شاعرة السيرة والأسطورة.. الأميركية لويز غلوك تفوز بجائزة نوبل الآداب لعام 2020

تمزج الشاعرة الأميركية لويز غلوك في قصائدها بين السيرة الذاتية والأسطورة الكلاسيكية (غيتي إيميجز)

بفوزها بجائزة نوبل في الآدب لعام 2020، أصبحت الشاعرة الأميركية لويز غلوك أول امرأة أميركية تفوز بالجائزة العالمية منذ أكثر من ربع قرن، وقالت الأكاديمية السويدية الملكية للعلوم التي تمنح جائزة نوبل إن غلوك تميزت بـ"صوتها الشاعري المميز الذي يضفي بجماله المجرد طابعا عالميا على الوجود الفردي".

ونوهت الأكاديمية بسعي غلوك نحو الوضوح والعالمية واستيحاء الأساطير الكلاسيكية، التي تسود في معظم أعمالها.

وأبرزت الأكاديمية دور غلوك في موضوعات "الطفولة والحياة الأسرية، العلاقة الوثيقة مع الوالدين والأشقاء"، التي تركز عليها في أعمالها.

ونقلت وكالات أنباء إشادة رئيس لجنة جائزة نوبل، أندرس أولسون، بصوت غلوك الشعري الذي وصفه بـ"الصريح والمتصلب"  والمليء بالفكاهة والذكاء اللاذع. 

وقالت الأكاديمية في بيان لها "في قصائدها، تستمع النفس لما تبقى من أحلامها وأوهامها، ولا يمكن أن يكون هناك من هو أشد منها في مواجهة أوهام الذات".

تكريم سابق

وسبق أن فازت غلوك بالعديد من الجوائز الأدبية الكبرى في الولايات المتحدة، بما في ذلك ميدالية العلوم الإنسانية الوطنية الأميركية، وجائزة بوليتزر، وجائزة الكتاب الوطني، وجائزة دائرة نقاد الكتاب الوطنية، وجائزة بولينغن، وغيرها.

ومن عام 2003 إلى عام 2004، لقبت بشاعرة الولايات المتحدة، وغالبا ما توصف بأنها "شاعرة سيرتها الذاتية"، وتشتهر أعمالها بكثافتها العاطفية وباعتمادها بشكل متكرر على الأسطورة أو التاريخ أو الطبيعة للتأمل في التجارب الشخصية والحياة الحديثة.

وُلدت غلوك في مدينة نيويورك ونشأت فيها، وبدأت تعاني من فقدان الشهية العصبي أثناء وجودها في المدرسة الثانوية، وتغلبت لاحقا على المرض. أخذت دروسا في كلية سارة لورانس وجامعة كولومبيا؛ لكن لم تحصل على درجة علمية. بالإضافة إلى مسيرتها المهنية كمؤلفة، عملت في الأوساط الأكاديمية معلمة للشعر في عدة مؤسسات.

ركزت غلوك في عملها على إلقاء الضوء على جوانب الصدمة والرغبة والطبيعة، واشتهر شعرها بتعبيراته الصريحة عن الحزن والعزلة. وركز النقاد أيضا على بنائها للشخصيات الشعرية والعلاقة في قصائدها بين السيرة الذاتية والأسطورة الكلاسيكية.

وتعمل غلوك أستاذة للغة الإنجليزية في "جامعة ييل" بمدينة كامبردج بولاية ماساشوستس.

أشعار أميركية

اشتهرت غلوك بالقصائد الغنائية ذات الدقة اللغوية والنبرة الصارمة، ونادرا ما تستخدم قصائد غلوك القافية، وبدلا من ذلك تعتمد على التكرار، والالتزام، وتقنيات أخرى لبناء الإيقاع، وغالبا ما تكون أشعارها مستوحاة من الأحداث الشخصية في حياتها.

في حين أن أعمال غلوك الأدبية متنوعة من حيث الموضوع، يقول نقاد إن شعرها يركز على الصدمة، كما كتبت طوال حياتها المهنية عن الموت، والخسارة، والرفض، وفشل العلاقات، ومحاولات الشفاء، ويعتبر نقاد أن أشعارها تتبنى وجهات نظر متناقضة تعكس علاقتها المتناقضة مع السلطة والأخلاق واللغة.

من اهتمامات غلوك الشعرية الأخرى الطبيعة، وفي إحدى قصائدها تدور الأبيات في حديقة حيث تتمتع الأزهار بأصوات ذكية وعاطفية.

من الناحية الموضوعية، يُعرف شعر غلوك أيضا بما يتجنبه، ويقول الناقد الأدبي دانيال موريس إن "كتابات غلوك غالبا ما تتهرب من تحديد الهوية العرقية أو التصنيف الديني أو الانتماء الجنسي. في الواقع، غالبا ما ينفي شعرها التقييمات النقدية، التي تؤكد سياسات الهوية كمعايير للتقييم الأدبي"، فلا يمكن وصفها فقط بأنها شاعرة يهودية أميركية أو نسوية أو شاعرة طبيعة.

نقد للجائزة

وكانت الأكاديمية السويدية قد أعلنت في 2018 أنها لن تمنح جائزة نوبل للأدب هذا العام، وذلك في أعقاب اتهامات بسوء سلوك جنسي أدت إلى تنحي عدد من أعضاء مجلس الأكاديمية.

وفي نفس العام عانت الهيئة الأدبية العريقة لاستعادة صورتها عالميا وفي السويد؛ إثر تبادل أعضاء الأكاديمية انتقادات لاذعة في وسائل الإعلام، واستقال 7 من الأعضاء الـ18. ولأول مرة منذ 70 عاما تم تأجيل جائزة 2018، حيث وجدت المؤسسة نفسها دون النصاب القانوني لاتخاذ القرارات الرئيسية.

وأثار منح الأديب النمساوي بيتر هاندكه المعروف بتأييده التيار اليميني الصربي المتطرف منذ التسعينيات جائزة نوبل للآداب لعام 2019 جدلا واسعا، وتسببت كتابات هاندكه حول الحروب اليوغوسلافية وانتقاده لتدخل حلف الناتو والحملة الجوية ضد جيش جمهورية صرب البوسنة في أغسطس/آب 1995 بعد المذبحة التي راح ضحيتها حوالي 8 آلاف شخص من رجال وصبيان مسلمي البوسنة في مدينة سربرنيتسا، في انتقادات حادة له.

وأصدرت منظمة حرية التعبير "بي إي إن أميركا" (PEN America) بيانا رسميا نهاية العام الماضي يدين اختيار لجنة نوبل، وقالت إنها لا تعلق بشكل عام على الجوائز الأدبية للمؤسسات الأخرى لكونها ذاتية ومعاييرها غير موحدة، ومع ذلك فإن إعلان اليوم لجائزة نوبل في الأدب لعام 2019 لبيتر هاندكه استثناء.

وتابع بيان المنظمة غير الحكومية التي تدافع عن الأدب وحقوق الإنسان وحرية التعبير "نحن نرفض قرار نوبل، الذي يحتفي بالبراعة اللغوية لكاتب طالما شكك في جرائم الحرب الموثقة جيدا"، وأضاف أنه في لحظة تصاعد القومية والقيادة الاستبدادية والتضليل واسع النطاق حول العالم، يستحق المجتمع الأدبي اختيارا أفضل من هذا.

المصدر : الجزيرة + وكالات