شعار قسم مدونات

مرض الزومبي.. عندما يتحول الخيال العلمي إلى واقع

blogs زومبي

الزومبي أو الجثة البشرية المتحركة والتي تم تحويلها عن طريق وسائل سحرية من إنسان طبيعي إلى وحش ميت يتحرك ويأكل لحوم البشر وغالبا ما ينطبق هذا اللفظ المجازي لوصف شخص منوم مجرد من الوعي الذاتي، منذ أواخر القرن 19. وقد اكتسبت شخصية الزومبي شعبية ملحوظة في أمريكا الشمالية والفولكلور العالمي، في الأعوام الأخيرة. تم تطبيق مصطلح "الزومبي" على الموتى الأحياء في أفلام الرعب والخيال العلمي وقد تم تصوير فيلم يمثلهم سنة 1968م من إخراج جورج روميرو واسمة ليلة الحي الميت "The night of the living dead".

لقد ظهرت شخصية الزومبي في الكثير من الأفلام والقصص وألعاب الفيديو والرسوم المتحركة كما في البرامج التلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي. لهذا كانت الزومبي موضوعاً مشوقاً لأفلام الخيال العلمي كفيلم "walking dead" لكن السؤال هنا هل هذا الشيء مجرد خيال علمي لا يمت للواقع بصلة؟

على الرغم من أن الطب الحديث لم يتطرق لأي حالة مرضية سواء أكانت عقلية أم فسيولوجية تفسر أكل لحوم البشر، إلا أنه هنالك نوع من أنواع الذهان وهو ما يعرف بـ "Wendigo psychosis" ، هي عبارة عن قصة أن أشخاصاً كانوا في البرد الشديد وقد انقطعت بهم السبل، فلم يجدو أمامهم إلا الموت أو كسر المحرمات والنبش على القبور لأكل لحوم البشر الموتى، على الرغم من هذا فإن هنالك العديد من القبائل في أمريكا الشمالية من أكلة لحوم البشر وهي في الغالب موضع جدل على أنها عادة اجتماعية شاذة أكثر من كونها حالة طبية بحد ذاتها.

المصابون بمتلازمة الجثة المتحركة يعتقدون أنهم ميتون حقاً ويرفضون تناول الطعام بحجة أنهم ماتوا وقد يؤول بهم الأمر إلى الموت جوعاً

وبعيداً عن أكل لحوم البشر، هنالك متلازمة طبية نادرة الحدوث تعرف بمتلازمة كوتار أو متلازمة الجثة المتحركة أو متلازمة الجثمان السائر "Cotard delusion"، وهي عبارة عن حالة نفسية يتوهم فيها المريض بأنه قد مات وهو فعلياً على قيد الحياة، يشعر المريض بأنه ميِّت وأن جثته قد تعفنت وأن أعضائه الداخلية لا تعمل ويرى المصاب نفسه أنه ليس في هذه الأرض بل في عالم الخلود.

إن متلازمة الجثة المتحركة تكون مرتبطة أحياناً باضطرابات نفسية أخرى كمرض الفصام وثنائي القطب، وفي بعض الأحيان تنتج جراء صدمات نفسية عميقة كحوادث السير والصعقة الكهربائية والنجاة بأعجوبة من الموت.. حالة ملازمة كوتار تعود إلى عام 1882 عندما وصفها الطبيب الفرنسي جول كوتار على أنها سلسلة من الأوهام النفسية التي تتراوح من الاعتقاد بأن المصاب قد تعطلت أعضائه عن العمل منذ فترة وفقد دمه أو أجزاء الجسم الأخرى إلى عدم الاعتراف بوجود الذات وأنه قد مات فعلاً ولم يعد موجوداً.

إن المصابين بهذا المرض يعتقدون أنهم ميتون حقاً ويرفضون تناول الطعام بحجة أنهم ماتوا وقد يؤول بهم الأمر إلى الموت جوعاً.. ويصنف هذه المرض بأنه شكل آخر من أشكال اضطرابات الذهان الوهمية "psychosis"، مثل الاضطراب الثنائي القطب أو الفصام، ويتسبب هذا الواقع المشوه عن عطل في منطقة في الدماغ تسمى fusiform gyrus ، وهي المنطقة المسؤولة عن عملية التعرف على الوجوه، وأيضا في منطقة الـ amygdala وهي مجموعة من الخلايا العصبية على شكل لوزة تنظم العواطف والمشاعر لدى البشر.

 

إن الشخص المصاب لا يستطيع التعرف على الوجوه وعلى الأشخاص الذين يعرفهم كزوجته وأفراد عائلته حتى أنه ينكر وجود نفسه إذا نظر إلى وجهه في المرأة، كما يفقد المصاب القدرة الطبيعية على تقييم المعتقدات، وقبولها أو رفضها، كذلك الفشل في التعامل عاطفيا مع أي شيء، ولا يقتصر الأمر على الوجوه المألوفة فقط، بل يشمل أموراً أخرى مثل الاستجابة للأصوات العالية، والصور المزعجة أو اللمسات المفاجئة التي من شأنها أن تثير عادةً استجابة عاطفية عند الشخص الطبيعي فلن يكون لها أي تأثير عند الشخص المصاب. في مثل هذه الحالات التي يعتقد المصابون فيها أنهم قد ماتوا ولم يعودوا موجودين..

الفتاة هالي سميث (مواقع التواصل)
الفتاة هالي سميث (مواقع التواصل)

هالي سميث، 17 عاما، تعاني من اضطراب ثنائي القطب عانت من هذا المرض لثلاث أعوام كادت أن تموت جوعاً بسبب اعتقادها بأنها قد ماتت، لكن بمساعدة الطبيب النفسي وأفلام ديزني قد تعافت. تقول هالي: "في أحد الأيام عندما كنت جالسة في درس اللغة الإنكليزية أتاني إحساس غريب أنني حقا ميتة ولم أستطيع التخلص من هذا الشعور. ذهبت لرؤية ممرضة المدرسة لكنها لم تستطيع العثور على أي عرض فسيولوجي خاطئ، غادرت المدرسة إلى بيتي لكي أنام، ولكن بعدها بأيام قليلة، جاءني هذا الإحساس المروع مرة أخرى، كنت خارج المنزل للتسوق فداهمني هذا الشعور المفاجئ، جسمي كله قد تخدر وأنا أسقط كل الفساتين التي كنت أود شرائها. شعرت وكأني ذاهبة الى عالم أخر، عالم الخلود، هذه المرة، الشعور لم يذهب بعيدا، فقد كنت أنام في النهار وأستيقظ ليلاً، لم أعد أشعر أنني أعيش مع أسرتي، كنت أشعر أنني أتجول في المقابر كالزومبي وأن أعضاء جسمي قد تعطلت".

"في يوم من الأيام وأنا أشاهد أفلام ديزني، أتاني شعور غامض دافئ، حورية البحر الصغيرة، علاء الدين، والأميرة النائمة، بامبي شاهدت كل هذه الأفلام مع صديقي، سألت صديقي جيريمي: كيف يمكن أن أكون ميتة عندما أستطيع أن أرى وأشعر بهذه الأشياء؟، تدريجيا، بدأت الشفاء على نحو أفضل، والأن وبمساعدة الطبيب النفسي قد شفيت تماماً، وسنتزوج أنا وصديقي قريباً، وسيتاح لنا العمل في شركة ديزني".

إن هالي سميث واحدة من الحالات العديدة التي سجلت بهذا المرض حول العالم، ولكن حتى الأن لا يوجد علاج مؤكد لمتلازمة كوتار. وتشمل العلاجات الموصوفة حاليا الأدوية المضادة للاكتئاب ومضادات الذهان، فضلا عن العلاج بالصدمة الكهربائية المثير للجدل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.