شعار قسم مدونات

دليلك الممتاز لقتل سجينك السياسي في خطوات دون محاسبة

blogs محمد مرسي

المتنافسون على السلطة في كل بقاع العالم الحديث الذي نفض الانقلابات مند زمن يدركون أن اللعبة القدرة التي تسمى فلسفيا السياسة، تلعب بقوانين متعددة الأوجه، متغيرة المعايير الأخلاقية، قدارتها محدودة السقف، تضمن إلى حد ما الحد الأدنى من التنافس العادل بالرغم من أن الضمانة تخترقها كل أنواع الحيل لضمان الفوز، لكن يركز الجميع على السقف والحد الأقصى في الخداع أو التضليل لتكريس مبدأ الغاية تبرر الوسيلة.

منذ بدأ المحاكمات الساسية عبر التاريخ أثير دوما الجدل الأخلاقي لجدواها وهي سياسية، إذ لا يعقل أن تحاسب إنسانا على اتباعه مبادئ ضد مبادئك واعتناقه أفكارا تخالف أفكارك، لهذا نجد المحاكمات السياسية طاحونة ظلم للمغلوب من المتنافسين السياسيين، وحتى محاكمات نورنبرغ السياسية للقادة السياسيين النازيين كانت محل تنديد لأكثر النظم اجراما في التاريخ، لدلك أصبح من الصعب جدا على المجتمع الدولي محاكمة نظام سياسي إلا عبر لوائح قانونية صارمة تدور في فلك الجرائم الكبرى مثل الابادة أو القتل الممنهج للشعب، لكن كل هدا يجعلنا نفكر خارج حدود وطننا العربي، الذي فعلا أعطى الدليل الممتاز لكل من يريد أن يقتل سجينه السياسي دون أدنى محاسبة، من خلال محاكمة الرئيس الراحل محمد مرسي، على اختلاف البعض مع فكر الرجل فإن الكل يتفق على عبثية نظام السيسي في محاكمته، لكنها عبثية مدروسة بعناية شديدة.

تحييد الرأي العام الداخلي والخارجي عن طريق استراجية واحدة دات تفرعين، إشغال الداخل بمشاكل مفتعلة كالغلاء المعيشي والإغداق المالي على السلك الأمني والعسكري، والخارجي بمنح الجميع جزءا من الكعكة الاقتصادية

الخطوة الأولى: فرض الأمر الواقع، فالكل يعرف ما يتلو الإنقلابات العسكرية في الدول التي تعد الديمقراطية ترفا سياسيا وبدخا قانونيا، وما ينجر عن الديمقراطية من قوانين ملزمة باحترام حقوق السجين السياسي، لدلك لجأ نظام السيسي إلى فرض الأمر الواقع كبديل للقانون فمحامو الراحل محمد مرسي لم يطلعوا على أوراق القضية الأولى البالغة 7 آلاف ورقة إلا قبل يومواحد من بدأ المحاكمة، حسب تصريح لوكيل نقابة المحامين المصريينالخبير القانوني محمد الدماطي، وردا على سؤال إحدى القنوات الإخبارية، عما إذا كانت المحاكمة تسير بشكل قانوني طبيعي وفي ظل إجراءات معتادة، واصل الدماطي ردوده المختصرة وإن كانت موحية حيث قال "يا سيدي نحن نعمل في ظل الأمر الواقع لا القانون". فالأمر الواقع له وقع التعجيز في نفسية كل الفرق المنافسة وكل من لديه الإمكانية القانونية للإعتراض على خروقات معينة، ناهيك عن مئات الخروقات التي طبعت تقديم الراحل مرسي وفريقه الرئاسي للمحاكمة، من دون سند قانوني وإنما الكثير الكثير من الأمر الواقع.

الخطوة الثانية: التخويف واسع النطاق والشامل عن طريق التنكيل المشرع بقانون يجعل حتى التعاطف مع الرئيس مرسي جريمة ترقى إلى سلسلة طويلة من التهم المكيفة، خاصة مع وجود فريق قضائي كانت مهمته الواضحة والمحددة انهاك الراحل مرسي بمحاكمات دات طابع معقد ومتشعب الغرض منها إطالة أمد انهاكه، أو إدلاله أمام الكاميرات، مما أحال الداكرة مباشرة إلى محاكمة المخلوع حسني مبارك الذي يقترب القضاة مرات عدة من مناداته بسيادة الرئيس، فرأينا أحد القضاة يوبخ مرسي لأنه قال له أنا لا أسمعك ونفس القاضي يطلب كرسيا فورا من أجل راحة مبارك، وهنا من خلال معاملة الراحل مرسي هكدا تخويف للجميع في مصر بأن رأس الدولة الشرعي والمحصن بالشرعية ما هو إلا شخص تافه هزيل يوبخ ويعطى درسا في الأخلاق.

الخطوة الثالثة: عدم إعطاء فرصة العلنية وفسح المجال له للكلام، فقد كان واضحا مند البداية أن الخطأ الذي وقع فيه الأمريكان بأياد عراقية عندما سمحوا للراحل صدام حسين بالكلام أثناء محاكمته، لم يرد نظام السيسي الوقوع في ذات الخطأ، فهم يعرفون القدرة الخطابية التي تربى عليها أعضاء جماعة الإخوان، فمنعوا مرسي من دلك لكي لا يغدو بطلا يتداول الجميع مقاطع عن مناظرات قانونية بينه وبين القضاة، فقد وضع في قفص زجاجي عازل للصوت، وكان يمنع فورا من أي كلام جانبي، كما أن مرضه استغل بشكل جيد عن طريق استفزازه واهانته لإثارة أعصابه وتوبيخه من جديد، ومنعه من الكلام والمحاججة قد يوقع القضاة في إحراج قانوني.

الخطوة الرابعة: تحييد الرأي العام الداخلي والخارجي عن طريق استراجية واحدة دات تفرعين، إشغال الداخل بمشاكل مفتعلة كالغلاء المعيشي والإغداق المالي على السلك الأمني والعسكري، والخارجي بمنح الجميع جزءا من الكعكة الاقتصادية والأمنية وبيع المواقف السياسية لتوضيح الفارق لو كان مرسي رئيسا لمصر.

الخطوة الخامسة: التحشيد الإعلامي والديني والتربوي والاجتماعي والفني لتأييد السيسي وبالطبع معاداة مرسي، فغوبلز معلم الجميع في تكيرير الكدب حتى يصبح حقيقة، له التلاميذ النجباء في الأنظمة المستبدة، لدلك وجدنا هدا التحالف النادر بين الفن والدين والإعلام والأمن والسياسيين والرياضيين، مما حيد الجميع وأعطى الانطباع بمشروعية بأن محاكمة رئيس منتخب ديمقراطيا هي واجب وطني، والفرد يخطئ عندما يخطئ أمامه الجميع.

الخطوة السادسة: اللعب على عامل الزمن الذي من شأنه تمييع القضية كلها، والكلام على التضييق على صحة الرئيس الراحل مرسي والعمل على قتله عن بعد، هذا إن لم نتجاهل العامل النفسي، ففي خمسينات القرن الماضي في حرب الكوريتين، أقام خبراء كوريون وصينيون وسوفيات تجارب على الأسرى الأمريكيين الدين كانوا يجدون معاملة جيدة بالنسبة لظروف الحرب آنداك، لكنهم كانوا يتلقون رسائل مزورة تحمل لهم أنباء موت أقاربهم أو مطالبات زوجاتهم بالطلاق أو خسارة تجارتهم، فسجلت وفيات مرتفعة جدا في صفوفهم، ونفس الأسلوب القاسي بمنع الزيارات عن الرئيس ومنع الأطباء والتواصل المضمون إلى حد ما أثناء الإعتقال للسياسيين، مما أدى لموته في إحدى الجلسات.

الخطوة السابعة: التبرير البليد والعدائية الوقحة، فقد ظهر أن البلادة سلاح ناجع جدا في ارتكاب نظام السيسي للجرائم، فبعد قتل المئات في ميدان رابعة باستخدام معدات حربية تكفي لاحتلال مدينة، وبعد قتل العشرات تعديبا واعتقال الآلاف ظلما، والفضيحة الدولية بقتل الطالب الإيطالي ريجيني، تبلد النظام حقا هو وأدرعه الإعلامية الناطق الرسمي باسمه، فتعماملوا مع حدث ضخم كهدا بمنطق القضاء والقدر، هكذا ببساطة، تقتل روحا عن بعد وبتركيز وتأن مقصود ثم تحيل الأمر على القدر، والأدهى من دلك كيل الشتائم والسباب لميت، في وقاحة لم نعهدها في أي إعلام، حتى صار الترحم على الرئيس الراحل مدعاة لأن يكون اسمك على قائمة سوداء.

الذي حدث سيكون له صدى في المستقبل السياسي لمصر، قد لا يدرك نظام المهزلة دلك، لكن الظلم لا يدوم، وهاهو أول مسمار في نعش النظام يدق ببلاهة مطلقة لإيغار صدور قطاع واسع من المصريين وجعل الكثيرين يلتفون حول قضية الرئيس الراحل مرسي، وحتى لو نجى النظام من المساءلة الدولية، فإن التاريخ سيقول كلمته فيما بعد.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.