شعار قسم مدونات

هل يصبح سائق التوكتوك.. بوعزيزي مصر؟

blogs - tuk tuk

انتشر مقطع مصور من ثلاث دقائق في مصر والعالم العربي انتشار النار بالهشيم، مسجلاً أعلى نسبة مشاهدة عربية في اليوتيوب خلال هذا الأسبوع، كان بطل المقطع شاب مصري يقود توكتوك في أحد الشوارع المتهالكة في مصر المنهكة. 

تحدث الشاب المصري الفصيح الذي تبدوا عليه مظاهر الشقاء والمعاناة، عن الواقع المصري واضعاً يده على كل الجراح التي تعاني منها مصر، مما جعل المصريين يتفاعلون بشكل منقطع النظير مع ما قاله هذا الشاب الذي حكى لسان حالهم في زمن لا يستطيع فيه المصري أن يتحدث بما في داخلة خوفاً من بطش النظام.

الغريب أن اللقاء كان على إحدى القنوات الفضائية المصرية التي درجت على مدى الثلاث سنوات ونيف على الدفاع عن نظام الثالث من يوليو، وعدم إظهار الصورة الحقيقة السيئة التي يعانيها الشعب المصري بشكل يومي.

لن تعود مصر إلى مكانتها عربياً ودولياً ولن تحقق تطلعات شعبها إلا إذا عادت من جديد ليوم ثورة 25 يناير 2011.

تحدث الشاب عن الواقع من منظور رجل الشارع المصري بكل صدق ودون خوف مشدداً على المذيع ألا يقطتع ولو جزءً يسيراً من اللقاء، اختصر خريج التوكتوك في ثلاث دقائق الأزمة الداخلية المصرية، في حين عجز النظام عن تشخيصها طوال الثلاث سنوات الماضية .

الفرق الوحيد بين مصطفى سائق عربة التوكتوك في مصر، ومحمد البوعزيزي سائق عربة الخضار في تونس، أن مصطفى حتى الآن في عداد الأحياء. 

لكن ماذا لو أتيحت الفرصة للشاب أن يتحدث مرة أخرى ولكن هذة المرة عن الوضع الخارجي لمصر ما تراه سيقول؟ هل سيتحدث عن الدور الملتبس والمتناقض للنظام المصري في القضايا العربية والإسلامية؟ 

مصر مع دول الخليج، والفاصل "مسافة السكة" فقط لكن نظامها يريد أن يبتز الأشقاء.
مصر مع عاصفة الحزم، وفي المقابل ضد الحرب في اليمن! 
مصر مع الشعب السوري، وفي المقابل مع الدولة السورية! 
مصر مع إيقاف الحرب في سوريا، ولكنها تدعم نظام بشار بالسلاح!
مصر ضد المشروع الإيراني، لكن مع دعمها للحكومة العراقية والحشد الشعبي الشيعي!

مصر مع القضية الفلسطينية، لكن تشارك في حصار الفلسطينين في غزة، وتتدخل في شؤون حركة فتح بما يناسب الرؤية الصهيونية!
مصر مع الوفاق في ليبيا، رغم أنها تزود أحد أطراف النزاع بالسلاح والدعم السياسي والعسكري! 
مصر ضد أمريكا التي تتآمر عليها كما يصور الإعلام المصري، لكنها تقبل المعونة الأمريكية!

ليست هذة مصر بل هو نظام اُبتليت به مصر حوّل مصر وشعبها إلى ملك للعسكر، الذين يتحكمون بكل شئ فيها وتملتئ جيوبهم من مقدارتها تحت ستار اقتصاد الجيش، هذا الجيش الذي ترك الواجب الأساسي لكل جيوش العالم في حماية البلاد إلى التجارة والاقتصاد والتحكم بكل مقدرات البلاد.

ليست هذة مصر التي يَحكمُ قضائُها اليوم بآلاف أحكام الإعدام والسجن المؤبد، بدون أدلة قطعية إنما بتلفيق تهم ما أنزل الله بها من سلطان ولم تكن لها سابقة في القوانين الوضعية أيضاً.

ليست هذة مصر التي يُقبض فيها على الأطفال والقُصّر والنساء والفتيات من قبل الشرطة، لتحولهم للمحاكم بقضايا الإرهاب والجرائم الشنيعة كذباً وزوراً، وتقتل الشباب والرجال عشوائياً بعد أن تخفيهم قسرياً ثم يُعثر عليهم جثثاً هامدة على ضفاف النيل. 

ليست هذة مصر التي تم تغيير مناهج التعليم فيها لتكون بلا لون ولا هويه، يزور في التاريخ ويُحرّف الدين وتختفي القيم التربوية، ليست هذة مصر التي تَصَدَر إعلامها الجهلاء والسذج ليجعلوا منها أضحوكة العالم، ولكنه ضحك كالبكاء  بنشرهم للأكاذيب والقصص الواهية والأوهام.

لن تعود مصر إلى مكانتها عربياً ودولياً ولن تحقق تطلعات شعبها إلا إذا عادت من جديد ليوم ثورة 25 يناير 2011، بدون ذلك لن يجد الشعب المصري إلا مزيداً من المعاناة والفقر، ولن يجد العرب إلا التآمر من هذا النظام وسط صراخ إعلاميه ضد الدول العربية وفي مقدمتها دول الخليج، ولن يجد العالم إلا مزيداً من قوافل المهاجرين عبر المتوسط إلى أوروبا.

إن لم يُدرك المصريين والعرب والعالم ذلك فيسجدون مصر قد انهارت +في أي لحظة .

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.