شعار قسم مدونات

بطل كأس العالم

استاد لوسيل يستضيف نهائي مونديال قطر (الجزيرة نت)
استاد لوسيل يستضيف نهائي مونديال قطر (الجزيرة)

كرة القدم لا أحبها، فهي دائما تأتي بغير ما أتمنى، ولكن إذا ما نظرت لها كوجهة تعبر عن آرائنا وانتماءاتنا فأنا أحبها، كأس العالم بالنسبة لي هذا العام هو كأس المبادئ، فلقد فرحت لخسارة ألمانيا لأنني أرفض مبدأهم جملة وتفصيلا، وتمنيت استمرار اليابان، وعندما تأهل المغرب فرحت لأنه فريق عربي مسلم، وحزنت لخروج كرواتيا فأنا لا أفضل ميسي، فانسحبت من مشاهدة المباراة منذ الهدف الأول.

الفوز في كأس العالم هذا العام ليس فقط أهدافا، وإنما هو فوز إثبات هوية ورفع راية واحدة وطنية عربية من الخليج إلى المحيط، شكرا قطر على إخراج المونديال بهذا التنظيم وبهذه الصورة المبدعة، وشكرا للمغرب على السجود في الخسارة كما في النصر، شكرا لأمهاتكم وآبائكم الذين جعلونا نشعر بكم كأبناء لنا، لقد عززتم هويتنا، وبقينا كعرب لآخر المونديال، ومسلمين نوحد الله ونسجد له بصورة دافئة ومسالمة وطيبة.

لا أعرف إن كنت سأتابع مرة أخرى كأس العالم أم لا، ولكنني شعرت بدفء العروبة في عروقي، وسعدت جدا بانتمائنا جميعا للقضية الفلسطينية التي كانت حاضرة في المدرجات والشاشات صورة وصوتا، نحن العرب إذا توحدنا صرنا قوة لا تهاب الموت أبدا في سبيل قضيتها، ليتنا نتوحد في كل شيء ليس فقط في كأس العالم.

نهائي المونديال لا يعنيني، فبالنسبة لي فرنسا معادية للإسلام في كثير من مواقفها، ولا أحب ميسي الذي رأيت له صورا على حائط البراق، ولكن إذا ما فكرت بشي جيفارا كشخصية أرجنتينية وتناسيت ميسي، فإنني مع الأرجنتين، هذه هي كرة القدم بالنسبة لي، لعبة مبادئ وتحدي القدر.

بالنسبة لي فازت قطر وربح المغرب، وفي كأس العالم القادم أتمنى لو نصل إلى نهائي كأس العالم، لا بل قد يفوز فريق شرق أوسطي أو أفريقي، لابد للبوصلة أن تتغير، ولابد أن يجيء اليوم الذي تحمل فيه كرة القدم مفاجأتها للعالم، متى ستقدم الدول العربية تنظيما رائعا وتصنع أنموذجا قويا يثبت هويتنا وديننا السمح على الأصعدة الأخرى في غير الكرة؟ متى سنتوحد فعلا وتجمعنا وجهة انتصار واحدة، ولا يجمعنا الألم والفقر والأوضاع الاقتصادية المتردية؟ متى سنجتمع في الرفاه والإصلاح والانتصار؟ متى سيتحقق ذلك؟

لن أفسد فرحة جمال كأس العالم بوصفه حدثا رائعا برعاية عربية إسلامية، حققت قطر ما تريد، وخرجت بأبهى صورة، ووصل المغرب لأقصى ما استطاع أن يصله، وفازت تونس وللأسف لم تتأهل، فازت السعودية على الأرجنتين، وفازت اليابان على ألمانيا وتركتهم يعودون بلا احتفال لا على أرض قطر ولا حتى في وطنهم، كان كأسا استثنائيا. وبالنسبة لي أبدعت قطر في تصميم ملاعبها، فكلما رأيت ملعب الخيمة أشرق قلبي، تصميم جميل رائع، والمشجعون الأجانب الذين يرتدون الزي العربي بطاقة معايدة للتنوع وتقبل الثقافة العربية بألوانها الزاهية.

أحب كرة القدم أم لا أحبها، فهذه المستديرة فرضت نفسها بجدارة على العالم كله وقدمت نماذج للنجاح، ولا أستطيع إنهاء مقالي دون التعريج على رونالدو أيقونة النجاح والمبادئ، لو أنه لعب مع غير المغرب لحزنت أيما حزن لخسارته، ولكن يحزنني أنه لعب آخر مباراياته، ستفتقدك الملاعب والشاشات يا رونالدو، وستبحث طويلا عن رجل صاحب مبدأ خال من الوشم والكحول مثلك، رونالدو الدون الذي استمتعت بمباراياته وتابعت كل تحركاته في الملاعب، لقد كنت مثابرا صانعا لأهدافك، تأخذ كرة القدم كحرفة، أبدعت في إتقانها، ولكنها كرة القدم، الشيء الوحيد الذي تعترف به هو العمر، إنها كرة القدم ولها أعرافها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.