فقر وحكم بالإعدام وطرد من مصر.. رحلة فنية فوق الأشواك لوردة الجزائرية

وردة واحدة من المطربين الأسطوريين في العالم العربي

قدمت المطربة وردة أكثر من 300 أغنية وباعت أكثر من 100 مليون ألبوم في العالم العربي وخارجه (غيتي)

يحل اليوم الخميس 22 يوليو/تموز الذكرى الـ82 لميلاد الفنانة الراحلة وردة الجزائرية التي ولدت في مثل هذا اليوم عام 1939. وقد بدأت قصة نجاحها الفني من أغنية "يا مروح على بلادي سلملي عليهم"، واختتمت بأغنية "أيام".

كانت وردة إحدى المطربات الأسطوريات في العالم العربي، منذ طفولتها وهي تستمع إلى أشهر المطربين مثل أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، حتى باتت أغانيهم هي الأولى التي غامرت بغنائها بصوت طفولي ولكن بإحساس ورُقي، وزارها في فرنسا كبراء الأمراء والرؤساء ليستمعوا لغنائها العذب.

"الفقر لا يعيب" لكن يجب الخروج منه

"الفقر لا يعيب، لكن الأفضل محاولة الخروج منه"، هذا ما ذكرته الفنانة وردة عن الفقر الذي عاشت فيه مع أسرتها في إحدى المقابلات التلفزيونية. ولدت وردة في لبنان وبعدها بمدة قصيرة انتقلت أسرتها إلى فرنسا، وهناك وجدت نفسها تعيش في مرآب مع والديها وإخوتها الخمس، وقد عاشوا بهذا المكان مدة طويلة حتى خرجوا من الفقر بعد 5 سنوات بفضل كفاح والدها ومساندة والدتها له، حيث أصبح والدها يمتلك مطعما وكازينو فاخرا في باريس، يأتي إليه السياح من جميع دول العالم، والعالم العربي خاصة، وفي هذا المطعم وعلى خشبة مسرحه غنت وردة أولى أغانيها، وتعلمت اللغة العربية على أيدي زبائنه العرب وكتب رباعيات الخيام والصحف العربية.

رحلة فن بدأت بالهروب من حكم إعدام

في عمر المراهقة كانت تغني وردة أغاني وطنية مثل "يا حبيبي يا مجاهد"، و"بلادي يا بلادي" وغيرها؛ دعما لوطن والدها الجزائر عندما اندلعت الحرب الجزائرية عام 1958، وبسبب هذا الموقف صدر بحقها حكم بالإعدام في فرنسا، واضطرت هي وأسرتها للهروب إلى لبنان. وهناك واصلت الغناء في الأماكن العامة بدعم من عائلة والدتها وراحت تطلق الأغاني المؤيدة للثورة منها "جميلة بوحيرد" و"أنا من الجزائر أنا عربية".

وطني حبيبي.. الوطن الأكبر

وبدأت حياتها المهنية في الازدهار ولفتت نظر جميع الفنانين العرب، وانطلقت في رحلتها الثانية في عالم الفن بعد أن سافرت إلى مصر تلبية لدعوة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، للانضمام إلى أوبريت "الوطن الأكبر"، وهو نشيد للوطن العربي ألفه أحمد شفيق كامل ولحنه محمد عبد الوهاب.

وتم غناء الأوبريت خلال الاحتفالات القومية التي أقيمت في دار الأوبرا الخديوية. وغنت وردة فقرة مخصصة لنضال الجزائر من أجل الاستقلال، وشارك في النشيد العديد من المطربين الشهيرين في ذلك الوقت كنجاة الصغيرة، وصباح، وشادية، وعبد الحليم حافظ ومحمد قنديل، ومن هنا انطلقت قصة نجاح وردة الفني وسط أشهر الفنانين العرب.

 

ومن أشهر الشائعات التي انتشرت عنها، كانت علاقتها بالمشير عبد الحكيم عامر وزير الحربية في أوائل الستينيات من القرن الـ20 الماضي، فبعد لقاء جمعها بعدد من كبار المسؤولين في الدولة، انتشرت شائعة حول علاقة تجمع المشير بالمطربة الجزائرية الشابة، ومن ثم صدر قرار بترحيلها خارج البلاد ومنعها من دخول مصر، ولم تعد وردة إلا مطلع السبعينيات خلال حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات.

ونفت وردة تلك الاتهامات، وزعمت أن فنانة أخرى كانت سببا في انتشار الإشاعات حولها، وذكرت في لقاء تلفزيوني سابق أن هذا الحديث يؤلمها ويؤذي عائلتها كثيرا.

 

وخلال فترة الابتعاد عن مصر، تزوجت وردة المناضل الجزائري جمال قصيري واعتزلت الفن لمدة طويلة من أجل زوجها وأنجبت منه رياض وداود، ولكنها لم تستطع الصمود بعيدا عن الفن وعادت بعد أن طلبها الرئيس الثاني للجزائر المستقلة "هواري بومدين" لكي تغني في عيد الاستقلال العاشر للجزائر، وهناك التقت بالموسيقار "بليغ حمدي" الذي أقنعها بالعودة إلى مصر، وبسبب ذلك انفصلت عن زوجها.

"وعملت إيه فينا السنين؟ فرّقتنا؟ لا.. غيّرتنا؟ لا.. ولا دوّبت فينا الحنين"، كان للحب في حياة وردة العديد من المغامرات، وقد حافظت على حبها لبليغ حمدي حتى بعد انفصالهما.

حيث بعد عودتها إلى مصر، تزوجت وردة بليغ حمدي عام 1972، وتعد هذه الفترة هي الأكثر ازدهارا في حياة الفنانة وردة وفيها قدمت أنجح أعمالها، ولكن لأن السعادة لا تدوم على الرغم من حبهما القوي، انفصلت عن الفنان بليغ حمدي عام 1979، وبعد انفصالها عنه تعاونت مع العديد من الملحنين منهم محمد عبد الوهاب، وسيد مكاوي، ومحمد الموجي وغيرهم.

وتوفيت "أميرة الطرب العربي" إثر سكتة قلبية مفاجئة داهمتها في القاهرة عن عمر ناهز 73 عاما بعد حرب طويلة مع أمراض القلب والكبد، وأمر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بدفن جثمانها بالجزائر.

وقدمت -خلال مسيرتها الفنية الحافلة- أكثر من 300 أغنية وباعت أكثر من 100 مليون ألبوم في العالم العربي وخارجه، وتعاونت مع كبار الموسيقيين، ومن أشهر أغانيها "خليك هنا"، و"أوقاتي بتحلو"، و"في يوم وليلة"، و"لعبة الأيام"، كما قدمت للتلفزيون مسلسلات منها "أوراق الورد" و"آن الأوان"، وشاركت في 6 أفلام، أولها "ألمظ وعبده الحامولي"، وآخرها "ليه يا دنيا" عام 1994.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية