شعار قسم مدونات

متى يزهر الربيع في الجولان؟

blogs - الجولان
بعد مرور سبعة أعوام ونيف على انطلاقة الثورة السورية ضد آلة الطغيان الحاكمة في دمشق وكمية الدم النازف على مذبح الحرية والخلاص طلبا للدولة الديمقراطية المدنية التي تؤمن بالعدالة الاجتماعية لكل أبنائها وتداخلات الشروط الدولية والإقليمية لمحاولة صنع حل دبلوماسي يفرض سياسته على كل الأطراف السورية وصولا إلى حل ينهي هذه المأساة العصرية الأطول والأكثر ألما على وجه هذه الأرض.. بين كل هذه التفاصيل السياسية على الأرض السورية وعلى قاعدة أن الحرية لا تتجزأ؛ ينبثق السؤال القديم الجديد عن مصير هضبة الجولان في ظل وبعد الثورة السورية، وعن الخيارات المطروحة لاستعادته أم سيبقى على حاله.
 
فطيلة الخمسين عاما المنصرمة كان نظام البعث هو السبب الأول والأوحد في سقوط الجولان المحتل في أعقاب نكسة حزيران عام 1967، فما وصل إلينا من وثائق وشهادات ممن عاصروا تلك الحقبة الذين أجمعوا تقريبا على البلاغ 66 الذي بموجبه أعلن وزير الدفاع آنذاك حافظ الأسد بموجبه سقوط القنيطرة ليكتمل المشهد بعد ذلك من خلال حرب تشرين التمثيلية التي كانت أشبه بالعمل المسرحي على أرض الجولان، وكان الهدف منها إعلاميا لتلميع صورة الأسد وضمان بقائه في السلطة وخلق أكذوبة الممانعة والمقاومة التي أغلقت حدود الجولان أمام كل تحركات العمل الفدائي، وأعطت للمحتل ضمانا بإبقاء هذه الحدود متجمدة مقابل بقاء عائلة الأسد على سدة الحكم، هذا المشهد تجددت تفاصيله وبانت عوراته مجددا بعيد انطلاق الثورة السورية، حين خرج إلينا المدعو رامي مخلوف مصرحا أن أمن إسرائيل من أمن سورية، موصلا بذلك رسالة إلى دولة الاحتلال والمجتمع الدولي أن هذه الثورة إذا ما نجحت واستمرت ربما سوف تغير مسار قضية الجولان وإعادة فتحها.
 

لم نسمع تصريحا من أي قائد عسكري للجيش الحر عن نية الفصائل الثورية تجديد المعركة مع المحتل وإعادة الجولان لسوريته، على العكس تفاجئنا من بعض قيادات الجيش الحر في ريف القنيطرة ودرعا أنهم على استعداد للوقوف إلى جانب إسرائيل من أجل الإطاحة بنظام الأسد.

واليوم في ظل امتدادات الثورة السورية واتساع رقعتها على كامل الأرض السورية تقريبا وفي ظل بروز تيارات جديدة وائتلافات تدعي تمثيل السوريين وتقدم نفسها كبديل جديد لسورية المدنية الجديدة، في ظل هذا كله، ماذا قدمت المعارضة السورية فعليا لقضية الجولان التي هي جزء من الهم السوري والحرية السورية. 

لو تابعنا أغلب تحركات وتصريحات المعارضة السورية حيال الهضبة المحتلة، لوجدنا أن الأمر لم يتغير فعليا، على العكس فقد بدأت بعض الأطراف السورية المحسوبة على المعارضة بتشهير صوت صداقتها بالاحتلال من خلال مشاريع تطبيع وعلاقات وتسويات تضمن سيطرة إسرائيل على الهضبة بأي شكل من الأشكال، من جانب آخر وعلى الأرض شهدنا في السنوات الأخيرة من عمر الثورة عمليات إطلاق صواريخ وتحركات لمجموعات سورية تحاول ضرب بعض المواقع الإسرائيلية في الجولان، وهنا توزعت التصريحات بشأن خلفية هذا العمل الثوري، فدولة الاحتلال سارعت إلى اتهام النظام السوري وحزب الله اللبناني بمسؤوليتهما عن زعزعة الأمن على حدود الهضبة، وكان الرد الإسرائيلي الخبيث طبعا على مواقع تابعة لجيش النظام، وهذا الرد إما أنه يثبت مصداقية الرواية الإسرائيلية حول أن النظام فعلا متورط في العمل على حدود الجولان أو أنه يقوي شوكة المقاومة وإضعاف عزيمة الثورة، أضف إلى ذلك أن المستفيد من هذه الرواية هو النظام من أجل تلميع صورته، وأنه لا يزال على قيد المقاومة حسب تصريحات مسؤولين من هذا النظام.
 
الأمر الآخر أن جهات إسرائيلية أيضا سارعت إلى اتهام داعش وعناصرها بمسؤوليتها عن العمليات الأخيرة في الجولان، وهنا المستفيد أيضا كان النظام؛ على قاعدة تصريح المخلوف في بداية الثورة، أما فيما يتعلق بالمعارضة السورية او الفصائل الثورية على الأرض لم تبد أي تصريح إزاء هذه العمليات، بالإضافة إلى عدم نية الأغلبية الفصائلية التابعة للجيش الحر بتغيير المسار أو تضاريس قضية الجولان، وهنا نقطة سوداء في كتاب المعارضة السورية التي قلت في البداية إن أغلب قيادتها يتوقون إلى تسوية وتطبيع لا يليق بحجم الدم السوري الطاهر الذي سال من أجل حريته وتحرره.

إلى هذا الوقت لم نسمع تصريحا من أي قائد عسكري للجيش الحر عن نية الفصائل الثورية تجديد المعركة مع المحتل وإعادة الجولان لسوريته، على العكس تفاجئنا من بعض قيادات الجيش الحر في ريف القنيطرة ودرعا أنهم على استعداد للوقوف إلى جانب إسرائيل من أجل الإطاحة بنظام الأسد، وهذا ما أكدته وسائل التواصل الاجتماعي والتقارير الصحفية التي تداولها كثيرون عن الدعم المالي واللوجستي الذي قدمته دولة الاحتلال لبعض الفصائل التابعة للحر في القنيطرة، وهذا يؤكد تقريبا أنه لا وجود لعمل عسكري مقاوم من جانب المعارضة وفصائلها ضد المحتل في الجولان، وكان المتابع للمشهد يعتقد أن الجولان ليست أرضا سورية، وأن كل الأطراف في سورية تسعى لكسب الود الإسرائيلي للفوز بالسلطة. فمتى يزهر الربيع في الجولان.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.