شعار قسم مدونات

السوريون ماقبل النزوح

اللاجئون السوريون
هي من أكبر القضايا سخونةً وبعدما خرجَت عن الإطار الإنساني أصبحَت قضية النازحين السوريين قضية سياسية عربية وعالمية بامتياز، فيما يقف العالم عاجزاً أمام النزوح السوري المستمر. 

اليوم يذوق السوريون من كأس التشرد واللجوء والنزوح نفسه دون أدنى شعور بالمسؤولية والإنسانية من قبل بعض دول الجوار

وللأسف لم يعد التاريخ نفسه للشعب السوري والذي فتح أراضيه منذ عقود طويلة أمام قوافل اللاجئين من دول مجاورة عربية منها أو غربية، عاشت صنوفًا من التشرد والنزوح بفعل الصراعات الداخلية والخارجية. 

لكن اليوم يذوق السوريون من كأس التشرد واللجوء والنزوح نفسه دون أدنى شعور بالمسؤولية والإنسانية من قبل بعض دول الجوار، بعدما أغلقت حدودها أمامها وأخرى شددت من سياساتها في استقبالها. ولأن التدوين يرصد لنا لمحة مختصرة عن بعض كرم ضيافة السوريين للنازحين من الدول السبعة وهي اليونان، الكويت، العراق ، الأرمن، الجماعات الشركسية ، لبنان و فلسطين.
 

تعود حادثة اليونان إلى عام ألف وتسعمائة وثلاثة وأربعون ميلادي، أثناء الحرب العالمية الثانية حين فر مهاجرون من دول أوروبا إلى الشرق العربي ، حيث تم غزو اليونان من قبل إيطاليا وألمانيا وكانت النتيجة هجرة جماعية لليونانيين نحو الشرق العربين حيث استقبلوا في عدة مدن عربية على رأسها مدينة حلب السورية وحينها استقبلت سوريا أكثر من أثنا عشر ألف لاجئ يوناني. 

وفي عام ألف وتسعمائة وتسعون ميلادي خلال حرب الخليج واحتلال العراق للكويت فر العديد من الكويتيين إلى الدول المجاورة مثل المملكة العربية السعودية والبحرين وبعضها كان ملجؤه الأراضي السورية .

وصل النازحون الأرمن لمدينة حلب.. وحضنهم الحلبيون ومدوا يد المساعدة لهم.

وفي عام ألفين وثلاثة ميلادي ومع دخول الحرب على العراق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وما تبعها من حالات قتل ودمار وتشريد نزحت العديد من الأسر العراقية إلى دول الجوار وكانت سوريا إحدى المحطات.

خلال الحرب العالمية الأولى في عام ألف وتسع مئة وخمسة عشر ميلادي وصل لمدينة حلب السورية النازحون الأرمن من مناطق مختلفة من كيليكيا شمالي حلب، تمهيدًا لنقلهم من قبل رجال السلطنة العثمانية إلى دير الزور والجزيرة السورية.وتوفي منهم الكثيرون جوعًا وبردًا ومرضًا أثناء مسيرهم على الأقدام الذي طال لعدة أشهر وهم حفاة عراة حتى وصلوا لمناطق دير الزور ومسكنة والشدادة حيث كان أغلب النازحين من النساء والأطفال، وحضنهم الحلبيون ومدوا يد المساعدة لهم وتزوجوا نساءهم كزوجات على الوجه الشرعي واعتنوا بأولاد الأرمن واعتبروهم كأولادهم.
 

في النصف الثاني من القرن التاسع عشر انتقلت الجماعات الشركسية الهاربة من الإبادة الجماعية في موطنها لتستقر في لواء ماراش التابع لولاية حلب في شمال سوريا، وأعطي الشراكسة هناك مهمة حفظ الأمن في منطقة زيتونة التي شهدت عدة ثورات ضد الدولة العثمانية.

محطات النزوح اللبناني إلى سوريا كانت خلال عام ألف وتسع مئة وتسة وتسعون ميلادي، أي مع عملية عناقيد الغضب والتي أطلقها جيش الدفاع لإسرائيل على هجوم عسكري خاطف ضد لبنان لمدة ستّة عشر يومًا في محاولة لإنْهاء قصف حزب الله لشمال إسرائيل، الأمر الذي دفع العديد من العائلات اللبنانية إلى الهروب من نيران الحرب والتوجه نحو سوريا، والتي وفرت لهم سبل العيش الكريمة، وتأمين حياة آمنة لهم.

أما حالة النزوح الثانية فكانت خلال حرب تموز عام ألفين وستة ميلادي، حيث فرت أعداد كبيرة من اللبنانيين قدر عددهم بنصف مليون نازح لبناني من مناطق القتال فقد استقبلت مدينة صيدا أكثر من مائة ألف نازح لبناني وتوجه القسم الأكبر إلى سوريا.

 
وفي الوقت الحالي لم يعد للسوريين الفارين من الحرب في بلادهم موطئ قدم في لبنان، فاللاجئون الموجودون في لبنان باتوا يشكلون عبئًا كبيرًا عليه لم يعد يستطيع الصمود أمامه لوقت طويل كما يقول المسؤولون اللبنانيون.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.