سيزامي.. مسرع جزيئات أردني يجمع الأعداء والأصدقاء

تم بناء النظام المغناطيسي لحلقة التخزين في مسرع سيزامي داخل منظمة سيرن بسويسرا (سيرن)

رماح الدلقموني

ربما سمع الكثيرون عن مساعي الأردن بناء مفاعل نووي للاستخدامات المدنية وتحديدا لتوليد الطاقة الكهربائية، لكن الذي ربما لم يسمع عنه الكثيرون هو أن الأردن يحتضن مسرعا للجزيئيات الإلكترونية فريدا من نوعه يعرف اختصارا باسم "سيزامي".

يعتبر هذا المشروع فريدا ليس لأنه الأول من نوعه على مستوى منطقة الشرق الأوسط فحسب، ولكن لأنه يضم في عضويته دولا بعضها ربما لا يعترف بالبعض الآخر على الصعيد السياسي.

إعلان

فهذا المشروع، واسمه العلمي "ضوء السينكروترون للعلوم التجريبية وتطبيقاتها في الشرق الأوسط"، يضم في عضويته إيران وإسرائيل وفلسطين ومصر والبحرين وتركيا وقبرص وباكستان إلى جانب الأردن طبعا.

وتشرف عليه كل من البرازيل والصين والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا واليونان وإيطاليا واليابان والكويت والبرتغال وروسيا وإسبانيا والسويد وسويسرا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية.

يعود قرار إنشاء المشروع رسميا إلى 30 مايو/أيار 2002، وهذا التأخير في إطلاقه مبرر بعض الشيء، فثلاث من الدول الأعضاء وهي إيران وإسرائيل وفلسطين تعرف بالصراعات بينها، كما أن تركيا لا تعترف بجمهورية قبرص، ومع ذلك فإنها تتعاون معا في هذا المشروع.

إعلان

يقع المشروع في منطقة علان بمحافظة البلقاء على بعد ثلاثين كيلومترا شمال غرب العاصمة الأردنية عمان، وهو يهدف إلى إنتاج "أشعة السينكروترون"، الذي يعد نوعا خاصا من مسرعات مصادمة الجزيئات ما دون الذرية.

‪صورة من داخل موقع المشروع في منطقة علان‬ (أخبارك.نت)

والمشروع أشبه بفكرة مصادم الهادرونات الكبير لمنظمة سيرن للأبحاث النووية المقام على الحدود الفرنسية السويسرية، لكن في حين أن مشروع سيرن عبارة عن نفق عملاق تحت الأرض على هيئة دائرية بطول 27 كيلومترا، فإن مسرع الجزيئات سيزامي على هيئة دائرية بطول 133 مترا.

ففي مشروع سيرن يتم تسريع ذرات الهيدروجين في أعقاب فصل الإلكترونات عنها لتتحول إلى بروتونات، ثم يتم تسريع هذه البروتونات إلى سرعة تقارب سرعة الضوء في اتجاهات متعاكسة بحيث تصطدم ببعضها بعضا، وفي لحظات الاصطدام يرص العلماء ما تعرف بجزيئات الجاذبية.

ومسرع الإلكترونات الأردني هو نسخة أصغر من ابن عمه ذاك، لكن بدلا من أن يكون هدفه الوصول إلى حدود الفيزياء، فإن هدفه يقتصر على التحقق من هيكيلية المواد، وذلك أنه أثناء تسريع الإلكترونات فإنها تصدر إشعاعات تتراوح بين الأشعة تحت الحمراء والأشعة السينية التي يمكن الاستفادة منها لدراسة أي شيء ابتداء من المعادن إلى الأنسجة البيولوجية.

يوجد في العالم حاليا نحو ستين مسرع إلكترونات، لكن سيزامي هو الأول الموجود في الشرق الأوسط، ومثل هذه المشاريع مكلفة للغاية لكن سيزامي من أرخصها تكلفة

وأشعة السينكروترون هذه أكثر كثافة من مصادر أخرى متاحة، مما يتيح للباحثين جمع المعلومات بشكل أسرع ومن عينات أصغر، كما يمكنها أيضا اختراق المواد بشكل أعمق وحل المزايا الأًصغر فيها، وبشكل عام فإن هذا المسرع سيفيد في إجراء بحوث متقدمة في مجالات الكيمياء والفيزياء والبيولوجيا الحيوية والطاقة وعلوم البيئة والآثار.

إعلان

بدأ العمل فعليا في المشروع عام 2012 وفي عام 2013 تم تركيب المعزز، وفي يوليو/تموز 2014 تمكن العلماء من تخزين الجزيئات عن طاقة 20 ميغا إلكترون فولت في المعزز، وفي سبتمبر/أيلول 2014 تمكن القائمون على المشروع من تسريع الجزيئات إلى الطاقة النهائية لها في مرحلة التعزيز وهي 800 ميغا إلكترون فولت، وفي ديسمبر/كانون الأول 2016 بدأ التشغيل الكامل للمشروع.

تم تمويل المشروع من قبل الدول الأعضاء إلى جانب التمويل الذي حصل عليه من منظمة سيرن، كما تبرعت دول مثل أميركا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وسويسرا بمكونات من مسرعات خرجت من الخدمة.

يوجد في العالم حاليا نحو ستين مسرع إلكترونات، لكن سيزامي هو الأول الموجود في الشرق الأوسط، ومثل هذه المشاريع مكلفة للغاية لكن سيزامي من أرخصها تكلفة، فعلى سبيل المثال كلف مشروع "دياموند لايت سورس" في بريطانيا الذي افتتح قبل نحو عقد من الزمن 330 مليون دولار، لكن تكلفة بناء سيزامي بلغت فقط 79 مليون دولار.

ويعود انخفاض التكلفة في جانب منه إلى رخص الأيدي العاملة في الأردن من جهة، وإلى المواصفات الأقل طموحا في سيزامي مقارنة بالمشاريع المشابهة من جهة أخرى.

يشغل منصب رئيس مجلس إدارة المشروع حاليا البريطاني السير كريستوفر ليويلين سميث بروفيسور الفيزياء النظرية في جامعة أكسفورد والمدير العام السابق لمنظمة سيرن، وينوب عنه في الإدارة عالمان، مصري وإسرائيلي.

المصدر : مواقع إلكترونية

إعلان