‫قدماء المصريين حولوا مقابرهم إلى متاحف فنية

مقابر تل العمارنة بالمنيا في الصعيد (الألمانية)

يقول علماء المصريات إن قدماء المصريين ‫عرفوا فن الرسم منذ أقدم العصور الحجرية، وإن منطقة النوبة جنوبي مصر ‫وجد بها أقدم رسوم وصور خطها الإنسان قبيل آلاف السنين.

‫كما أن قدماء المصريين استعملوا الرسم أكثر من أي شعب آخر، ‫وحتى كتاباتهم كانت على شكل صور، واستعملوا الألوان بنسب كانت معروفة ‫لديهم، وكانوا يمتلكون قدرة خاصة على رؤية الأشياء وتصويرها بأسلوب ‫مخالف للقواعد المتوارثة، وقد ظهر هذا واضحا في رسوم "الأوستراكا" ‫التي كانت مادة رخيصة لرسم المناظر الخيالية.

وفي النحت كان الرسامون ‫يرسمون لوحاتهم على ورق البردي، ثم ينقلونه بالنحت على جدران وأسقف ‫وأعمدة المقابر والمعابد.

إعلان

‫وقالت د. سمر محمد عباس الأكاديمية بكلية الفنون الجميلة في ‫مدينة الأقصر التاريخية بصعيد مصر -لوكالة الأنباء الألمانية- إن فن الرسم في مصر القديمة ارتبط بالطبع برسوم أخرى، وتشابك معها مثل ‫فن النحت والتصوير والكتابة أيضا.

‫واستخدم قدماء المصريين الرسم في عدة أغراض، مثل رسم الاستكشات ‫التجريبية التي كانت ترسم على قطع الأوستراكا وأوراق البردي، كدراسة ‫تخطيطية للقيام بعمل فني، وفي رسم استكشات يبدعها الفنان "للمزاج الخاص" مثل رسم منظر ضاحك أو هزلي، أو مشاهد من الحياة اليومية والعامة، أو ‫تلك الرسوم التحضيرية التي كانت تُرسم للتحضير للقيام بعمل فني على ‫جدران المقابر والمعابد، كالتصوير والنحت الغائر أو البارز. ‫وفي الرسوم الكاملة على الألواح وأوراق البردي، والقماش والخزف المطلي ‫وأسطح القدور والأواني.

‪مقابر بني حسن شهدت ازدهار فن الرسم‬ (الألمانية)
إعلان

تقدم
وكما تقول د. سمر، وجدت رسوم على الأواني تدلنا على أن فن الرسم شهد تقدما ‫في ذلك العصر عن العصور التي سبقته، إذ وجدت صور لطيور وحيوانات ‫ونباتات ورجال يتقاتلون ومراكب وأوانٍ فخارية مزخرفة، تدل جميعها على ‫أنه جرى رسمها كأعمال فنية بحتة، أي أنهم مارسوا الفن من أجل الفن فقط، ‫وأن تلك العصور شهدت معرفة الإنسان بالفنون منذ ذلك الزمن القديم.

‫وفي كتابه "صفحات مشرقة من تاريخ مصر القديمة" يقول عالم المصريات ‫ووزير الآثار المصري الأسبق د. محمد إبراهيم بكر إن مقابر جبانة ‫منف بمحافظة الجيزة وآثار رجال الدولة القديمة في أبي صير وسقارة ‫ودهشور تُعد متاحف فنية زاخرة بالمصورات والرسوم الملونة التي تنقل لنا ‫كل مظاهر الحياة في مصر القديمة، وتوضح لنا كيف تميز فن الرسم في مصر ‫القديمة بملامح خاصة.

وقال مدير منطقة آثار الأقصر ومصر العليا د. محمد يحيى ‫عويض -لوكالة الأنباء الألمانية- إن مقابر بني حسن بمحافظة ‫المنيا وسط الصعيد تضم رسوما يُصَورُ فيها صاحب المقبرة في منزله ‫ومع أفراد عائلته، وتارة أخرى يُصَورُ وهو يصطاد الطير والحيوان ‫والأسماك، ومناظر لصاحب المقبرة وهو يتابع قيام العمال بقطع الأشجار ‫وبناء القوارب، وغير ذلك من الأعمال اليومية كالزراعة وتربية الماشية.

‪مقبرة توت عنخ آمون ضمت رسوما رائعة‬ (الألمانية)

جدران
‫وتسجل جدران تلك المقابر صورا لصاحب المقبرة محمولا على الأعناق، ‫وهو يتابع ممارسة عماله لألعاب القوى والتمرينات البدنية المختلفة ‫والرقص أيضا.

يُذكر أن فن الرسم في مصر القديمة كان يمارس وفق قوانين وقواعد صارمة ‫تحدد النسب الفنية بين أعضاء الجسم البشري والأوضاع السليمة لإبراز كل ‫جزء من أجزاء الجسم.

‫واستخدم الفنان المصري القديم في الرسم والتصوير أعواد الغاب ذات ‫الأطراف المبرية، والفراجين الصغيرة المصنوعة من ليف النخيل، وألواح مزج ‫الألوان المصنوعة من الأصداف البحرية، أو قطع الفخار المكسورة.

‫وكانت الألوان لديه هي الأسود والأبيض والأحمر والأصفر والأزرق والأخضر‫، وكانت تصنع من الكربون والجير وأكاسيد الحديد والفيانس.

المصدر : الألمانية

إعلان