شعار قسم مدونات

مزارع أم أوطان

blogs- boy

لست أدري حقا هل نحن نعيش في القرن الواحد والعشرين الذي تسوده الحرية وتسري في  أوصاله أخلاقيات وسلوك تقدس القانون والمساوة وتجعل المواطنين جميعا سواسية لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، هذا ما يمكن أن تستشفه من واقع حال الكثير من أمم الأرض التي سادها الامن والأمان وعمها الرخاء والسعة.

      

غير أن الواقع في معظم الدول العربية والإسلامية مختلف يجعل المرء يحار أحقاً نحن في القرن الواحد والعشرين أم أننا نعيش في عصور الجاهلية حيث كان حكم القبائل التي كانت تعطي لزعيم القبيلة الحق في التصرف في أبناء القبيلة وأموالهم وقراراتهم المصيرية وكان الجميع ينصاع له ولقرارته التي كان مجرد الاعتراض عليها كفيل بالطرد وإباحة الدم. هل حقا أن هناك قانون في تلك الدول يعيش الجميع بأمن ومساواة وحرية واطمئنان أم أن القانون لا يطبق إلا على الضعيف ولا يسري إلا البسطاء الذين رضوا بأن يكونوا وقودا لتلك الحكومات التي تتعامل معهم كمواطنين من الدرجة الثانية حيث مطلوب منهم أن يعملوا ويشقوا ليل نهار لتوفير عيشة كريمة لهم ولأبنائهم ولا يترك لهم المجال ليفكروا بوطنهم وتقدمه أو المطالبة بحقوقهم السياسية التي تمنحهم حق اختيار من يحكمهم ومن يتولى أمرهم.

      

من اللافت أن هذه الأنظمة تغلف نفسها بغطاء من الدين لتبرر أفعالها الذميمة حتى يسهل انقياد مواطنيها لها دون تردد أو تفكير لأنهم تربوا على أن الدين أحكام وتشريعات ثابتة لا يجوز لأحد التفكير في ماهية تلك الأحكام والتشريعات فادخلوا إلى الدين ما يؤسس لحكم الفرد وما يقوي من حكم الزعيم فطاعة الحاكم من طاعة الله ولا يحق للعامة مناقشته في أي قضية أو حتى مجرد التفكير في تلك القضايا.

                

في خضم هذا الواقع المرير ما المطلوب منا لكي نسترد أوطاننا التي نعيش فيها في أمن وأمان ومساواة واحترام لإنسانية الإنسان!
في خضم هذا الواقع المرير ما المطلوب منا لكي نسترد أوطاننا التي نعيش فيها في أمن وأمان ومساواة واحترام لإنسانية الإنسان!
       

فبين حكم القبيلة وحكم الإقطاعيات وقعت البلاد العربية والإسلامية أسيرة التخلف والانسداد الفكري والمعيشي فلا هي حققت انفراجه في الحريات والمساواة ولا حققت توزيع عادل في الثروة والمشاركة في الحكم والمسؤوليات، فهي تعيش بالقرن الواحد والعشرين بأساليب حكم القبيلة بالنسبة للعرب أو في عهود القرون الوسطى بالنسبة للغرب الذي كانت تسوده حكم الإقطاعيات وكهنة الكنيسة ورجال الدين الذين حكموا بطريقة مستبدة أباحت لهم التحكم في مختلف نواحي الحياة.

       

نحن نحتار في تعريف تلك الحكومات والأنظمة هل هي حكومات قبلية أو اقطاعية وهل حقا يهمها الدين أم أن الأمر مجرد غطاء لتحقيق الطاعة والولاء وقمع الحريات، فسياسة تلك الدول قائمة على التمثيل وادعاء الحضارة والتقدم في حين تحكمها أنظمة استبدادية قمعية تعيش عقلية القرون الغابرة في السيطرة والتصرف في الوطن وكأنه مزرعة من مزارعه أو ملك من أملاكه.

        

في خضم هذا الواقع المرير ما المطلوب منا لكي نسترد أوطاننا التي نعيش فيها في أمن وأمان ومساواة واحترام لإنسانية الإنسان، هل الصمت والسكوت يفيد أمام هذا التغول في الغطرسة والاستبداد وهل حقا هناك أمل بتحقيق انفراجه قريبة مبنية على وعي وثقافة بأهمية حماية وسيادة أوطاننا وأننا بشر نعيش في القرن الواحد والعشرين لنا حقوق في اختيار ومسائلة من يحكمنا ومن يتصرف في ثروات ومقدرات أوطاننا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.