شعار قسم مدونات

البترول في تونس إشاعة

مدونات - تونس

بدأت تحركات احتجاجية في تونس منذ أكثر من عامين عن طريق حملة فايسبوكية تحت شعار "وينو البترول" والتي شكك فيها الشعب التونسي الأرقام والتحاليل والبراهين حول ضعف إنتاج البترول والغاز في تونس وندرة الآبار فيها، وبالرغم من استماتت الحكومات المتعاقبة من 2015 في إنكار الحملة التي أزعجتها باستعمال الاعلام ورموز إعلامية مؤثرة في البلاد، الا أنها لم تتوقف وأعيدت منذ مدة إلى الواجهة من خلال التحركات الشعبية السلمية في ولاية تطاوين أقصى الجنوب التونسي حيث تكثر عمليات التنقيب واستكشاف عن الذهب الأسود.
 

في البداية كانت احتجاجات العاطلين عن العمل عن مورد رزق كفيل لإعانتهم وحفظ كرامتهم، خصوصا عند رأيت ثرواتهم تأخذ دون ان ينتفعوا بإيراداتها. ثم أصبح مطلب وطني بإفصاح عن الأرقام الصحيحة لاحتياطي النفط والغاز في تونس وكشف عقود التي قامت بها الحكومة التونسية مع شركات استغلال الثروات الطبيعية كالنفط والملح والمناجم..
 

الحكومة التونسية مثل كل مرة أنكرت وأقرت من جديد عن طريق طبولها في الإعلام أن الإنتاج في تونس ضعيف ولا يحقق الاكتفاء الذاتي وأنها مطالبة باستيراد مشتقات النفط، لكن طريقة التعامل مع الملف يسوده الكثير من الغموض وارتباك المسؤولين عند الحديث في موضوع الثروات المنهوبة وردودهم التي تتميز باللغة الخشبية وخطابات المهتزة الغير مقنعة في هذا الموضوع..
 

حكومة "يوسف الشاهد " مطالبة بالكف من سياسة التهرب من الواقع والاستجابة للمطالب الشعبية لكشف وتتبع شبكات الفساد والعمل بشفافية في مجال الطاقة والمجالات الأخرى، خصوصا بالتوازي مع محاولة تمرير قانون المصالحة الذي يبيض الفساد.

ذلك إلى حد تصريح المدير العام للمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية "محمد العكروت" أن الدولة التونسية تتعامل مع عدادات الغاز والنفط المستخرج من قبل الشركات الأجنبية "بالثقة"، الأمر الذي أكد وجود فساد كبير في مراقبة الدولة لهذا القطاع وقطاعات المنجمية الأخرى وتورطها في صفقات مشبوهة مع شركات عالمية، وأن فرنسا تتحكم في الثروات التونسية إلى الآن. الأمر الذي أعاد من جديد أطروحة الاستقلال الوهمي لتونس، بالرغم من عرض وثيقة الاستقلال لأول مرة في الذكرى 78 لعيد الشهداء، وتبعية الجنوب التونسي إلى فرنسا استنادا إلى وثيقة تاريخية أظهرت أن الجنوب هو منطقة عسكرية فرنسية وتحت سلطتها.
 

من جهة أخرى، أكد نشطاء المجتمع المدني بالاستناد إلى وثائق سرية وأخرى معلنة من شركات التنقيب عن البترول واستخراجه امتلاك تونس لاحتياطي عظيم من الغاز والنفط والقيمة الحقيقية لاستخراج البترول أكثر من المعلن، وفند هؤلاء حججهم بكثرة الحقول المنتشرة على كامل تراب الجمهورية برا وبحرا وكثرة أنشطة التنقيب، كذلك علل المحتجون بتواجد آبار النفط والغاز في ليبيا والجزائر والاحتياطيات الهائلة التي فيها فكيف لا يوجد في تونس.

صعد المعتصمون في تطاوين، في ظل استهتار الحكومة لمطالبهم واستعمالها لسياسة الوعود الزائفة كالعادة، وأغلقوا الطرقات التي تستعملها شاحنات نقل النفط والمؤونة للحقول وأقاموا بمحاصرتهم خصوصا في منطقة "الكامور" تحت شعار "الرخ لا" مطالبين بالتنمية والتشغيل وحق الجهة بـ 20 بالمائة من إيرادات النفط والغاز للتنمية والبنية التحتية، الأمر الذي لم يرق للحكومة التي وصلت إلى حد تهديدهم. كما شاركهم عدد من شباب ولاية قبلي بإغلاق خط الغاز الذي يمر بمنطقة القلعة والذي تستغله شركات الطاقة الأجنبية وإغلاق الطرق المؤدية لهم، كذلك شهدت مناطق مهمشة أخرى كحيدرة وفريانة والقيروان تحركات احتجاجية مطالبين بحقهم في التنمية.
 

لذا حكومة "يوسف الشاهد " مطالبة بالكف من سياسة التهرب من الواقع والاستجابة للمطالب الشعبية لكشف وتتبع شبكات الفساد والعمل بشفافية في مجال الطاقة والمجالات الأخرى، خصوصا بالتوازي مع محاولة تمرير قانون المصالحة الذي يبيض الفساد من قبل الإتلاف الحاكم وبعض أحزاب الثورة المضادة وتحقيق مطالب الجهات الداخلية من تنمية وتشغيل والتوقف من سياسة اللامبالاة تجاه الشعب. وعاشت تونس حرة مستقلة والرخ لا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.