الأشياء الصغيرة .. فيلم إثارة باهت من بطولة رامي مالك ودينزل واشنطن

فيلم "الأشياء الصغيرة" عمل محبط وفقا للجمهور والنقّاد (مواقع التواصل الاجتماعي)

عُرض أخيرًا على منصة "إتش بي أو ماكس" (HBO Max) فيلم "الأشياء الصغيرة" (The Little Things) من بطولة الممثل من أصول مصرية رامي مالك، ودينزل واشنطن وجاريد ليتو، وثلاثتهم حصلوا من قبل على جائزة الأوسكار.

وسبق الفيلم توقعات عالية باعتباره أهم الأفلام التي تعرض حتى الآن في 2021 لكن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، وتخيب كل هذه التوقعات، ويحوز 47% فقط على موقع "روتن توماتوز" (Rotten Tomatoes) الخاص بتقييمات النقّاد، وتقييم 6.3 على موقع "آي إم دي بي" (IMDB) من تقييمات الجمهور ويصبح أول إحباطات 2021.

قصة بلا جديد

تدور أحداث فيلم "الأشياء الصغيرة" حول جرائم قتل متكررة للفتيات في إحدى المدن الأميركية، يحقق فيها الشرطي جيم (رامي مالك) ويساعده المحقق السابق ديك (دينزل واشنطن)، ومع الأحداث نتعرف أكثر على شخصية دينزل الذي ترك عمله بعد أن كان محققا رفيع المستوى وتراجع إلى الصفوف الخلفية ليعمل شرطيا في إحدى المدن الصغيرة عقب فشله في حل جريمة قتل مشابهة منذ سنوات.

يتقارب الاثنان ويكتشفان كثيرا من الصفات المشتركة بينهما على الرغم من التناقض الظاهري، خاصة عندما يشتبهان في ألبرت (جاريد ليتو) أنه قاتل، ليبدأ جيم بالتحول إلى نسخة جديدة من ديك بكل أخطائه السابقة ومزاياه كذلك.

القصة بكل تفاصيلها السابقة تشبه إلى حد كبير كل أفلام الإثارة والتشويق والبحث عن القاتل المتسلسل الذي يستهدف نوعا محددا من الضحايا، مما يستدعي إلى ذاكرة المشاهد عشرات الأعمال السابقة التي نسجت على النمط ذاته والأسلوب وحتى تفاصيل القصة مثل "زودياك" (Zodiac) و"سبعة" (Seven) لديفيد فينشر على سبيل المثال وغيرهما.

وعلى الجانب الآخر لم يحاول صنّاع الفيلم، وعلى رأسهم جون لي هانكوك المخرج والمؤلف، إضافة بصمة ما على القصة القديمة والمعادة أو التلاعب بسمات النوع السينمائي وتحويرها، ومن ثمّ يشعر المشاهد طوال الوقت أنه يتابع فيلمًا شاهده من قبل.

فيلم إثارة غير مثير

والأزمة الثانية بعد القصة المكررة هي طول الفيلم وإيقاعه، وكما هو واضح من اسم النوع السينمائي الذي ينتمي إليه الفيلم "الإثارة والتشويق" فإن سرّ تميز هذه الأفلام هو رغبة المشاهدين في تتبع قصة جذابة ومثيرة تشدّ انتباههم من البداية إلى النهاية، ولكن إيقاع الفيلم جاء بطيئا ورتيبا فضلا عن كثير من مشاهد "الفلاش باك" لتوضيح القضية السابقة لـ"ديك". ومع ظهور شخصية جاريد ليتو كان من المفترض أن ترتفع حدة الصراع، لكن الأمر استمرّ على الوضع ذاته من المشاهد الطويلة وغياب الحيوية عن الأحداث، حتى إن نهاية الفيلم أتت كذلك تقليدية جدا بصورة تدعو إلى الاستغراب.

ممثلون بلا شخصيات

لم يقدّم فيلم "الأشياء الصغيرة" أي إضافة لمسيرة كل من دينزل واشنطن ورامي مالك وجاريد ليتو، فقد بدت الشخصيات فقيرة في تفاصيلها، وتقليدية في رسمها بشكل كاريكاتوري؛ فعلى سبيل المثال مع أن الضابط الذي في منتصف العمر ديك يعاني من صدمة فشله في اكتشاف الجاني في القضية المشابهة القديمة، وهناك تغيرات كبرى حدثت في حياته لكن أداء واشنطن، مع كل ذلك، جعل الشخصية تبدو كما لو أنها هانئة البال تعيش حياة اعتادتها بلا أي صراعات حقيقية، والمشهد الوحيد الذي أوضح قدر المعاناة النفسية التي يعيشها جاء هادئا جدا بشكل أفقده معناه.

أما شخصية جيم التي أدّاها رامي مالك فهي كذلك شخصية تقليدية للضابط الشاب الذي تحكمه القواعد والقوانين، مما يؤهله لأن يترقى في عمله سريعا لامتلاكه كل المزايا المطلوبة، لكن عالمه يضطرب عندما يصطدم بهذه القضية التي تظهر بداخله صفات لم يعرف عنها من قبل، ومع الأسف اتّسم أداء مالك للشخصية بالإيقاع ذاته إلا في مشهد أو مشهدين فقط، ولم يعبّر نهائيا عن التطور في الشخصية أو الصراع النفسي بين مبادئه والقيم الجديدة التي يكتسبها والغضب الذي يتملكه تجاه العالم القاسي.

وحتى مرحلة الصراع بين الأسلوبين المختلفين للضابطين في بداية الفيلم جاءت مختصرة وسريعة، وبلا متاعب حقيقية، ومن ثمّ افتقد الفيلم حتى هذه المرحلة التي كانت ستضفي بعض الإثارة عليه.

أما شخصية جاريد ليتو التي من المفترض أنها أعادته مرة أخرى إلى أدوار الشر فقد كانت فعلا مرسومة بشكل مثير للاستغراب، واضحة جدا من حيث المظهر والأسلوب، دون أي تحدّيات للممثل أو إثارة للمشاهد.

وفي النهاية فإن فيلم "الأشياء الصغيرة" عمل محبط على جميع الأصعدة، لم يستطع استخدام مهارات ومواهب ممثليه بطريقة مناسبة، بل وضعهم داخل قصة تقليدية جدا ومكررة، والأهم أنه قدّمها بأسلوب انتزع منها حتى عامل الإثارة والتشويق، مع وقت طويل تخطّى ساعتين من اللاشيء.

المصدر : الجزيرة