خيارات الأقليات في الانتخابات التركية

الحملات الانتخابية وصلت مشارف ميدان تقسيم في إسطنبول دون أن تدخله (الجزيرة نت)
 
عقبة الأحمد-إسطنبول

يحلو لبعض الأتراك والأكراد تسمية إسطنبول بأكبر مدينة كردية باعتبار أن عدد من يقطنها من الأكراد يفوق سكان مدينة ديار بكر كبرى مدنهم جنوب شرق البلاد، إذ يبلغ عددهم في إسطنبول نحو 3.5 ملايين مقابل زهاء 1.5 مليون كردي في ديار بكر.

ويعتبر الأكراد أكبر أقلية في تركيا إذ تتراوح نسبتهم ما بين 15 و20% وفق مصادر مستقلة مختلفة، ومن هنا تأتي أهمية توجهات أفراد هذه الأقلية في التصويت في أي انتخابات تشهدها تركيا، سواء أكانت بلدية أو برلمانية.

إعلان

‪‬ شارع الاستقلال بإسطنبول يضممعظم شرائح المجتمع التركي(الجزيرة نت)

وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان عرض أواخر سبتمبر/أيلول العام الماضي "حزمة إصلاحات ديمقراطية" منح من خلالها حقوقا للأقليات تتضمن السماح بالتعليم بلغات ولهجات غير تركية في المدارس الخاصة وفي الحملات الدعائية، واستعمال اللغة الكردية أمام المحاكم واستعمال الأحرف المفتاحية باللغة الكردية.

كما سمحت الإصلاحات بتسمية القرى بأسمائها غير التركية التي كانت عليها قبل انقلاب عام 1980. وفي إشارة قوية إلى عزم أردوغان استمالة الأكراد في الانتخابات البلدية المقررة الأحد، أقام حزب العدالة والتنمية الحاكم الخميس الماضي مهرجانا انتخابيا كبيرا في ديار بكر بحضور أردوغان.

وينحصر التنافس في المناطق الكردية بين حزبه وحزب السلام والديمقراطية الكردي الذي يتقدم باستطلاعات الرأي هناك، رغم حصول الحزب الحاكم على نسبة تتجاوز 25% في معقل الأكراد.
وتجدر الإشارة إلى أنه في انتخابات 2011 فاز 70 عضوا كرديا في البرلمان التركي عن حزب العدالة والتنمية.
انقسام التصويت
وينقسم أكراد إسطنبول في التصويت للانتخابات البلدية بين من يميل إلى حزب العدالة والتنمية ومن يفضل الاقتراع على أساس عرقي وسياسي للأحزاب الكردية.

إعلان

ويروي محمد -وهو كردي يعمل في مطعم بإسطنبول- ما حققته حكومة أردوغان "من أمن وسلام في المناطق الكردية" منذ بدء عملية السلام مع حزب العمال الكردستاني، حيث أصبح بإمكانه السفر والوصول إلى قريته دون أن تضايقه الشرطة بالحواجز الأمنية المنتشرة على طول الطريق قبل أكثر من عامين.

تشالا أوف لاس: الانتخابات البلدية ستؤثر على الانتخابات البرلمانية القادمة(الجزيرة نت)

ويؤكد محمد للجزيرة نت -رافضا تصويره- أنه سيصوت لمرشحي حزب العدالة والتنمية بسبب ما قدمه الحزب من خدمات في البلديات التي شغلها، وخاصة في إسطنبول، وما أحدثه من تطور وتنمية وسلام وأمان واستقرار، ولن يصوت على أساس عرقي، على حد تعبيره.

 

وأشار إلى ما كانت تعانيه إسطنبول قبل حكم العدالة والتنمية من مشاكل في المواصلات ومياه الشرب ومياه الصرف الصحي وخدمات البلدية لجمع النفايات والبنى التحتية التي وصفها بالسيئة جدا، لكنه أوضح أن الحزب تمكن منذ وصوله إلى السلطة من حل مشاكل خدمية كثيرة.

في المقابل دعت الناشطة اليسارية الكردية تشالا أوف لاس الأكراد في مناطق غرب تركيا ومنها إسطنبول إلى التصويت للأحزاب الكردية في الانتخابات البلدية، لأن هذه الانتخابات -حسب رأيها- ستؤثر على الانتخابات البرلمانية القادمة "وبالتالي فإن زيادة تمثيل الأكراد سيساهم في حل المسألة الكردية".

إعلان

ورغم إيمانها بضرورة التصويت على أساس تقديم الخدمات، فإنها تفضل في المرحلة الحالية التصويت على أساس عرقي لحل الأزمة الكردية وفق ما أفادت به للجزيرة نت، مع أنها اعترفت بأن الأحزاب الكردية لا تملك المقدرات التي يملكها حزب العدالة والتنمية الحاكم لاستقطاب أصوات جميع الأكراد.

أقليات أخرى
وبينما تتراوح الميول الانتخابية لأكراد تركيا فإن الأقلية العلوية -التركية والعربية- التي لا توجد إحصائيات دقيقة عن عددها، تميل تقليديا إلى انتخاب مرشحي حزب الشعب الجمهوري بسبب عدائها الكبير للتوجهات الإسلامية.

‪(الجزيرة نت)‬ براهيم يعتقد أن أردوغان قدم خدمات لإسطنبول، لكن لا بد من التغيير
إعلان

وفي هذا السياق قال إبراهيم -وهو صاحب مقهى ينتمي إلى الأقلية العربية العلوية- إنه سيصوت لمرشحي حزب الشعب الجمهوري المعارض، مشيرا إلى أن ذلك ينبع من اعتقاده بأن هذا الحزب سيحافظ على الديمقراطية والحرية في البلاد ويضمن المساواة بين جميع أفراد الشعب، على حد تعبيره.

 

ويقر إبراهيم بأن رئيس بلدية إسطنبول الحالي المنتمي لحزب الحرية والعدالة قدم كثيرا من الخدمات إلى أهالي إسطنبول، خلال سنوات طويلة من عمله في البلدية بلغت 20 عاما على حد قوله، إلا أنه قال إن هناك حاجة لتغيير الوجوه.

ورغم أن عدم تشكيل الأقلية المسيحة بجميع طوائفها أقل من 1% فإن خادم الكنيسة الأرثوذكسية في شارع الاستقلال قرب ميدان تقسيم ويدعى جورج -رفض تصويره- قال إنه سيصوت لحزب الشعب الجمهوري أيضا لأسباب سياسية لا خدمية، بعد سقوط قتلى خلال فض المظاهرات وما تبعها من تسريبات عن فساد الحكومة على حد تعبيره.

وحتى يوم التصويت يبقى نجاح الأحزاب الرئيسية في تركيا مرهونا بما ستحققه من نتائج، فهل تقلب أصوات الأقليات المعادلة السياسية؟

المصدر : الجزيرة

إعلان