قانون حمل السلاح بأميركا.. حرية تقتل

الخبراء يشيرون إلى أن هناك أكثر من ثلاثمئة مليون قطعة سلاح فردية في الولايات المتحدة (الأوروبية)

قانون حيازة السلاح أقره الدستور الأميركي باعتبار ذلك حقا للمواطنين لتصبح الولايات المتحدة الدولة الصناعية الوحيدة في العالم التي تسمح لمواطنيها بحمل السلاح في الشوارع، وهو أمر متجذر في الثقافة الأميركية.

يندرج القانون في إطار احترام الحرية الفردية، وتعتبر محاولات الحد من الحصول على تلك الأسلحة من المقترحات التي تفقد المرشحين أصوات الناخبين، لكن تزايد أحداث العنف الدامية التي تخلفها حوادث إطلاق النار بشكل فردي داخل المجتمع الأميركي أدى إلى ارتفاع حدة الأصوات المطالبة بمراجعة التشريعات الخاصة بحيازة الأسلحة.
 
الجذور تاريخية
في ديسمبر/كانون الأول 1791 تم اعتماد عشر مواد سميت "وثيقة الحقوق" أضيفت إلى الدستور الأميركي صاغها جيمس ماديسون المعروف باسم "أبو الدستور" وهي تحمي حق التعبير عن الرأي، وحرية الصحافة، وحق التظاهر.

ويستمد الدستور الأميركي مادة "الحق في التسلح" من القانون الإنجليزي الذي يؤكد أن هذا الحق من الحقوق الطبيعية، وتحمي المادة الثانية من الدستور حق الفرد في امتلاك سلاح لأغراض مشروعة وهي الدفاع عن النفس داخل المنزل.

إعلان

ويرجع الدافع الأساسي لتأييد هذا القانون حين إصداره إلى القلق الشديد من استبداد الحكومة بالسياسة، خصوصا بعد الحرب الأهلية الأميركية، واعتبار حمل السلاح الشخصي الحق الأهم لحماية الحقوق الأخرى التي تم اعتمادها في إطار مواد سميت "العشر".

وينص القانون الأميركي على أن عملية شراء سلاح بشكل قانوني تستلزم تحري مكتب التحقيقات الفدرالي عن بيانات سجل السوابق الجنائية للمشتري.

تفاوت
تختلف القوانين المتعلقة ببيع الأسلحة من ولاية أميركية لأخرى، ففي ولاية مثل تكساس مثلا يستطيع الفرد حمل السلاح من دون ترخيص لأن القانون يبيح له ذلك.

إعلان

وعلى الرغم من ذلك هناك الكثير من الطرق للالتفاف على تلك الإجراءات، حيث يمكن شراء الأسلحة والذخيرة عبر مواقع الإنترنت التي تعد سوقا ضخمة بأسعار متدنية، إضافة إلى انتشار تهريب الأسلحة عبر الحدود المكسيكية وعصابات المخدرات المسلحة.

انقسامات
تدافع مجموعات ضغط أميركية قوية عن حق امتلاك السلاح الذي يقرره الدستور في مواجهة أي تعديلات قانونية، وتشكل الرابطة الوطنية للأسلحة (أن آر أي) -ومقرها ولاية فرجينيا الشمالية- أقوى تلك المجموعات التي نجحت خلال سنوات طويلة في منع تقييد تجارة الأسلحة.

لكن تسارع وتيرة الحوادث المأساوية بسبب استعمال الأسلحة الفردية -والتي ينتج عنها سقوط حوالي عشرة آلاف قتيل أميركي سنويا- أدى إلى تزايد المطالبات بتشديد القوانين المتعلقة ببيع الأسلحة في البلاد.

وكان نص قد أقر في 1993 في الكونغرس ويحمل اسم "قانون برادلي" فرض التدقيق بالسوابق الإجرامية والعقلية قبل بيع أي سلاح، لكن 40% من مبيعات الأسلحة لا يشملها القانون لأنها تجري بين أفراد على مواقع إلكترونية متخصصة تقوم بدور وساطة بين شخصين، ولا يطال القانون سوى التجار الذين يملكون تصريحا بهذه التجارة.

ثغرات
وهناك ثغرات في السجل العدلي الفدرالي للأفراد، فقد اكتشفت جمعية "رؤساء بلديات ضد الأسلحة غير المشروعة" أن ملايين الملفات حول أشخاص مختلين عقليا لم تحول إلى مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي).

إعلان

وأصدر الكونغرس قانونا وقعه الرئيس السابق بيل كلينتون عام 1994 يحظر التصنيع والاستخدام المدني للأسلحة النارية نصف الآلية (الأسلحة الهجومية) لمدة عشر سنوات، وتم تحديد 19 نوعا من الأسلحة النارية وتصنيف مختلف البنادق نصف الآلية والمسدسات والبنادق بأنها أسلحة هجومية، وانتهى ذلك الحظر في سبتمبر/أيلول 2004، وصدرت دعاوى تطالب بتجديد الحظر.

كما أن المحكمة العليا الأميركية أصدرت عامي 2008 و2010 قرارا تاريخيا أكدت فيه أن المادة الثانية للدستور تحمي حق الفرد في امتلاك سلاح ناري من دون أن يكون شخصا عسكريا أو مرتبطا بالجيش، في وقت أشارت فيه إحصاءات مكتب التحقيقات الفدرالي إلى أن طلبات الحصول على أسلحة نارية وصلت عام 2012 إلى 16 مليون طلب.

في المقابل، انتقد الرئيس الأميركي باراك أوباما حرية تملك الأسلحة من خلال دعوته إلى إصدار قوانين تضع شروطا صارمة لبيعها، لكن مجلس الشيوخ رفض في أبريل/نيسان 2013 مشروع قانون بشأن توسيع التحريات والحصول على السجل العدلي لكل من يرغب في شراء قطعة سلاح عبر الإنترنت أوالمعارض.

أسلحة وجرائم
يشير الخبراء إلى أن هناك أكثر من ثلاثمئة مليون قطعة سلاح فردية في الولايات المتحدة، وأن أكثر الأسلحة المستخدمة في حوادث القتل هي البنادق نصف الآلية من طراز"AR-15″ والنسخة المعدلة منها طراز "M-16″ وطراز"M-4" المتميز بإطلاق النار بسرعات عالية متعددة الجولات، إضافة إلى بنادق من طرازي "AR-15S"، و"غلوك 10 ملم" و"سينغ سوير9 ملم".

أحداث
يعد إطلاق النار عام 2012 في مدرسة ابتدائية بمدينة نيوتاون في ولاية كونيتكت -والذي خلف مقتل 27 شخصا من بينهم عشرون طفلا- ثاني أسوأ حادث يقع في مدرسة بتاريخ أميركا بعد مجزرة فرجينيا تيك عام 2007 حين أقدم الطالب الكوري الجنوبي سونغ هيو شو على قتل 32 شخصا وإصابة 17 آخرين قبل أن ينتحر.

وقتل شاب -يدعى جيمس هولمز (24 عاما)- 12 شخصا وأصاب 58 آخرين بإطلاق النار خلال عرض آخر فيلم في مدينة أورورا بولاية كولورادو في يوليو/تموز 2012، وفي أكتوبر/تشرين الأول 2015 أدى إطلاق نار في كلية جامعية بمدينة روزبيرغ في ولاية أوريغون إلى قتل 13 شخصا وإصابة حوالي عشرين آخرين.

المصدر : الجزيرة

إعلان