي الأسمر متحدثا للجزيرة نت عن حلقات سيناريو المسلسل الذي يوثق حياة الشعب الفلسطيني بين النكبة والنكسة (الجزيرة)

في محاولته للنجاة بعائلته من القتل بيد العصابات الصهيونية، يتنقل الحاج أبو صابر مصطحبا عائلته بين أزقة قرية الشيخ مونس القريبة من مدينة يافا الفلسطينية في ربيع عام 1948.

يسير متداريا بجدران البيوت الطينية وأسقفها من قنابل عصابات الهاغاناه والبالماخ ورصاص بنادقها، ليستقر به الحال بعد عدة أشهر لاجئا في مخيم طولكرم، يسكن الخيام وغرف الصفيح بعدما هُّجِر من بيارته ومزرعته.

الحاج أبو صابر وعائلته شخصيات حقيقية، جسد قصة معاناتها في اللجوء والتهجير كاتب الدراما الأردني حلمي الأسمر، في سيناريو تلفزيوني يحمل اسم "العشب الأسود"، ينتظر التنفيذ ليعرض على شاشات التلفزة أو خشبة المسرح.

بين نكبة ونكسة

توثق حلقات المسلسل حياة الشعب الفلسطيني بين النكبة والنكسة -نكبة عام 1948 ونكسة عام 1967- بعد احتلال إسرائيل كامل الأراضي الفلسطينية، وصولا إلى انتفاضة يوم الأرض الشهيرة في 30 مارس/آذار 1976، وذلك من خلال حياة أسرة فلسطينية عاشت لاجئة داخل مخيم طولكرم في وطنها داخل فلسطين.

السيناريو التلفزيوني حاز على جائزة الدوحة للكتابة الدرامية في دورتها الأولى -وذلك في حفل نظمته وزارة الثقافة والرياضة القطرية قبل أيام في مسرح قطر الوطني- من بين 819 نصا دراميا وبمشاركة من 29 دولة من بلدان العالم.

التماهي ثم الانفصال

يقول الكاتب حلمي الأسمر للجزيرة نت إن المسلسل يحكي قصة توحّد الأراضي الفلسطينية تحت الاحتلال الإسرائيلي، وتسرد حلقاته كيف تمكّن الاحتلال من تطويع الشعب الفلسطيني للعيش حياة جديدة، واستخدامه في خدمته، فباتت القطاعات الاقتصادية الفلسطينية المختلفة -التجارية منها والزراعية والصناعية- مرتبطة بالاحتلال.

إلاّ أن حالة التماهي أو التوافق التي حصلت بين الفلسطيني والمحتل خلال فترة تولي حزب العمل الإسرائيلي الحكم، خلقت ردة فعل اجتماعية رافضة بين أوساط الفلسطينيين لهذا الواقع، فبدأت انتفاضات شعبية هنا وهناك سرعان ما كان تم القضاء عليها، حتى جاء حزب الليكود الإسرائيلي المتطرف للحكم برئاسة مناحيم بيغن، وبدأت سياساته المتوحشة ضد الفلسطينيين، عندها بدأ المجتمع الفلسطيني بالانفصال شيئا فشيئا عن المحتل الإسرائيلي.

لا يزال سيناريو المسلسل أسير الورق وينتظر شركة إنتاج تلفزيوني تقدمه على الشاشة (الجزيرة)

كتابة بالدموع

داوم الأسمر على كتابة نصوص المسلسل بشكل يومي، وعلى مدى عامين ونصف "كنت أكتب دون توقف، ما كان يوقفني سوى البكاء خلال سرد تفاصيل مؤلمة من الجوع والبرد والحرمان، عشتها وأهلي في أزقة وشوارع مخيم طولكرم".

وهو يستعد لكتابة الجزء الثاني والثالث من المسلسل، لسرد تفاصيل في حياة أبناء القضية الفلسطينية لم يتم تسليط الضوء عليها حتى الآن، أهمها تشتت أبناء العائلة الواحدة في عدة دول عربية وأجنبية، وفراق الأم أو الأب لأبنائهما دون وداع.

من الورق للشاشة

السيناريو ما زال أسير الورق منذ أعوام، ينتظر شركة إنتاج تلفزيوني تحوله من الورق إلى الشاشة، فتصبح قصة أبو صابر حية يحضرها المشاهد العربي، خاصة أن مثل هذه الأعمال تنقذ سوق الدراما العربي من الأعمال السطحية وغير الهادفة سوى للضحك والتسلية وضياع أوقات المشاهدين، وفق الأسمر.

وتوفر السيناريوهات الفائزة بالجائزة للمنتجين نصوصا جادة لمسلسلات ومسرحيات وأفلام، كتبت لتتجسد على الشاشة وخشبة المسرح، وتتيح لهم التعبير عن هموم الأمة العربية وتطلعات أبنائها، وتقف مع قضايا الشارع العربي.

ماذا يمثل التكريم

ويرى الأسمر في التكريم أنه من أهم ما حدث للدراما العربية في تاريخها، خاصة أنه لم يتم تقديم جائزة لكتّاب الدراما من قبل. وتمثل الجائزة حالة استفزاز وشحن لهمم كتاب الدراما لكتابة وتقديم نصوص تعبّر عن هموم الأمة وتطلعات أبنائها.

أما الجائزة فاعتبر أنها تمثل رد اعتبار للقضية الفلسطينية التي ظلمت كثيرا في الآونة الأخيرة، بعد الهجوم الشرس من المطبعين والمهرولين لطلب رضا المحتل الإسرائيلي، من الذباب الإلكتروني وبعض الكتاب الذين يهاجمون القضية الفلسطينية.

وتأتي الجائزة التي فاز بها الأسمر، تكريما لمساره الطويل في الكتابة الصحفية والأدبية والدرامية.

المصدر : الجزيرة