شعار قسم مدونات

خواطر حول الحاج أبو خطاب رحمه الله كما عرفته

BLOGS الداعية ابو خطاب

بكل أريحية أقول لم تشهد الأمة الإسلامية منذ وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على حسن خاتمة شخص وصدق إسلامه كما شهدت على العم أبي خطاب رحمه الله. في فيديو طاف الدنيا كلها خلال سويعات وقبل أن يدفن الرجل أجزم بأنه لم يبق (واتساب) إلا ويروي كيف تكون حسن الخاتمة (بلا إله إلا الله). ولم يبق مسلم إلا وقال (رحمه الله).

 

منذ أن كنت طفلا أحبو وقبل أن أتمكن من المشي كان جدي رحمه الله يأخذني معه إلى مسجد حارتنا (مسجد العثمان) وفي فترة فتوتي كان يلفت نظري ذلك الرجل بخطواته السريعة وابتسامته وحرصه على السلام على الجميع، كان الحاج أبو خطاب أحد المتطوعين في لجنة الزكاة التابعة للمسجد وهي لجنة عريقة أسسها الشيخ حسن أيوب رحمه الله عندما كان في الكويت.

 

ما كان يميز العم أبو خطاب هو اهتمامه بالمجال الاجتماعي فقد كان حريصا على التعرف على العوائل وإصلاح ذات البين بين المتخاصمين أو بين الأزواج، يأخذهم برفقه وينقلهم بحديثه إلى عالم الآخرة فينسوا الدنيا وهمومها وتفاهاتها. ولمن لا يعلم فالحاج أبو خطاب يحمل شهادة جامعية في الحقوق، مما أعطاه ميزة في القدرة على حل الإشكالات.

 

يقصده كل راغب في الزواج ليجد له عروسا.. وقد يبادر هو فيتصل بالبيوت التي يعرف أن فيها بنات في سن الزواج فيوفق الله على يديه ويكون سببا لبناء بيوت جديدة. لا تدخل بيت عزاء للجالية الفلسطينية إلا وتجده حاضرا، يبادر فيلقي موعظة في الحضور ثم يطلب منهم أن يؤمّنوا خلف دعائه، وحينها كنا نمازحه ونقول لا تطيل يا شيخ فقد كان دعاؤه طويلا لكنه مؤثرا يلامس القلوب.

 

ليس غريبا أن تعود مريضا في المستشفى فتجده هناك، فلم يكن يسمع عن مريض إلا ويزوره. ويحمل في جيبه علبة حلوى ليوزعها على الأطفال. ابنه خطاب كان صديقي فهو من جيلي وكان يصلي معنا في مسجد العثمان وهو شاب نشيط خدوم.. أفجعني خبر موته عام 2002 في حريق نشب في شقته توفي على إثره خطاب وابنه.. ولما ذهبنا أنا وأصدقائي للعزاء.. وجدنا العم أبا خطاب المفجوع بابنه الأكبر وحفيده صابرا محتسبا.. قلت حينها لصديقي ذهبنا لنعزيه فعزانا هو.

 

رحل عنا أبو خطاب ليلحق بابنه وحفيده.. ومن تقادير الله أن يكون آخر يوم في حياته هو آخر يوم في إقامته في الكويت.. ورغم أن قوانين البلد تصعب على كبار السن الوافدين إيجاد إقامة لهم.. فها هو أبو خطاب يحصل على إقامة أبدية في الكويت.. يشاء الناس شيئا وقدرة الله فوق أقدار البشر. من قال إن زمن الأولياء والصالحين قد انتهى؟ من قال بأنك لن تجد شخصا لو أقسم على الله لأبره؟

 

لا يزال في الأمة الإسلامية بقية خير ولا يزال فيها العم أبو خطاب وأمثاله ممن ركلوا الدنيا بأقدامهم وجعلوا الآخرة أكبر همهم .. فما قيمة كنوز الدنيا كلها أمام ميتة مثل ميتة العم أبي خطاب؟ اللهم ارحمه وعوضنا عنه خيرا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.