هتاف الجماهير أعلى من صوت السلطة.. كيف تحيزت الأغاني الثورية العراقية للشعوب؟

أغاني العراق الثورية نابعة من صفوف المتظاهرين

فنان يشارك بالمظاهرات العراقية بطريقة خاصة
فنان يشارك بالمظاهرات العراقية بطريقة خاصة (الجزيرة)

بعد مرور 10 سنوات على انطلاق الموجة الأولى من ثورات "الربيع العربي"، شهد العراق بدوره انتفاضة في أكتوبر/تشرين الأول 2019، كان سببها تردي الخدمات الصحية والأوضاع الأمنية. إلى جانب ولادة أمل في تغيير الوضع السياسي في العراق، رافق الثورة إبداع فنّي تجلى في العديد من الأعمال الفنية.

بحسب مجلة "أوريون 21" الفرنسية orient xxi فإن رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي ذكر في خطاب له في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول 2019، غداة انطلاق الاحتجاجات في عدد كبير من المدن العراقية، أنه "يجب علينا اليوم أولا إعادة الحياة إلى طبيعتها في جميع المحافظات واحترام سلطة القانون"، لتُوقف خطابه صفارات الإنذار وارتفاع أصوات تردد أغنية "ذيل أعوج" التي تقوم على إيقاعات عراقية تقليدية بنسخة حديثة تهاجم السلطة بكلمات انتقامية.

وأشارت المجلة إلى أن فيديو الأغنية من إنتاج "البشير شو"، الذي أطلقته الوكالة الألمانية للتنمية في عام 2014 وبثته قناة دويتشه فيله الألمانية الناطقة بالعربية.

يعتبر برنامج "البشير شو" نسخة مشابهة للبرنامج الساخر "البرنامج" للمصري باسم يوسف، الذي أوقف عام 2013. ويعلّق مقدم برنامج "البشير شو"، الذي يلقب نفسه برئيس جمهورية البشير الوهمية، بطريقته الساخرة على مستجدات "العراق الجار" ويهاجم الفساد والطائفية والمليشيات والسياسيين والصحفيين.

ويعد كل من أيمن حامد وثائر شعيب وأحمد فوزي، مؤدي أغنية "ذيل أعوج"، من الكوميديين المشهورين على منصات التواصل الاجتماعي. وقد حاول الثلاثي من خلال الفيديو كليب إظهار مدى شعبية الانتفاضة وتنوع الأطراف الداعمة لها. ومن خلال إبراز فئات مختلفة من السكان مثل الشباب وكبار السن والرجال والنساء، حاولوا التأكيد على وحدة الشعب.

ومثل المتظاهرين، يطالب هؤلاء الفنانون بدولة ذات مؤسسات فاعلة ومواطنة قائمة على الشعور بالانتماء للوطن وليس للطائفة أو القبيلة أو المنطقة الجغرافية.

وأوردت المجلة أن أغنية "بين الجسر والساحة" لغسان الشامي أشارت عدة مرات إلى المظاهرات في ساحة التحرير في بغداد، سواء من خلال الصور أو الكلمات، وذلك للبعد الرمزي الذي يتميز به هذا الموقع.

وطيلة أشهر، حاول المتظاهرون عبور جسر الجمهورية الذي يربط بين الضفة الشرقية من نهر دجلة حيث تقع ساحة التحرير، والضفة الغربية التي توجد "المنطقة الخضراء" مقر المؤسسات الحكومية، لتقديم مطالبهم لكن دون جدوى.

وقد أسفرت أعمال القمع من قبل القوات الأمنية والمليشيات عن سقوط أكثر من 600 قتيل. وتضمن مقطع فيديو الأغنية مراجع حضرية أخرى مثل نفق السعدون تحت ساحة التحرير.

ويعتبر "جبل أحد" مثلما يسميه المتظاهرون، وهو مبنى غير مكتمل يطل على الساحة، ملجأ للمتظاهرين في ذروة القمع، تزين جدرانه لوحات جدارية وكتابات عن مجد الثورة. كما برزت خلال الاحتجاجات دراجات التوكتوك ذات العجلات الثلاثية، التي لعبت دور سيارات الإسعاف في عمليات إجلاء الجرحى، وذلك حسب ما أظهرته أغنية "أبو التوكتوك" لحسام الرسام.

وأوضحت المجلة أن الموسيقى التقليدية تحظى أيضًا بشعبية كبيرة بين مطربي الثورة مثل أغنية "جنة جنة" التي تعود إلى تسعينيات القرن الماضي، التي أعاد الفنان العراقي ماجد المهندس توزيعها في 2006 ليعطيها حلة جديدة. تحفز هذه الأجناس الموسيقية الشهيرة المحتجين لأنها تقوم على إيقاعات الرقص التقليدية.

حتى المغني سيف نبيل الذي عرفه الجمهور بأدائه لموسيقى البوب الخليجية الجديدة، بعد حصاد أغنيته "عشق موت" أكثر من 420 مليون مشاهدة، أدى بدوره أغنية "سلمية".

ولم تغب الألحان الحزينة التي يهيمن عليها صوت الكمان والبيانو عن بعض الأعمال التي أنتِجت في أوج الانتفاضة، مثل أغنية "نازل آخذ حقي" لرحمة رياض. ويعكس الفيديو صور المتظاهرين المستهدفين بالغاز المسيل للدموع وأسر الضحايا.

وأشارت المجلة إلى أغنية "رايد وطن" للنجمة دموع تحسين، التي فازت بالموسم الرابع من النسخة العربية من برنامج "ذا فويس"، تعكس الوضع العام في العراق.

استعانت دموع تحسين بجوقة من الذكور للترديد خلفها وآلة الساز الكهربائية، وهي آلة وترية تستخدم في الموسيقى التركية والكردية والفارسية.

ورغم أن الحركة الثورية لقيت تأييد الفنانين التجاريين المشهورين باختلاف دوافعهم، فإن "رايد وطن" لم ترق إلى مستوى النجاح الذي حققته الأعمال الأخرى للمغنية، التي عادة ما تسجل عشرات الملايين من المشاهدات.

أحيت بعض الأعمال أوبريت الحلم العربي، وهو شكل كورالي غالبًا ما يتغنى بالقضايا السامية، بما في ذلك القومية العربية وفلسطين، وبالتعاون مع عدد من المنظمات العراقية بما في ذلك نقابة الفنانين، أنتِجت أغنية "اتواضع وانزل للشعب".

المصدر : الصحافة الفرنسية