شعار قسم مدونات

المونت كارليّة

blogs - راديو
نشأت على الاستماع لراديو مونت كارلو الدولية، حتى إنني عاصرت قبلا المذيع الرائع الراحل حكمت وهبي رغم صغر سني ذياك الزمن، في الصباح وأنا ذاهب إلى عملي أبدا يكون مذياع سيارتي على هذه المحطة القريبة إلى قلبي ووجداني، من كافيه شو إلى الحياة والناس حتى الصحة المستدامة، وميوزك أوار، وخبر وتحليل، وزاوية رفقا بأرضنا، والخبر ااقتصادي، وحكاية نغم التي عرفتني بالفنان التونسي رضا ديكي، وأصوات المدينة، وري تويت، ويوميات إيميل، ويوميات مسافرة، وساعة موسيقى، ونشرات الأخبار.. كل مونت كارلو أعشقها بكل مذيعيها ومذيعاتها ومراسليها ومستشاريها؛ كخطار أبو ذياب وعلي بدر خان، لكم أحببت أن أذكرهم جميعا ها هنا بأسمائهم اسما اسما.

وأستمع أيضا إلى برنامج مدونة اليوم، عروب صبح وغادة عبد العال وسناء العاجي الرائعات، سألني صديقي ألا يوجد مدونون ذكور في مونت كارلو؟! أجبته مازحا وقتها رغم ذهوله، يبدو أن مسؤول برناج مدونة اليوم المذيعة المميزة نعمات المطري، ولماذا "المميزة" سألني رغم أنه لا يستمع إلى الراديو أبدا، فأجبته بلهجتنا الأردنية، ﻷنها بلديات وقرابة، وتركت الحيرة في عيونه وكأنها تقول "وما علاقة هذا بذاك أو تلك بهذه؟"، أنا أعشق هذه المحطة حد هذا التفصيل الغريب.

حقيقة من يعرفني عن قرب ربما يستغرب أنني أعشق مونت كارلو وأستمع إليها، كونها تتعامل بمهنية -ربما- مع كل المسائل التي تشكل نقطة خلاف وجدل بين عالمي الشرق المحافظ والغرب المنفتح، تلك المهنية التي أسمح لنفسي بتقبلها فقط من مونت كارلو الدولية وليس من سواها، خاصة مسألة المرأة، ومسألة المثلية، ومسألة الصراع العربي الصهيوني، ومسألة اﻹرهاب اللصيق فقط باﻹسلام من خلال تلك الجماعات التي لا علاقة لها باﻹسلام أصلا، ومسألة مصر مثلا ما بعد مرسي، كثيرة هي المسائل الخلافية اﻷخرى التي أحب أن أستمع إلى آراء كثيرة فيها من أصحاب الرأي الآخر فقط على أثير مونت كارلو الدولية، لقد بت أعشق سبر أغوار الرأي الآخر أصلا.

المدرسة المونت كارلية هي نوع من أنواع الحب أيضا يجب أن تختبروه يوما، فلو أحببت شيئا حسب هذه المدرسة من المؤكد أنه سيصبح لك علاقة به إما مباشرة أو شبه مباشرة على اﻷقل.

لم أكن أتوقع مثلا بأن يتحول حبي لراديو مونت كارلو من خلال متابعتي العفوية لبرامجها المتنوعة وأسلوب مذيعيها المميز والمدروس بعناية، إلى ثقافة -مدرسة- أثرت على طريقة تفكيري في الأمور من حولي، وغيرت من منهج معالجتي للمسائل المختلفة وخاصة الخلافية منها، حتى لو كانت تلك المسائل من ااستفزاز بمكان وطرحت أمامي للنقاش مثلا، في الحقيقة مونت كارلو لم تؤثر على آرائي أو تغيرها لا، لكنها غيرت من طريقة تفكيري، وعلمتني أنه يجب أن تستمع للرأي الآخر إن أردت أن تثبت صحة رأيك وتعزز موقفك وتبقى عليه، بل يجب عليك أن تتواجد دائما بين المختلفين معك، لقد غيرت من أسلوب حياتي، كل ذلك أطلقت عليه "المونت كارلية".

أنا أعتز أيما اعتزاز بشعاري راديو مونت كارلو الدولية وفرانس 24، اللذان يزينان الآن مدونتي الخاصة، وهذا ما لم أكن أتخيله أو أحلم به يوما حين حصلت لي تلك الصدفة الرائعة منذ سنتين تقريبا ﻷكون ضمن مدوني هذه المنصة التي هي أصلا برعاية راديو مونت كارلو وشبكة راديو وتلفزيون فرنسا الدولية، صراحة لا أعلم هل هي صدفة أم أنها نتيجة طبيعية لحب طويل رائع، نتيجة لعشق، دعوني أخبركم أمرا، المدرسة المونت كارلية هي نوع من أنواع الحب أيضا يجب أن تختبروه يوما، فلو أحببت شيئا حسب هذه المدرسة من المؤكد أنه سيصبح لك علاقة به إما مباشرة أو شبه مباشرة على اﻷقل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.