كيف يتعلم الأطباء أساليب التعامل مع الموت؟
تعتبر دراسة الطب من الدراسات العملية، إذ يتم تجهيز الطالب بالمعرفة الأساسية اللازمة في البداية، ثم ينتقل الطالب إلى المرحلة العملية التي تتم داخل المستشفى، ويكتسب من خلال تلك التجربة الخبرة التي يحتاج إليها مسترشدا بكبار الأطباء الموثوق بهم في تلك المهنة الحساسة. ولكن يحتاج الطلاب خلال دراستهم اكتساب إحدى المهارات الأساسية المهمة التي سوف تواجههم في حياتهم المهنية، وهي التعامل مع الموت، تتطلب تلك المهارة معرفة معينة ربما قد لا تواجه الطلاب أثناء دراستهم العادية. لذلك فمن الضروري ضمان تغطية جميع جوانب هذا الموضوع الحيوي في المناهج الدراسية، وأي تجربة عملية إضافية هي مكافأة للمساعدة في تعزيز معرفة وفهم الطلاب.
في العديد من المدارس والكليات الطبية يتم إدخال الموت بطريقة نظرية في السنة الأولى من الدراسة، مصحوبا بمحاضرات عن أخلاقيات التبرع بالجسم للتشريح ووفاة المرضى الافتراضيين، حتى إن بعض الجامعات لديها نوع من الخدمات التذكارية لشكر أولئك الذين تبرعوا بأجسادهم لاستخدامها في فصول التشريح. وباستخدام هذه الطرق يتم إبراز الأبعاد الأخلاقية والاجتماعية للموت بشكل واضح إلى جانب الأبعاد المادية.
بالإضافة إلى زيارة المرضى في أجنحة الرعاية خلال التجربة العملية يقضي الطلاب بعضا من الوقت في متابعة مريض واحد من خلال خدمة الرعاية الصحية في المستشفى، كما أنهم يقومون بمقابلة جميع مقدمي الرعاية الصحية لهذا المريض لمتابعة حالته، وهذا يعطيهم رؤى فريدة من نوعها من خلال تجربة ذلك المريض، كما أنه يزيد قدرتهم على التواصل، وصنع القرار، وديناميكية تلقي الرعاية في وضع مرضي خطير.
يغطي التدريس في هذا المجال مهارات التعامل مع الألم والأعراض التي تسبق الموت، مع التركيز على إصابة المريض بالغثيان أو الإمساك، والذي يُعد أمرا شائعا جدا للمرضى في نهاية حياتهم. وتسمح وحدة الرعاية التلطيفية لهم بتغطية المسائل النفسية والوجدانية والروحية، ومناقشة هذه المسائل مع موظفي الرعاية التلطيفية والروحية. في التفكير في هذه التجارب يتم مساعدة الطلاب من خلال علاقات مع كبار الأطباء والاستشاريين الموثوق بهم للحديث عن طريقة التعامل مع قضايا الشك والعناية بالمريض في أيامه الأخيرة.
لدى جميع كليات الطب موظفون يتمثّل دورهم في توفير الدعم المناسب للطالب. كما تضيف العديد من كليات الطب أيضا حصة للاستشارة في المناهج، حيث يتم توفير مساحة آمنة ومنتظمة للطلاب لمناقشة مخاوفهم. وتُبيّن البحوث أن العديد من الطلاب يتبنون تلك النظرة السلبية التي يعتبرون من خلالها أن وفاة أي مريض هي فشل شخصي منهم، لذلك تتم مناقشة هذه المشكلة مباشرة من خلال حلقات الدعم الفردي أو الجماعي تلك.
يجد أولئك الأطباء المبتدئون أنه من المفيد جدا إيجاد أحد الأطباء الكبار الذي لا يجد أي مشكلة في التحدث عن الموت من خلال حلقات التدريس الرسمية وغير الرسمية، وبذلك يستطيعون طرح الأسئلة التي تشغلهم والحصول على إجابات، وأيضا دعمهم لقبول حقيقة أن بعض المرضى سوف يموتون. وجدت دراسة في المملكة المتحدة أن 90% من الأطباء اعتبروا أنهم تعاملوا بشكل جيد مع الوفيات باستخدام الدعم غير الرسمي والرسمي.
يتم تشجيع أي طالب أو طبيب صغير يكافح مع أي جانب من جوانب الدورة أو العمل للحصول على مساعدة من كلية الطب أو الجامعة أو خدمات دعم المستشفى. كما تقدّم منظمات أخرى مثل الخدمات الصحية للأطباء ومنظمات الوقاية الطبية والرابطة الطبية الأسترالية الكثير من الدعم.
العديد من الطلاب والأطباء المبتدئين يجدون صعوبة في طلب المساعدة، لذلك يُعد الدعم الجماعي من خلال المعلومات والتوجيه، والتعلم التجريبي الموجه جزءا مهما من تحسين رعاية المرضى الذين يعانون من مرض خطير وعائلاتهم أيضا، وفي الوقت نفسه تحسين الصحة النفسية والرضا المهني لأولئك الأطباء الذين يقدمون هذه الرعاية.
————————————————
مترجم عن: (ذا كونفرزيشن)