شعار قسم مدونات

سيدي الرئيس.. لماذا لم يستنجد الطفل بالقادة العرب؟

مدونات - إعلان زين سيدي الرئيس

سيدي الرئيس؛ إعلان تجاري اتخذ من القضية الفلسطينية ومآسي الأمة مطية لبلوغ غايته أم دعاية سياسية ضلت طريقها أم عملية غسيل دماغ ممنهجة يتعرض لها جيل بأكمله. أم أن الأمر برمته مجرد نسخة مطورة من "عقدة سيف بن ذي يزن" حملت أهداف وغايات كل ما سبق وتجسدت في سياسة الهوان وثقافة المهانة والخضوع واستجداء شفقة العدوة والأجنبي وطلب الغوث منه. "سيدي الرئيس" ليس مجرد مقطع ترويجي لشركة سعودية المنبت خليجية الهوى والتوجه اختزل وقزم صورة الأمة العربية والإسلامية في صورة طفل يستجدي من زعماء العالم الرحمة ويناشدهم من أجل إنقاذه من ويلات الحروب التي لحقت به، متجاوزًا زعماء العرب وقادتهم الذين يفترض بهم أن يكونوا له عونًا وسندًا، لكنهم أبو إلا أن يكون للدهر والعِدا عليه عونًا وسندًا حتى في إعلان تجاري.
    
سادتي الرؤساء والأمراء.. هذا المقطع وإن كان مبتذل الفكرة ساذج الطرح إلا أنه يشي بالكثير ويؤكد المؤكد الذي تنكرون، ويدحض مزاعمكم وما تدعون، ويسقط عنكم القناع الذي خلفه تختبئون. سادتي الرؤساء والأمراء.. عبثًا تحاولون تبرئة ساحتكم فبالجرم المشهود قُبضتم متلبسين، وأنتم بالخيانة والتطبيع متهمون، أفلا تخجلون؟

 

سادتي الرؤساء والأمراء.. لا إمارة لكم ولا رئاسة ولا سيادة ولا كرامة، أنتم مجرد أحجار على رقعة شطرنج يحركها قادة العالم ورؤساؤه وسادته الحقيقيون، أنتم تَبع لكل هؤلاء، تأتمرون بأمرهم وتنتهون عما نهوكم عنه صاغرين، تقدمون لهم جزية الخضوع وخراج المهانة وضريبة البقاء على صدورنا جاثمين، وما هذا بالجديد بل إنه من المعلوم من طبعكم بالضرورة، فأنتم أسود على منابر الإعلام إذا حدثتمونا ونعام إذا لقيتم عِدانا، تعلنون لنا أنكم في صفنا وأنكم حماة هذه الديار وأنكم لقضاياها منتصرون وتسرون إلى أعدائنا إن أنتم لقيتموهم "إنا معكم إنما نحن مستهزؤون". اشتريتم عروشكم بمقدسات الأمة ومستقبلها، فبئس البيع وبئس المنقلب والمصير.
 

سادتي الرؤساء والأمراء.. إنا لن نفطر في القدس ما دمتم على صدورنا جاثمين؛ سادتي الرؤساء والأمراء "لا تُنال المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا" هذا ما تعلمنا في مدارسكم

سادتي الرؤساء والأمراء.. ولُيتم على هذه الديار فملأتموها خيبة ودمار، رفعتم الأسعار وغلا كل شيء في عهدكم إلا قيمة الإنسان وحرمة الأوطان، حاربتم فينا العزة وأسكنتمونا دار البوار، انفردتم بالمغانم وتركتم لنا المغارم، منحتمونا بعض حقوقنا مَكْرمة وأرفقتموها بالمن والأذى، حكمتم فما عدلتم، فلا نمتم ولا استرحتم. سادتي الرؤساء والأمراء.. لن ندعوكم على الإفطار فطعامنا بسيط لا يليق بمقام الرؤساء والأمراء، لن تستسيغوا طعمه صدقوني وقد تعودتم ملء موائدكم بما لذ وطاب. سادتي الرؤساء والأمراء.. لم نعهد فيكم تواضعًا فنجلكم أو قربًا فنحبكم، مواكبكم بالجند محروسة وقصوركم دوننا مغلقة ومجالسكم لا يدنوا منها إلا من ارتضيتم دينه وخلقه، فبئس الدين وبئس الخلق الذي به ترضون.
 
سادتي الرؤساء والأمراء.. أعلم أنكم عن قريب ستفطرون في القدس وستأكلون ما لذ وطاب لكن؛ على مائدة من ستفطرون؟ ودعوة من ستلبون؟ وأي تنازل ستقدمون؟ ومن سيدفع فاتورة فطوركم وسحوركم؟ ومن سيحتمل بعد ذلك كله انبطاحكم وسفوركم؟ سادتي الرؤساء والأمراء.. من أين لكم ما لكم أورثتموه عن آباء صدق أم هو من عرق الجبين أم كنتم له ناهبين لكم الدُور والقصور ولشعبكم الخراب والقبور، بئس القسمة وبئس العدل الذي تزعمون. سادتي الرؤساء والأمراء.. فرقتم فسدتم فهنيئا لكم السيادة على شِيع من الناس متفرقين ولو أنهم يومًا يجتمعون لما بقيتم فيها منعمين مترفين فمثلكم في الأولين كمثل فرعون إذ استخف قومه فأطاعوه، لكم الويل من طاعة كانت نتاج قمع وتفرقة واستخفاف برعية كنتم عليها مؤتمنين.
 
سادتي الرؤساء والأمراء.. إنا لن نفطر في القدس ما دمتم على صدورنا جاثمين؛ سادتي الرؤساء والأمراء "لا تُنال المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا" هذا ما تعلمنا في مدارسكم، وعز الأمم لا ينال بالأمنيات العالقة وبين يا ليت وآمين نخوة وجرأة وإقدام تفتقدونه ولو أنه فيكم لدخلتم عليهم الباب ولو فعلتم لخرجوا منها صاغرين. سادتي الرؤساء والأمراء.. التاريخ يكتب والدهر يمضي والأيام بين الناس دول، تلك سنة الله في خلقه، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب سينقلبون.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.