لماذا اهتمت ديزني بالثقافة الصينية في مولان وأهملت العربية في علاء الدين؟

قدم فيلم مولان صورة مبهرة تستحق العرض السينمائي (مواقع التواصل الاجتماعي)

تأثر فيلم "مولان" كثيرا بوباء الكورونا، فبعد حملات ترويج ذات ميزانية كبيرة له، وقبل عرضه بأيام عُد فيروس الكورونا جائحة عالمية ما تسبب في إغلاق دور العرض السينمائية؛ ليحرم الفيلم من فرصة العرض السينمائي، ويؤجل مرة تلو الأخرى من شهر مارس/آذار وحتى سبتمبر/أيلول 2020.

وفي النهاية وفي محاولة لتقليل الخسائر قررت ديزني عرض الفيلم بصورة مختلفة تماما عبر منصتها "ديزني بلس" بمقابل مادي إضافي هو 30 دولارا، وفي البلاد التي لا تعمل بها المنصة -مثل الشرق الاوسط- يتم عرض الفيلم سينمائيا.

القصة الحقيقية لهوا مولان

هذه هي النسخة الثانية من ديزني لقصة "هوا مولان" الفتاة الصينية الشابة، التي تنكرت في زي رجل لتلتحق بالجيش بدلا من والدها المسن المريض، الفيلم الأول رسوم متحركة من إنتاج 1998 وكان تحفة كلاسيكية حقيقية ومختلفا بصورة كبيرة عن أفلام ديزني في ذلك الوقت، الذي احتفى بالأميرات الرقيقات اللواتي يعشن في كنف حبيب يحتمين به، بينما مولان محاربة ومتمردة حقيقية تحمل قيما مختلفة تماما.

يرجع الفيلمان إلى قصة حقيقية حدثت في القرن الخامس الميلادي في الصين، بطلتها المحاربة "هوا مولان"، التي هربت بالفعل من منزلها، وتنكرت كصبي لتنقذ والدها المصاب في حرب ماضية؛ لأن لديها أخا صغيرا لا يستطيع الذهاب للحرب، ولكن بعكس القصة التي وصلتنا عبر ديزني فإن "هوا مولان" الأصلية لم ينكشف أمرها؛ بل ظلت محاربة في الجيش الأمبراطوري لمدة 12 عام، وحتى انتهاء الحرب، وعندما قُلدت منصب قائد، كشفت عن نفسها وطلبت العودة إلى عائلتها.

"الحركة الحية" (live action) في هذا الفيلم الجديد صنع مزيجا من فيلم الرسوم المتحركة والقصة الحقيقية؛ ليضفي المزيد من الجدية على القصة، وتصبح ملائمة أكثر لروح العصر، فنجده تخلص من شخصيات كوميدية مثل التنين الصغير "موشو" و"صرصار الحظ" واستبدلها بالعنقاء رمز العائلة التي تساعدها من وقت لآخر، والساحرة الشريرة التي تمتلك قدرات مشابهة لمولان.

ولكن المجتمع الصيني القاسي للغاية على الفتيات نبذها فأخذت جانب الشر، والهدف من وجودها توضيح المصير الأسود الذي قد تصل إليه مولان، كذلك استبعد الفيلم القصة العاطفية من فيلم الأنيمشن، وركز على تفاصيل التغييرات التي حدثت في شخصية مولان وإيمانها بنفسها خلال فترة تدريبها في الجيش.

الثقافة الصينية والعربية

لا يمكن أن تشاهد فيلم مولان من إخراج نيكي كارو، إلا وتعجب باهتمام المخرجة الكبير بتفاصيل الثقافية الصينية، التي ظهرت في العمل بصورة جلية، بداية من الديكورات وتصميم الأزياء وتسريحات الشعر، وطرق القتال، ليخرج لنا الفيلم مبهرا بصريا ومقنعا في آن واحد، وفي ذات الوقت هذا يسمح بعقد مقارنة مع فيلم آخر قدم ثقافة مغايرة عن الثقافة الأميركية، وهو "علاء الدين"، فيلم اللايف أكشن من ديزني إنتاج 2019 وإخراج جاي ريتشي.

نلاحظ أن صناع فيلم "علاء الدين" أصروا على اختيار ممثل ذو أصول عربية في دور البطولة هو "مينا مسعود"؛ لكن في ذات الوقت أخذ الفيلم الطابع البصري الهندي بصورة واضحة للغاية، في إشارة لعدم اهتمام المشاركين في العمل بالتعرف على الثقافة التي تعود إليها قصة علاء الدين، وخلطهم بين كل ما هو شرقي سواء كان عربيا أو هنديا.

بالطبع الاهتمام بالثقافة الصينية ضروري للغاية في فيلم مثل مولان، الذي تعتزم ديزني منذ البداية على تسويقه بقوة في الصين، ثاني أكبر عرض سينمائي في العالم بعد الولايات المتحدة، والتي تضمن نجاح العديد من الأفلام في البوكس أوفيس العالمي (إيرادات الأفلام)، وفي يدها الآن بعد فتح دور العرض فيها، والإغلاق الجزئي في الولايات المتحدة إنجاح الأفلام تجاريا أو إفشاله.

وبالإضافة لنجاحها في تقديم الثقافة الصينية، قدمت نيكي كارو مشاهد الأكشن بصورة مبهرة للغاية بالاستعانة بالمؤثرات البصرية، حيث أضفت على مشاهد القتال الخاصة بمولان طابع فانتازي يرجع لقدرات "التشي" التي تمتلكها، وصُممت المعارك كذلك بشكل مميز للغاية مع استخدام رائع للمجاميع، ويعد الفيلم أعلى الأفلام ميزانية تقوم امرأة مخرجة بتقديمه في التاريخ.

في النهاية، فيلم مولان هو الأفضل بين قائمة أفلام "اللايف أكشن" التي قدمتها ديزني في السنوات الأخيرة، التزم بروح فيلم الرسوم المتحركة "الأنيميشن"؛ لكن ذلك لم يمنعه من إجراء التغييرات التي حسنت منه، وقدم صورة مبهرة تستحق العرض السينمائي بالتأكيد، وكذلك هو فيلم عائلي لطيف يصلح للكبار والصغار.

المصدر : الجزيرة