للحفاظ على البيئة والمناخ.. مهندس عراقي يعمل على تطوير الطاقة المتجددة

عادل محمود (وسط) قرر مع أصدقائه المهندسين الاعتماد على الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء للمنازل (الجزيرة)

الأنبار- مع استمرار أزمة الطاقة الكهربائية التي يشهدها العراق منذ سنوات، قرر المهندس الاستشاري عادل حسن محمود العمل على إنتاج الطاقة المتجددة البديلة من خلال صناعة ألواح الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء وتوفيرها لمنزله، في محافظة الأنبار غربي البلاد.

وتمكن محمود بجهوده الذاتية من تحقيق النجاح لمشروعه، ويطمح أن يتم دعم هذا المشروع ليكون منتجا للجميع، خاصة وأن كل الوسائل الطبيعية مُتاحة على حد قوله، كما يسعى لإنجاح هذا المشروع وتطويره ورفع إنتاجه من أجل الحفاظ على البيئة وخفض الانبعاثات الضارة بهدف الالتزام بمقررات مؤتمر باريس للتغير المناخي.

حاجة ملحة

وفي حديثه للجزيرة نت يقول محمود (56 عاما) الحاصل على الدكتوراه في هندسة القدرة الكهربائية، إنه قرر تنفيذ هذه الفكرة عام 2016 بعد انتهاء المعارك التي شهدتها مدينة الرمادي وعودتهم من التهجير، حيث عانى من عدم وجود الطاقة الكهربائية وكان الاعتماد فقط على المولدات الأهلية الخاصة.

إعلان

وأضاف أنه اجتمع مع عدد من أصدقائه المهندسين وأخذوا على عاتقهم الاعتماد على الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء للمنازل، ليصبح منزله أول منزل في محافظة الأنبار يعتمد على الطاقة الشمسية بشكل كامل، لتتحقق الفكرة التي كان يعمل عليها منذ أن كان طالبا في الهندسة الكهربائية.

عادل محمود يطمح إلى دعم مشروعه وتوسعته ليكون منتجا للجميع (الجزيرة)

تطور المشروع

ويتكون المشروع بحسب محمود، من أجزاء أهمها الألواح الشمسية، والبطاريات، ومنظم الشحن والانفرتر (العاكسة)، وكل أجزاء المنظومة متوفرة في السوق حاليا بعد أن كانت شحيحة.

ويبيّن أن مشروعه توسع وقرر فتح مكتب باسم مكتب الشمس التقني لمنظومات الطاقة الشمسية، وأنجزوا العديد من المشاريع للمنازل والمشاريع الزراعية وله جدوى اقتصادية أفضل من تكاليف أجور المولدات، فضلا عن الجانب البيئي، وهذا المهم "لأنها تهم مستقبل العراق حيث تقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ولو اعتمد العراق كليا على الطاقة المتجددة لتغير مناخنا نحو الأفضل وعالميا يقل الاحتباس الحراري".

إعلان

ونوه محمود إلى أنه تدرب في ألمانيا مع شركة فليون الألمانية، ثم قام بتدريب الكادر الهندسي والفني.

وعن تكلفة المشروع أكد أن الكلفة متوسطة، وفي حال الحصول على الدعم من الممكن إنتاج الألواح الشمسية، لأنها أهم جزء وخصوصا لامتلاك العراق لمادة السيليكات بنسبة نقاوة 97%.

وأعرب محمود عن أمله في رؤية منازل العراق معتمدة على الطاقة الشمسية، مؤكدا سعيه الدؤوب لتطوير هذا المشروع.

جدوى المشروع

بدوره، يرى المهندس حسن عبد المجيد الهيتي مستشار محافظ الأنبار لشؤون الطاقة، أن العراق بحاجة إلى مثل هذه المشاريع، لأنها لا تحتاج إلى كلف عالية في الصيانة والتشغيل وكذلك توفر تكاليف الوقود الكبيرة والمرهقة.

وفي حديثه مع الجزيرة نت، رجح الهيتي نجاح مثل هذه المشاريع بالرغم من كلفة شرائها وتنصيبها، لأن الطاقة المرجو إنتاجها أقل من الطاقة التصميمية بكثير، والأنبار بأمسّ الحاجة إليها لعدم وجود محطات إنتاج كافية داخل أراضي المحافظة.

ويقدر مستشار المحافظ أن نسبة إنتاج المحطات الحالية لا تكاد تتعدى 15% من الحاجة الكلية للطاقة في المحافظة، وخلال الـ5 سنوات المقبلة ستبقى تعتمد على المحافظات المجاورة وعلى الحكومة المركزية في توفير الطاقة.

إعلان

وعن الجدوى الاقتصادية، يقول "إننا سنتخلى عن المولدات الأهلية، أما العلمية فإن هذا المجال جديد على العراق والعراقيين بالرغم من انتشاره في كل الدول المجاورة التي لديها نفط وغاز، ولهذا سيتعلم الجيل الجديد كل ما توصل إليه العلم من تطور في هذا المجال، كما أنه سيشغل أيادي عاملة كثيرة".

وكشف الهيتي عن مشاريع كبيرة يجري العمل عليها في هذا المجال تم إحالتها خلال هذا العام بهدف إنتاج 7500 ميغاوات، وقد أوصى مجلس الوزراء العراقي كافة الوزارات والمحافظات بتسهيل إجراءات توفير 10 آلاف ميغا خلال السنة المقبلة.

مشاريع رائدة

من جانبه، يتحدث مدير مركز بحوث الطاقة المتجددة في جامعة الأنبار المهندس وسام هاشم خليل عن وجود مشاريع أخرى مشابهة لهذا المشروع، حيث أشرف على تصميم منظومات طاقة شمسية يصل عددها إلى 7 في الجامعة ضمن مشاريع طلبة الدراسات العليا.

وبيّن للجزيرة نت أن المشروع مطابق لمواصفات الجودة، حيث تم اعتماد برامج تصميمية عالمية معتمدة فيما يخص منظومات الطاقة الشمسية التي تعمل على تحويل الإشعاع الشمسي إلى تيار كهربائي.

ويفضّل مدير مركز البحوث أن تكون هذه المشاريع قابلة للتوسع مستقبلا، وإضافة ألواح جديدة وبطاريات ومحولات التيار الكهربائي.

وأشار خليل إلى أن معدلات الإشعاع الشمسي في عموم العراق عالية جدا، والأنبار أيضا تتمتع بسطوع شمسي عالٍ، ولفترات زمنية طويلة، فالظروف مواتية لمثل هكذا مشاريع في العراق، مع ضرورة المحافظة على نظافة الألواح من الغبار.

وعن النظرة المستقبلية للمشروع يقول خليل: "شئنا أم أبينا سنتجه يوما إلى الطاقة الشمسية، لذا من الأفضل دخول هذه المنظومة مبكرا لتطوير هذه المشاريع، والتخلص من التلوث البيئي الحاصل بسبب الأعداد المهولة من المولدات التي تعمل بالوقود الأحفوري وانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يلوّث البيئة ويلقي بظلاله على النظام الصحي المتهالك في العراق".

المصدر : الجزيرة

إعلان