شعار قسم مدونات

لا تؤخر مشاعرك ولو لدقيقة.. أرجوك

blogs- الحب
دائما ما نجيب بكلام لا يشبهنا و لا يعبر عنا، دائما ما نجبر أنفسنا على السكوت مع أنه بداخلنا أكوام من الكلام المخزون، و حتى لو تجرأنا و تحدثنا نجبر أنفسنا على أن نقول كلاما باردا سخيفا يتناقض مع إحساسنا.

الإحساس الذي نراه ضعفا، وونعتبر الحديث والتعبير عنه عيبا، الإحساس الذي نؤخر الإفصاح عنه، مع أننا بحاجة ليصل للعالم كله، بحاجة أن لا يظل بداخلنا، قل شعورك في هذه اللحظة فقط، لا يهم ما كنت تشعر به قبلها أو بعدها، إننا أبناء هذه اللحظة.

نحب ونخاف أن نخبر من نحب بذلك، و نمل ونتعب من أحدهم ونخجل من أن نخبره بأننا لم نعد نتفق، وأن مشاعرنا تجاهه تغيرت ونكابر ونخاف ونستمر في العلاقة معه، لمجرد أننا نخاف من نهايتها، نخاف بأن ألا تستمر الحياة دونه، وينقطع الأكسجين عن رئتنا.

الحياة ليست بتلك القساوة التي تظهر لنا، نحن من نجعلها كذلك، ومن نختار أن تكون كذلك، من نعقد الأمور مع أننا باستطاعتنا أن نقول لبعض كلمة جميلة دون سبب.

نضحك فقط حتى لا يرى آخرون دموعنا، مع أننا بحاجة لمن نرتمي في حضنه ونخبره بحزننا، نكتب رسالة طويلة رسالة حب، و ربما عتاب أو اشتياق أو بوح ونمسحها قبل إرسالها، نقف كثيرا أمام رقم في الهاتف، تجتاحنا رغبة غريبة في أن نحادث صاحب ذلك الرقم، و أن نخبره عن أشياء كثيرة قد لا تهمه، لكن يهمنا نحن أن ينصت إلينا، قد لا نتصل وقد نتصل ونحادثه عن أحوال الطقس أو عن صديق ما أو عن العمل، أي شيء إلا ذلك الشيء الذي يجول في صدرنا.

نزور مكانا ما لا يعجبنا، ونقضي اليوم مع أشخاص لا يشبهوننا ونشتري ملابس لا يستهوينا لونها، فقط كي لا نكسر الطرف الآخر و لا يهم انكسارنا وحزننا، نفكر في الآخرين، في مصائبهم قد لا ننام الليل لأنهم ليسوا بخير، مع أننا لا نستطيع أن نخبرهم بذلك، أننا نفكر فيهم ويعنون لنا الكثير، فيظنون أننا لا نهتم بهم.

نتزوج لأنهم قالوا لنا تزوجوا، و نترك من نحب فقط لأنهم قالوا لنا إنه لن يصلح كزوج، ونفارق حبيبا لأننا نسمع دائما أن للحب نهاية كما له بداية، وأن الزواج يعني أن نفكر بعقولنا لا قلوبنا، نتزوج ونعيش حياة بعيدة عن الحياة، حياة كئيبة فقط لأن كل الأزواج الذي نعرف يعيشون في نكد وغم وهم.

على فكرة، الحياة ليست بتلك القساوة التي تظهر لنا، نحن من نجعلها كذلك، ومن نختار أن تكون كذلك، من نعقد الأمور مع أننا باستطاعتنا أن نقول لبعض كلمة جميلة دون سبب، أن نقول كل الكلام الذي أخفيناه عنهم دون سبب، كل إحساس صادق ينبض به قلبنا عند رؤيتهم، لا تُنْهِ علاقتك بأحد ما دمت أنت لا تريد، مادام وجوده في حياتك مهما، حارب العالم لأجله، لأنك قد لا تقابل شخصا مثله مرة أخرى، لتعلم أن ما أنت ساع إليه ساع إليك أيضا..

كما قال جلال الدين الرومي، و لا تجعل حياتك واقفة على كلمة منك، على رسالة كنت تنتظرها ووصلتك، وستموت لترد عليها، لكنك غاضب من صاحبها، و في نظرك جوابك عليها هزيمة، لا تجعلها واقفة على فراق وابتعاد أنت اخترته وندمت عليه لاحقا، الحياة لا تحتاج كل هذه التعقيدات بقدر ما تحتاج أن نعيشها بشجاعة، نحن من نقهر ونعذب أنفسنا، الحياة لا دخل لها في ذلك.

أخبروا بعضكم البعض عن الحب والاهتمام والمشاعر الكثيرة التي يكنها بعضكم للبعض الآخر، أخبروهم بها الآن قبل أن يفوت الأوان، قبل أن ينتهي شغفها وسحرها فيصبحون لا حاجة لهم بها ولا حاجة لكم بها، لا تؤخر مشاعرك و لو لدقيقة، أرجوك، فقد لا تمنحك الحياة دقيقة أخرى لتعبر عنها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.