الإنسان حر مطلق الحرية في السيطرة على غرائزه وتحكيم أخلاقياته، ذلك أن مشاعره الكامنة في دواخل سريرته هي حرة من كل القيود، وأنت وحدك من بيدك أن تحب أو تكره تحسد أو تود تحقد أو تصافي. |
وبالرغم من كم الطبقات النفسية المتتالية المتعددة التي تحاول بها عبثاً إخفاء حقيقة مشاعرك، إلا أن فلتات لسانك ستبين عما خبأته سترةً، وستسيل عن بحرٍ من الجليد، الظاهر منه قليل من هابيل والمطموس حجباً كثير من قابيل وإن ادعيت غير ذلك. وبعيداً عن هذه الأعماق حالكة السواد، بعيداً عن اصطراع الرغبات وسعار الأحقاد، هناك منطقة روحية تعشعش فيها المحبة، انتصر من خلالها هابيل على مشاعره الغرائزية، ومات من أجل مبدأ وقيمة، متسامياً بوجدانه الذي لم تخدشه الأحقاد.
وما الحياة إلا مفترق طرق قائم على تحديات أخلاقية، جوهرها حرية الاختيار "اختيارك أنت" ومعرفة أي الطرق تسلك عادة ما تكون متصلة بجملة عوامل "عظمة نفسك، وجودة معدنك، وصفاء روحك، ونزاهة أخلاقك" وتلك أساسات لا ترسخ إلا على سابق تدريب طويل، واستعداد قديم، وجاهزية مسبقة، وجبلة مفطورة على الحب، فأحسن ما استطعت إلى نفسك والناس، وتصالح مع نقائصك وإن كانت غريزية، ولا تتوحش طريق الصواب المملوء بالمصاعب والأشواك. والخيارات الأخلاقية صعبة، واصطناع المعروف لا ينشأ عفوا، وصفاء النية لا تحصل بالأماني، والحب لا يثبت في القلب حتى يكون نمط حياة؛ "فليس التكحُّــل في العينيـن كالكَحَــــلِ".
والإنسان حر مطلق الحرية في السيطرة على غرائزه وتحكيم أخلاقياته، ذلك أن مشاعره الكامنة في دواخل سريرته هي حرة من كل القيود، وأنت وحدك من بيدك أن تحب أو تكره تحسد أو تود تحقد أو تصافي، "والسلطنة الحقيقية أن تكسب قيراط محبة في دولة القلوب كل يوم" وذلك لا يكون إلا لمحب صافٍ فصَفَى.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.