شعار قسم مدونات

تمسكوا بالفرح.. لا يوجد متسعا للحزن

blogs امرأة

كثير ما نتحدث مع أحبابنا وأصدقائنا وبين أنفسنا، أن هذه الحياة تسير في هذا الزمن بسرعة برق مخيفة، ولا ندرك فيها بركة الوقت والأيام والأسابيع بل حتى السنين، فكلما جلسنا نتذكر حدثا ماضيا ونتأمل مواقفه، لا نصدق أنه مر عليه زمن طويل، ولأن هذه الأحداث الماضية تتراوح ما بين مفرح ومحزن؛ قررت أن أكتب شيئا عن ذلك في هذه المدونة.

فحياتنا أصبحت تشبه كثيرا في دورانها العجلة المسرعة، بل إن هذه العجلة منزوعة الفرامل، فلا تعرف هذه الحياة للتوقف معنى، وتهرول وسط أحداث مزدحمة ومليئة بالأشغال تارة وأحداث فاترة وروتينية تارة أخرى، هكذا الحياة أصبحت وهكذا كانت؛ فلا معنى للإنسان أمام هذه السرعة والهرولة إلا أن يكون بين عينيه هدفا عظيما يسير إليه، ويكون مؤنسا له في هذا الطريق السريع.

وطوبى لمن ترك في هدفه أثرا لمن بعده، فاصطحب من حوله في ركبٍ ينالون خيره وفوزه في دنيا قصيرة ومنتهية ودار خالدة وباقية، فعلى قدر أهدافنا الكبيرة سنُشغل الحياة بما هو خيرٌ وأبقى ولن تشغلنا بما هو لهو وسراب، وسنهتم بذاتنا ونكون عاملين ومفيدين لها، وليس شاغلين أنفسنا وألسنتنا بغيرنا، وبمن هم في طريق وإن كان متشابها لكنه حتما مختلف، لأن لكل شخص رؤيته وقناعته ونشأته الخاصة التي صقلت شخصيته وجعلته إنسانا متميزا عن الآخر.

وأمام هذه الأهداف العظيمة والكبيرة، ينبغي علينا ألا ننسى في زحمة الحياة ونضع أمام عيوننا أنه لم يبقَ متسعا ومكانا للحزن، فعجلة الأيام ودورانها تطلب منّا بإلحاح شديد أن نتمسك بكل شيء اسمه فرح وسعادة وسرور، وأن ننثر السعادة على وجوه المحيطين بنا وننشرها في قلوب من نصادفهم في أيامنا وحياتنا، لأنه ببساطة ودون تكلف "الحياة أقصر مما نتصور"، والراحلون عنّا خير دليل وأقوى برهان.

لنبدأ أيامنا في كل صباح بابتسامة، تجعل كل من حولنا يبتسمون ويفرحون، فتشرق لنا الحياة بألوانها الزاهية الجميلة، وتنتعش أرواحنا بالفرح والتفاؤل

حياتنا لم تعد تحتمل دفترا وقلم، فأحداثها المليئة بمواقف صادمة وسيئة تجعل من حق أنفسنا علينا، أن نبحث لها عن بصيص أمل يستعيد بريق الفرح للقلوب التي أطفأها الظلم في كل مكان، في ظل واقع ومحيط يمر أمام عيوننا كلما جرى تفعيل الذاكرة قليلا، ولا يقتصر الأمر على الذاكرة، فإنه مع عجلة الأيام وسرعتها تخرج لنا هذه المواقف واقعا وحاضرا وربما مستقبلا، لكن لا بأس؛ لا يوجد متسعا للحزن!

وعلى قدر أهمية التمسك بالفرح والسعادة والسرور، فإن البحث عنه لا يحتاج منا عناء وجهدا وتعبا، لأنه موجود بين أيدينا ومتاح لكل من اهتدت نفسه إلى هذا الأمر الجميل، فلنتمسك بالفرح سواء كان صغيرا أم كبيرا، فإنّه بأشكاله جميعا فيه الخير والفلاح والرقي بذاتنا لما تستحق من وجودها في هذه الحياة، ولا نعيش السعادة واقعا وحاضرا على حساب التخطيط لفرح الغد المؤجل، لأن أيامنا المسرعة ستأتي ومعها أفراحها لمن يريد ويبتغي.

ومظاهر الفرح كثيرة وربما أراها لا تقتصر على فرح النفس أو أن نكون سببا في إسعاد المحيطين والمقربين كما ذكرت في السطور السابقة، وإنما تمتد وتتجاوز لمحاولات التبرع بالفرح، تماما مثلما نتبرع بالأموال للفقراء والمحتاجين، فهناك نفوس فقيرة للفرح، وقلوب مليئة بالأحزاب وفي أشد الحاجة لمن يترك أثرا طيبا وفرحة تغمرها بما حرمته مآسي الأيام، وقالوا قديما: "ساعد من حولك وأسعدهم فعندما نعيش لنسعد آخرين يرزقنا الله بآخرين ليسعدونا، فابحث عن العطاء لا الأخذ، فكلما أعطيت كلما أخذت دون أن تطلب".

لذلك هي دعوة لنفسي قبل الآخرين؛ لنبدأ أيامنا في كل صباح بابتسامة، تجعل كل من حولنا يبتسمون ويفرحون، فتشرق لنا الحياة بألوانها الزاهية الجميلة، وتنتعش أرواحنا بالفرح والتفاؤل، وفي نفس الدعوة لا نترك أيامنا تنتهي ويسدل الليل ظلامه إلا بالمشهد ذاته الذي بدأ في الصباح، وحينها لن يضرنا كثيرا تشابه الأيام وزحمتها بل وعجلتها، لأننا حينها سنغذي أنفسنا بخير وفير يشرح صدورنا ويفطر فؤادنا على المحبة والرضى والفرح والسعادة، ويجلي ما دونها من منغصات وأحزان.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.