شعار قسم مدونات

الإسلاموفوبيا.. طاعون العصر الحديث

blogs إسلاموفوبيا

ومازالت أوروبا تحصد في بذور الكراهية التي زرعتها الإمبراطوريات الاستعمارية. الطاعون الأوروبي حادث مأسوي قد لا يخفى على الكثيرين ولكن مما أكده التاريخ أنه حصد أرواح الأوروبيين دون أدنى رحمة فقد ضرب الطاعون أوروبا في ولم يرحل إلا وقد خلف ما يزيد عن ٤٥٦٦٦ قتيل من جراء الإصابة به، هذا الرقم والذي قد قال بعض المؤرخون من نصف تعداد سكان أوروبا في ذلك الحي كان المأساة الكبرى والكارثة الموجعة التي حطت على رأس أوروبا. لكن الكارثة التي واجهت الأوروبيين في ذلك الوقت لم تكن مرض الطاعون نفسه بل كانت السرعة التي ينتشر بها من فرد لأخر وأستمر الوضع على هذا النحو إلى أن زال المرض واستطاعت القارة العجوز تخطي هذا المرض العضال.

 

إلى أن جاء القرن الحادي والعشرين حاملا معه أمراضه الجديدة وحاملا معه طاعونه الجديد، ولكن في هذه المرة لم يكن الطاعون يصيب الأبدان والأجساد وإنما كان مرضا فكريا يصيب الأدمغة والعقول، إنه الإسلاموفوبيا أو كما هي الترجمة الحرفية للاسم فهو "رهاب الإسلام" إنه خوف ونفور غير مبرر بالمرة تجاه كل ما هو إسلامي أو يمت للإسلام بصالة من بعيد أو من قريب، قد يكون هذا نتيجة لتراكم الأفكار المعادية للإسلام على مر العصور في أذهان الأوروبيين منذ محاكم التفتيش الأندلسية وحتى المجازر الصربية في حق المسلمين البوسنيين.

 

يوما بعد يوم يلتهم مرض الإسلاموفوبيا العقول حيث أنه لم يعد مقتصرا على الأوروبيين والأمريكيين فقط وإنما اتسعت دائرته لتشمل جميع أصحاب البشرة البيضاء في شرقي الأرض وغربها

لكن مشكلتنا ليس في كيفية ظهور هذا المرض الخبيث لكن في أنه موجود بالفعل وملموس على الساحة فهو شكل جديد من أشكال العنصرية في أوروبا يضاف إلى رأس قائمة واسعة من أشكال العنصرية في أوروبا بداية من معاداة السامية ومرورا بمعاداة العرب والشرقيين وحتى معاداة الإسلام الآن. والجدير بالذكر أن الاسلاموفوبيا قد يوضع تحت مظلة التقليد الأوروبي القديم المعادي للدين الإسلامي فيذكر أن ما يقرب 190منظمه معادية للإسلام في كل من أمريكا وأوروبا يتجمعون ويشتركون جميعا في نشر الخطاب الرهابي وخطاب الكراهية ضد المسلمين داعمين جميع أشكاله سواء كان في شكل العنصرية اليومية أو التمييز أو أشكال أكثر تطرفا مع أنه قد تم تصنيف هذه الأعمال على أنها انتهاك لحقوق الإنسان وتهديد للأمن الاجتماعي للدول.

 

وقد أشارت عدد من الدراسات الحديثة إلى أن زيادة حدة رهاب الإسلام ترتبط بارتفاع الخوف من تعدد الثقافات والتعصب للعرق الأوروبي وكذلك فهو يعتبر خوفا من التأثير الذي سوف يسببه الانتشار الإسلامي على أوروبا أو الولايات المتحدة وهو ما جاء في صورة ازدياد الدعم لما يطلق عليه "الحظر الإسلامي" ومراقبة المساجد أو منع بنائها من الأساس. وعلى ما يبدوا فإن هناك ممولين لهذه الأفكار وداعمين لها ولانتشارها بين الشباب بشكل خاص حيث قامت مجموعة تعرف نفسها باسم "اوقفوا اسلمة امريكا" بنشر إعلانات في مدينة نيويورك ومترو الانفاق تحمل صورا لحادث 11سبتمبر إضافة إلى بعض الكلمات التي نسبوها إلى القرآن الكريم زورا وهي "سرعان ما نلقي الرعب في قلوب الكافرين".

 

بل إن حد الكراهية وصل بهم إلى تصمي وبرمجة لعبة كمبيوتر اطلقوا عليها اسم "مذبحة مسلم" وهي لعبة إبادة جماعية حديثة كان المستهدف منها هم الشباب والأطفال حيث كان هدف اللعبة من أجل الفوز بها هو قتل جميع المسلمين الذين يظهرون على الشاشة، وقد أخرج مبرمج هذه اللعبة اعتذار عنها لكن سرعان ما تبين أنه كان بيان مفبرك وأن اللعبة الاصلية كانت تهدف لتحقيق مأرب سياسية.

 

ومؤخرا وبعد ظهور تنظيم داعش أو ما تمت تسميته باسم "الدولة الإسلامية" ظهرت أزمة الأسلاموفوبيا من جديد على الساحة الاوروبية ولكن هذه المرة تبين أنها أصبحت متأصلة في عقول طائفة كبيرة من الأوروبيين والذين استطاع بعضهم أن يصل إلى مناصب مرموقة مثل "ماري لوبان" مرشحة اليمين في انتخابات الرئاسة الفرنسية والتي نادت جهارا بضرورة ترحيل وإقصاء المهاجرين بشكل عام والمسلمين منهم بشكل خاص عن أوروبا.

 

يوما بعد يوم يلتهم مرض الإسلاموفوبيا العقول حيث أنه لم يعد مقتصرا على الأوروبيين والأمريكيين فقط وإنما اتسعت دائرته لتشمل جميع أصحاب البشرة البيضاء في شرقي الأرض وغربها دون تفريق بين بلد وأخرى وقد يكون المسبب لذلك هو بعض الأفكار التي يحملها رجال الدين والتي يحقنون بها العامة من السعب الذين يسعون من أجل الدفاع عن أمنهم وإيمانهم بحسب اعتقاداتهم. فإذا كان الطاعون قد أباد ما يزيد عن ثلث سكان أوروبا قديما بسبب الجهل والمرض فكم من الضحايا سوف يخلف طاعون الفكر المسمى بالإسلاموفوبيا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.