شعار قسم مدونات

خواطر حول الاجتماع والفرقة

blogs - masr

الفُرقة صناعة مشتركة لم يصنعها فصيل بعينه، ونبتة سقاها الجميع بيده ومازالوا حتى باتت مانعا من حدوث نصر وتقدم، ونحن بحاجة ماسة لمن يحيي فقه الوفاق الذي يحوي قانون الإعذار وسعة فقه الخلاف وتعدد الآراء فيما يسوغ .. والإنكار المنضبط المشروع فيما لايسوغ ..

تراحم وتعاون لا يؤدي لهدم جهود وإنجازات الآخرين بل يفيد منها ويعضدها ، ويقوي أواصر الحب والأخوة بين المسلمين بطيب المعاملة وحسن الخلق تحت ظلال رؤية كلية وأصول للعمل متفق عليها .. ودور أهل العلم في التصدر للقيام بذلك متعين فهم أجدر الناس به، وعلى طلابه بثه في الجموع والله المستعان .

إن من ثوابتنا الفكرية حب جميع العاملين للدين ودعمهم والحرص على تأليف القلوب بينهم.

إن ‍الوحدة والتعاون اللذين ندعو لهما هما بالأساس سلوك ومنهج، يجب أن نحياه دوما فليس المقصود هو تجمل واحد منا في مكان ما ثم خرق هذا السلوك في أماكن أخرى ..أقول هذا لنفسي أولا ثم لإخواني، إننا إذا أردنا تطورا ونموا فليكن الائتلاف وتقريب وجهات النظر والتنسيق هي المفردات التي نتحرك ونسير بها فلا تفارقنا ولا نفارقها..

ما رأيت أضر للعمل الإسلامي ومشاريعه من النزاع  منذ تحرير أفغانستان من يد الروس وحتى الآن ..تضيع به الجهود ويقع معه الفشل، ومن أعظم أسباب النزاع؛ الغلو من جهة والتفريط من أخرى، لذلك فجهود التصويب الداخلي -أثناء العمل- من أبناء كل فصيل مهمة جدا وداعمة لل‍اجتماع المطلوب للانتصار.

إن من ثوابتنا الفكرية، حب جميع العاملين للدين ودعمهم والحرص على تأليف القلوب بينهم كلما
حدث ما يعكر صفو علاقتهم. وفي  هذه الأوقات العصيبة يقل التزام  بأصول الشريعة في أبواب؛  
حفظ الحقوق والتثبت من الأخبار والتماس الأعذار، ورعاية معاني الأخوة في الإسلام التي هي من أوجب الواجبات في هذا الدين ..

إن حصوننا حقا مهددة من الداخل لو تركنا هذه الأصول، فلا ننعي بعد ذلك على ما أصابنا من غيرنا لو كان بأسنا بيننا شديدا ..ألا من عقلاء يحيون فقه الوفاق في زمن الوقيعة بين المسلمين و التحريش بين المؤمنين ؟! مع العمل على تقويم عملهم ونصحهم بأنجع الوسائل وفي الوقت الملائم
لذلك بعدل وعلم وإقالة عثرتهم والتماس العذر لهم ما كان له سبيلا ..

ما رأيت أضر للعمل الإسلامي ومشاريعه من النزاع منذ تحرير أفغانستان من يد الروس وحتى الآن.. تضيع به الجهود ويقع معه الفشل.

"مــا أخــذتـــه إلا لـــك".. بهذه الكلمات تفوه رجل يحمل بين جنبيه نفسا تؤثر ما عند الله ولا تسعى لجاه دنيوي .. وقد قالها ثابت بن أرقم الأنصاري رضي الله عنه في موتة حين قتل عبد الله بن راوحة رضي الله عنه وسقط اللواء من يده فالتقطه ثابت وذهب لخالد بن الوليد ليقود المسلمين فقال خالد أنت أحق به ، أنت رجل لك سن  وقد شهدت بدرا . قال ثابت : خذه أيها الرجل فوالله ما أخذته إلا لك.

يا لها من كلمة تكتب في التاريخ بحروف التجرد ومداد الإخلاص، وكم  نحن بحاجة لمن يقيم هذه المعاني بيننا لنراها واقعا ملموسا في حياتنا في وقت شحت فيه نفوسنا عن تقديم ذي الكفاءة ، وعن هضم النفس عن التطلع لما لاتستحق اللهم زينا بزينة الإيمان و آداب الإسلام وأصلح نياتنا وحسن أخلاقنا آمين .

كثير من انحرافات الفهم حال تقييم الناس أوالمواقف مبعثها من قصور في الرؤية ، حيث ينظر البعض من زاوية واحدة، أو يسمع من طرف دون آخر فيخرج حكمه غير سديد، وفي قصة حكم داود عبرة تامة تفيد لزوم سماع كلا الطرفين قبل إصدارالأحكام .

 اللهم ازرقنا العدل في الغضب والرضا..آمين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.