شعار قسم مدونات

الحب وحده ينتصر

blogs - Love

إنَّ جلَّ ما أسعى إليه حُباً جماً يلتقطني من سابع سماء، آمنة ومن ثم نعود سوياً نغامر؛ لنتعلم الطيران. لطالما يا صديقي تعلمت أن الحب مصنع الإنسانية، يصنع السلام وبرأيي الشخصي أن للحياة أربع أسس تقوم عليها حياتنا، والأُساس الأول الذي دونه لا يكتمل مربع سعادتنا المطلقة وراحتنا؛ هو الحب ولطالما كانت الحياة قاسية معنا لأجل إدراك قيمة هذه الأسس الباهظة، هذا ولأنه لا ندرك بأننا لا نحب إلا بعد فوات الأوان، بعد الفراق، بعد أن نفقد أشياء غالية قد يأتي يوم من المحال عودتها.

  

قد اعتاد الإنسان أن يحارب لأجل البقاء على هذه الحياة، ينام ليستيقظ، يأكل ويشرب ليملك طاقة التحرك، يعمل ليحصل المال، ويتزوج وينجب ليكمل سنة الحياة لأجل الاستمرارية ولكن ليس هناك أي متعة وسعادة في اتمام هذه الأشياء البسيطة فإنها تحصيل حاصل لروتين قاسي وممل. الأغلبية العظمى منا أساء فهم معنى السعادة المطلقة في تزويد شحنته وتفعيل مولدات عقله دون قلبه لأجل تحصيل الحياة الهانئة المزيفة بالمال والبيت وأخر طراز من سيارات BMW أو غيرها.

  

قمت بمواجهة نفسي بحقيقتي، فقد كنتْ أكثر الناس ضعفاً وفقراً لأجل أن يحارب بالحب، ولكن الأن أدركت بأنني محاربة شرسة لا تستطيع أن تنتصر إلا بالحب

لقد ميزنا الله جل جلاله عن حيوانات الكون بالعقل، وإلا جميع كائنات هذا الكون تملك قلباً، لقد فضلنا بالعقل لأجل إدراك سنة الحياة، الإعمار والصلاح ولن يأتي هذا السلام إلا بالحب ولن نأتي مسعانا ونحن دائماً هكذا متأهبين كقسم الطوارئ لأجل الانتصار على بعضنا البعض، وننسى أن الحب ينتصر بنا سوياً، بعضنا يخاف على بعضه الآخر وليس منه، فلنهدأ قليلاً ونزود جرعات الحب. أنت في أمس الحاجة أن تكون محبوب من طرف نفسك، عائلتك، زوجتك أو فتاتك، أصدقائك وعملك.

  

العائلة التي نملك اتجاهها تلك الحساسية المفرطة في أن نصبح أمامها أشخاص ذوي شخصيات مثالية وناجحون في عملنا دون الحاجة لهم، دائماً ننسى أن أفضل الأشخاص الذين نملكهم في هذا الكون لإظهار عيوبنا أمامهم دون خوف وقلق هم الأهل. هل ندرك قيمة تلك الأم التي تحتوي ضعفنا ولا مثاليتنا، شاحن طاقتنا هو حضنها وصوت دعائها أثناء قيام الليل والفجر، هل ندرك قيمة ذلك الأب الذي أفنى عمره ساعٍ لتأمين عيشاً كريماً لنا، تعليم وتربية، مأكل ومشرب، حياة ترفيهية " هاتف جديد، ساعة إلكترونية، حاسوب، حذاء رياضي.. إلخ " وهل ندرك قيمة أولئك الأخوة، لطالما تشاجرنا ولكن دائماً في الظهر يأمنون حياتنا.

  

لماذا يصعب علينا التعامل بحب وجعل حياتنا مليئة بالحب؛ لنأكل بحب ونتحدث بحب ولنتشاجر بحب ونعود لبعض بحب، ألم يخبرنا رسولنا الكريم صلوات الله عليه: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لاَ تَدْخُلُوا الجَنَّة حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُوا، أَوَلاَ أَدُلُّكُم عَلَى شَيءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُم؟ أَفْشُوا السَّلاَم بَينَكُم».

 

هذا الحرص الشديد في أن تكون ناجح في كل مجالات حياتك متجاهل قلبك، لا يخلق منك الا شخصية أنانية قاسية، تنتهي لوحدها بهذه الحياة دون عزاء يا صديقي، ولتعلم شيء آخر عليك أن تدرك بأنك أكثرنا جهلاً، عندما تبحث عن الحب المزيف في السرير تحت إطار الزواج، ابحث عن فتاة مجنونة تغامر بكل شيء لأجل أن ينتصر الحب بكم سوياً، لا تجعل من أميرتك موظفة منزل، والأنسب لأجل انجاب وريثك، بل اخرجوا لهذه الحياة عن طريق حفلة شواء أمام البحيرة، تأملوا النجوم سوياً، استمعوا إلى أغنيتكم المفضلة بصوت عالي، استيقظوا فجراً وراقبوا الشروق من أعلى الجبل.

   

أما التي ترغب بمستوى معيشي معين من زوجها لأجل الزواج منه، ليكونوا أكثر سعادة عندما يتملكون بيتاً وسيارة حديثة، إذاً هنا عليكِ البقاء بمنزل والدكِ حتى إشعار آخر من تغيير أفكاركِ رجاءً، لستِ مضطرة لبرمجة حياتك تحت الشكليات المزيفة، فتكتشفي بعد فوات الآوان بأنكِ لا تمتلكي تلك السعادة الحقيقية ولا تجعلي من شيطان الترف يتملك رغباتك. وما أتقى من تلك الأنثى الطاهرة، التي لا تمد رجلها إلا النصح ولا تهدي سبيله إلا للخير، أنثى قوية ولكن ذات روح رقيقة ذات فكر واسع، لطيفة المجلس وجميلة الخُلق.

  

بينما كنتَ تسعى لتستغني عن هذا الحب، كنتُ أسعى أن أخبئ قلبي معك، بينما خاصمتَ الليل ونمتَ مبكراً، كنتُ وحدي أسامر الليل أراقب نجومنا، بينما كنتَ تراهن بأننا سنخسر كنتُ في مكان ما، داخل أعماقي أدعو بأن جذورنا تعود تتعانق بإحكام. وهذا ليس لأنني ضعيفة بل لأنني قوية جداً، قمت بمواجهة نفسي بحقيقتي، فقد كنتْ أكثر الناس ضعفاً وفقراً لأجل أن يحارب بالحب، ولكن الأن أدركت بأنني محاربة شرسة لا تستطيع أن تنتصر إلا بالحب، باللطف كأثر الفراشة، بالصبر على أولئك ذوي القلوب الشحة وترك الأيام تذكرهم بنا جيداً.

   

أعلم بأننا لم نعد نؤمن بالمعجزات وزمانها ولكن أليس معجزة أن نبقى سوياً، لا نسمح للجليد أن يُذيب حبنا، إنما نجعل حبنا يذيبه ولماذا لا ننهي صراع الإنسان على البقاء ونبدأ حرب جديدة تحت مسمى: "الحب وحده ينتصر"

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.