شعار قسم مدونات

ليس دفاعا عن بيب غوارديولا

ميدان - المدرب الإسباني بيب غوارديولا مدرب مانشستر ستي
غوارديولا مدرب مهووس بالتفاصيل ويعشقها حتى لو كان فائزا بفارق كبير (رويترز)

ليس دفاعا عن بيب غوارديولا، ولكنه دفاع عن الاحترافية في عالم كرة القدم، أنا جزائري وأحب رياض محرز وأعتبره واحدا من أفضل لاعبي العالم حاليا، لكن رغم كل هذا الحب والتقدير له فلا يمكنني وصف ما حدث له إهانة من قبل مدربه الإسباني بيب.

ولكن أصابني الكثير من الاستغراب والدهشة بعد لقطة بيب ومحرز بسبب أنها أخذت حيزا أكثر من حجمها، وكان الأجدر تحليل المباراة فنيا بدل الاهتمام بتفاصيل صغيرة، فهي لقطة عادية جدا تحدث كثيرا مع بيب أو غيره.

لقطة المدرب غوارديولا واللاعب الجزائري رياض محرز أسالت الكثير من الحبر والعديد من التحليلات والشرح، وأخذت مساحة ووقتا أكثر من حجمها.

أعتقد أن القضية أخذت أكثر من قدرها وقيمتها، فأين الضرر في أن مدربا يشرح أو حتى يوبخ لاعبا في الملعب؛ هذا أمر عادي، وشاهدنا العديد من هذه اللقطات في أكثر من مباراة.

العقل الجمعي العربي

في كل مناسبة تتعلق بلاعب عربي، تكون هناك مبالغة وتضخيم للأمور، يبدأ الجمهور الرياضي العربي في تقديم الانتقادات، واعتبار أن ما حدث مقصود وأن الهدف منه هو الإهانة أو التقليل من التقدير، مثلما حدث بين بيب ومحرز، وأعتقد أنه من الواجب أن نتصف بالموضوعية عند طرح مثل هذه الأفكار من دون روية أو من دون دليل واضح.

في اعتقادي أن المدرب بيب هو واحد من أفضل مدربي العالم، وهو يعمل بكل احتراف، وقدم للعبة كرة القدم الكثير من الأفكار؛ فلا يجوز الانتقاص من قدره أو قيمته لمجرد تصرف إنساني طبيعي.

أو اتهامه بأنه يحابي لاعبا على لاعب، وقد قال كثير من المتتبعين على وسائل التواصل الاجتماعي لو كان اللاعب ديبروين لما فعل معه ذلك، أقول إنه فعلها مع ميسي فهل ديبروين أفضل من ميسي؟

وحتى زملاء ميسي في برشلونة بيكيه وإبراهيموفيتش وغيرهما تعرضوا لمواقف مثل هذه في كثير من المباريات رغم المستوى الخرافي الذي كانوا يقدمونه في فترته مع برشلونة.

طبيعة غوارديولا

المدرب بيب بطبيعته البشرية عصبي يتكلم بسرعة ويصرخ ويحرك يديه كثيرا عند الكلام، أي إنسان يستطيع ملاحظة هذه الصفات بسهولة، ولا تحتاج أي جهد لملاحظة هذا، بيب مدرب مهووس بالتفاصيل مثل بيلسا، فهو أصلا من تلاميذه ومتأثر بمدرسته، يعشق التفاصيل ومغرم بها حد الجنون، حتى ولو كان فائزا بفارق كبير فهذا لا يهمه، المهم بالنسبة له تطبيق التفاصيل التي يريد للوصول للكمال الكروي المنشود.

تختلف شخصيات المدربين من حيث حدة التعامل والبرودة، واكتشاف هذا بسهولة من خلال ملاحظة تعبيرات الجسم في الفرح أو الغضب، ففرحة المدرب عند تسجيل الهدف تُظهر الكثير من الانفعالات، فعند ملاحظة حركات بيب عند تسجيل فريقه هدفا يظهر الكثير من شخصيته التي تتميز بالسرعة والحدة، وبنفس الطريقة تقريبا المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو، فبعد هدف الشعراوي الذي أعطى فوزا دراماتيكيا على ساسوولو ركض مورينو ليحتفل مع اللاعبين بشكل غير مسبوق، رغم أن المباراة ليست حاسمة أو مصيرية، لكنها هذه هي طريقته في التعبير عن الفرح.

وعلى النقيض مثلا نجد أن المدرب الإيطالي أنشيلوتي الذي يتميز بالهدوء ونوع من البرود سواء في حالات الفرح أو الغضب.

تكررت أكثر من مرة

في المباراة نفسها التي انتقد فيها بيب محرز انتقد بشدة والطريقة نفسها زميله جريليتش، وقد كان واحدا من أحسن لاعبي المباراة، رغم ذلك انتقده بالطريقة نفسها تقريبا، وحتى عندما كان في نادي برشلونة انتقد بيكيه وميسي وإبراهيموفيتش بالطريقة نفسها، وتكررت الحوادث نفسها في بايرن ميونخ مع كميتش وليفاندوفسكي، ولك أن تتخيل هوس بيب بالتفاصيل عندما قدم الشروح لجامع الكرات الذي يقوم بالتقاط الكرات عند خروجها لخط التماس.

شرح سبب النقد

حتى ولو كان المان سيتي فائزا فقد حدث في فترة من المباراة عدم قيام بعض اللاعبين بالضغط على لاعبي الخصم.

التوبيخ جاء بعد عدم قيام رياض محرز وزميله جريليتش بأدوارهم الدفاعية حتى ولو كان المان سيتي متقدما 4-2 أثناء حديث بيب، إلا أنه كما ذكرت سابقا مهوس بالتفاصيل، ولا يرغب في تفويت أي شيء مهما كان بسيطا.

بيب واحد من أعظم مدربي كرة القدم على مر تاريخ هذه اللعبة، وقدم الكثير لتطوير اللعبة على مستوى الخطط وتطوير اللاعبين واكتشف الكثير من اللاعبين وطور مستواهم، وبالنسبة لما حدث بينه وبين محرز فهو تصرف إنساني وغير مقصود، ولا ينقص من قيمتيهما أي شيء.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.